ميرال الطحاوي: المرأة المبدعة تعيش أسوأ مراحلها
تدين الأديبة ميرال الطحاوي لوالدتها بموهبتها الأدبية، فقد شجعتها على الكتابة ومواصلة مشوارها في عالم الإبداع على رغم البيئة البدوية المحافظة التي نشأت فيها، وقد وصفت الطحاوي شخصيتها في كتابها الأخير «امرأة الأرق» بأنها امرأة بدوية ساعدتها أمها لتكون كاتبة لها شأن كبير وأنها دخلت عالم الكتابة لتعيش حياة أخرى تحوز فيها حريتها التي لم تستطع الحصول عليها من خلال العادات والتقاليد... عن الأم وقيمة المرأة ومسيرتها الأدبية وأعمالها كان الحوار التالي.كيف بدأت الكتابة؟
بدأت الكتابة من خلال جمع الأغاني الشعبية النسائية. ولأن للبدو عاداتهم وتقاليدهم في دور المرأة وفكرة العشيرة والقبيلة والمحرمات، كنت أبحث عن أمور تحررني فوجدت في الكتابة الأدبية متنفساً لي، ثم صممت على استكمال دراساتي العليا، وشجعتني والدتي كثيراً في مواصلة مشواري حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن.من البيئة البدوية إلى البيئة المنفتحة في أميركا حيث تقيمين الآن، هل وجدت ما سافرت لأجله؟راودتني فكرة السفر منذ الصغر وبدأتها مبكراً من خلال المؤتمرات. أما العيش داخل أميركا فهو أمر مختلف تماماً، حيث الثقافة مختلفة والمقارنات دائمة بين الثقافتين العربية والأجنبية.في الرواية الأخيرة «امرأة الأرق»، أحاول عبور جسر الثقافة والصراع على الهوية والخصوصية، علماً أن تغير طريقة التفكير والعلاقات الأسرية يتركان أثراً على الإنسان عموماً وليس على الكاتب فحسب، فضلاً عن أن السفر يجعلنا نعيد التفكير في أنفسنا وموروثاتنا ونشعر بالحنين، فالأماكن هي التي تسكننا ولسنا نحن من يسكنها.هل ما زالت البيئة البدوية تسكنك على رغم سفرك إلى أميركا؟نعم. لا يستطيع إنسان أن يتخلص من تكويناته الثقافية، فالبيئة البدوية التي كتبت عنها جزء مني أحمله معي دائماً بكل قيمه، من حكايات الأم والجدة إلى شبكة العلاقات والعشائر التي لا يمكن التخلص منها بسهولة.انضممت إلى جماعة «الإخوان المسلمين» فترة من حياتك، ثم انفصلت عنها. لماذا؟لم أجد نفسي في الجماعة فتركتها بعد مراجعات فكرية للمقولات كافة التي أبهرت بها وهي التجربة التي يمر بها المجتمع المصري الآن. تيار الإسلام السياسي تيار غير منزه عن الأخطاء فيه عيوب ومميزات، من بينها البراغماتية السياسية.انتميت إلى هذا التيار لأنه كان إحدى التجارب المطروحة للنضال السياسي والتمرد، أما اقتناعي الشخصي بأن التيار الإسلامي السياسي سيأتي بمجتمع مغاير فهذه تجربة على المحك الآن، فمن خلال تجربتي الشخصية وجدت ضيق أفق ووجود عشائرية واستخدام للدين بشكل خاطئ. ولست الوحيدة التي قامت بالمراجعات الفكرية. عموماً، كل تيار سياسي له تطلعاته وتصوارته عن الدولة الدينية وأنا أختلف مع كل تيار من التيارات الإسلامية المتعددة. تضمنت روايتك «الباذنجانة الزرقاء» هجوماً على التيارات الدينية والمدنية في آن، كيف ترين دورهما؟التيارات الدينية متشددة والعلمانيون يفهمون الحرية بطريقة خاطئة، وهذا ما رصدته في روايتي «الباذنجانة الزرقاء» موضحة أن كلاً من التيارين مشوهان ولا يملكان الرؤية السياسية، وهذا نتيجة النظام القمعي الذي عانته مصر والذي حارب التيار الديني ووضعه في السجون تحت الأرض، فأصبح تياراً غير قادر على المشاركة. أرى أن على التيار الإسلامي الوقوف إلى جوار الحرية التي طالب بها خلال العقود السابقة، لأن الحرية أساس الدول المتقدمة، وعلى الجميع إعلاء مصلحة الوطن على المصالح الشخصية.ما رأيك في الحياة الثقافية في مصر الآن؟دخلنا عالماً فوضوياً لا ملامح له تشير إلى أي مستقبل، وهذا نتاج ما مررنا به من فساد اجتماعي وثقافي. عموماً، المثقف ابن بيئته وازدهار الحياة الثقافية جزء من الحياة السياسية ونضجها وأي ترد في الأخيرة ينعكس على الثقافة. ونلاحظ أن حقيبة الثقافة في العهود البائدة لم تلق أي اهتمام، وتم تهميش دور المثقف وإفساد الإعلام وأصبحت الكتب منتجاً استهلاكياً، علماً أن كل دولة لديها منتج ثقافي استهلاكي ومشروعها القومي، فيما نحن نفتقد إلى الاثنين. حتى إن النشر في الحياة الثقافية أصبح يعتمد على التسويق وباتت الحياة الثقافية فوضوية تقوم على المصالح الشخصية، ولا تؤدي إلى أي شكل من أشكال النهضة.لماذا يقل عدد الكاتبات في عالمنا العربي؟عدد الكاتبات في جيلي كان أكثر من الكُتاب وهن أكثر من حصل على الجوائز، ما شكل انعكاساً لمشاركة النساء في الحياة العامة وفرصة للمرأة عموماً، غير أن هذه المرحلة التي نمر بها الآن هي الأسوأ بالنسبة إلى المرأة الكاتبة في العالم العربي.كيف تؤدي الترجمة دوراً في تحسين صورة المرأة والإسلام؟ليست وظيفة الترجمة أن تحسن صورة الرجل أو المرأة أو الإسلام. أصبح العالم قرية صغيرة وساعدتنا الترجمة في التعرف إلى الكُتاب الأجانب والثقافات الأخرى، لكن المشكلة في العالم العربي تكمن في اختيار الكتب التي تتم ترجمتها للتمثيل العربي، حيث تفرض رغبة السوق نفسها. ومن العوامل السلبية في الترجمة أنها أصبحت سوقاً مفتوحة، فلا تجد أن الترجمات كافة ذات قيمة، فضلاً عن أن المترجم لا يعرف أحياناً قيمة ما يترجمه.ماذا عن كتابك الأخير «امرأة الأرق»؟الكتاب سيرة وليس رواية، إذ يتضمن سيرة لقراءاتي وتصوراتي عن الحياة والكتابة والأمور التي شكلت مخيلتي، وذكرت فيه طقوس الكتابة وأزمتها والنصوص التي استوقفتني والأساطير التي شكلت وعيي، فضلاً عن تطرقي إلى الكتاب الكبار وسيرهم. بكلمات أخرى، الكتاب سرد حكائي لا يمكن تصنيفه، فالكاتب أحياناً يتجنب الوصف الأدبي لكتاباته كي يكتب بحرية.