المستشار إمام: تعديل المادة الثانية يضع الكويت في مأزق
الملا: مشروع لنسف دستورنا ولا نضمن بعده رفض قوى للحكم الوراثي
رفض المستشار شفيق إمام مطالبة بعض نواب مجلس الأمة الاسلاميين بتعديل المادة الثانية من الدستور، مشيرا الى ان ذلك من شأنه أن يعرض الكويت للخطر، ويضعها في مأزق كبير، وسيكون ثمن تطبيق هذا الأمر باهظا على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وقال إمام، خلال ندوة «تعديل المادة الثانية من الدستور» بحضور النائب السابق صالح الملا وأحمد المنيس، إنه «ليس من حق أي جيل ان يفرض أفكاره على الأجيال المقبلة»، مشيرا إلى انه «قبل البت في التعديل يجب مراعاة احكام الشريعة التي يريد البعض تطبيقها، وكيفية مواكبتها للمتطلبات المحلية والدولية في جميع المجالات» لافتا الى ان الدستور حدد جميع المتطلبات الاسلامية من خلال مواده، بما يتناسب مع كل مجالات الحياة، ولم يغفل الحضارة الإسلامية.طرح محزنوأضاف: «أنا حزين لوصولنا في الكويت الى هذه المرحلة من الطرح» موضحا ان «تعديل المادة الثانية سيؤدي الى تقييد المجتمع بأمر مجهول، واذا تم وضع الشريعة الإسلامية على انها المصدر الوحيد للتشريع فستكون الكويت في مأزق خطير، وهذا الأمر يلزم الكويت بتجنيس كل الوافدين وكفالة العمل لهم والسكن».وبيَّن ان المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور، كانت محور مقالاته متعددة له «لماذا كل هذا العناء؟» و«في ملتقى أسلمة القوانين» و«الشريعة الإسلامية بين من أنصفوها ومن أنكروها ومن جمدوها»، وهي المقالات التي نشرت في جريدة «الجريدة».وأشار الى انه مثلما «حرصت على حضور (ملتقى أسلمة القوانين) فقد حرصت كذلك على حضور (ملتقى النهضة) الشبابي، وقد أمتعنا د. شفيق الغبرا بمحاضرته القيمة عن الحرية في اليوم الأول من الملتقى، وكان أحد محاور المحاضرة والمداخلات الكثيرة هو محاولة أحد التيارات إقصاء التيارات الأخرى عن المشهد السياسي، وعن صنع مستقبل الأمة، موضحا أنه أدلى بدلوه في كلا الملتقين، حول تعديل المادة الثانية من الدستور، الذي «اعتبرته في (ملتقى النهضة) إقصاءً للكويت عن ركب الحضارة الإنسانية».نصوص الدستوروذكر المستشار إمام ان «الأصل في الدستور أن نصوصه وأحكامه تعتبر وحدة واحدة، تتكامل فيما بينها، بحيث يسود هذه الأحكام التناغم، بما ينأى بها عن التعارض أو التهاتر، ولأن الدستور وحدة واحدة، فإن المادة الثانية منه لا تنفصل عن بقية مواده، ذلك أن تعديلها، لكي تكون (الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع)، ليس إقصاءً للتيار الليبرالي، أو استئثاراً للتيار الإسلامي فقط، بل هو إقصاء للكويت كلها عن ركب الحضارة الإنسانية. وأوضح أن المادة الثانية من الدستور في خطابها للمشرع باعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع، قد بوأت الشريعة الإسلامية المكانة اللائقة بالفقه الإسلامي، وهو ما يتناقض ويخالف مخالفة صريحة المادة (12) من الدستور التي تنص على أن «تصون الدولة التراث الإسلامي وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية»، لأن اقتصار مصادر التشريع على مصدر وحيد، هو الشريعة الإسلامية، يتناقض مع واجب الدولة في الإسهام في ركب الحضارة الإنسانية، كما يعد إقصاء للكويت عن ركب هذه الحضارة. التعديل يعطل الأحكاموأضاف أن هذا «التعديل سيعطل أحكاماً أخرى في الدستور، ومنها المادة (27) التي نصت على أن الجنسية الكويتية يحددها القانون» لافتاً إلى أن «اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً وحيداً للتشريع، سيغل يد المشرع في تحديد من يعتبر كويتياً، لأن على المشرع في هذه الحالة أن يعتبر كل مسلم في دار الإسلام مواطناً يتمتع بحقوق المواطنة كاملة، لأن الجنسية في هذه الشريعة مرادفة للإسلام، أما مصادر التشريع الأخرى فتعتبر الجنسية مظهراً من مظاهر سيادة الدولة على أراضيها، تمنحها لمن تراه مستحقاً لها، والولاء للدولة هو أساس منح الجنسية، فضلا عن مخالفة المادة (36) من الدستور».الحكم الوراثيمن جهته، قال النائب السابق صالح الملا «اننا لا نضمن ان تأتي قوى سياسية بعد تعديل المادة الثانية من الدستور لتقول برفض الحكم الوراثي» لافتاً إلى ان «تعديل هذه المادة كارثة والهدف الأساسي من هذا الموضوع السيطرة على المجتمع» مصنفا اسباب الدعوة لتعديل المادة الثانية إلى عدة أقسام، فمنها ما هو «لإبراء الذمة، والآخر قسم يريد إظهار القوى وفرد العضلات ليشرع تشريعات تقيد الحريات، والقسم الثالث يطالب بحسن نية من قبل المواطنين، حيث انهم يعتقدون ان ذلك سيمهد للدولة الفاضلة».وأضاف الملا: «أنا أعرف جيدا نوايا الدعوات النيابية لتعديل المادة الثانية للدستور، مشيرا إلى ان «هذا الأمر يتعارض مع الدستور، وتعديل المادة الثانية يعتبر نسفا للدستور ابتداء من سيادة الدولة والمواطنة» مشيرا الى انه بتعديل هذه المادة «لا يمكن الاعتراف بالدولة المدنية، وستهذب سيادة الأمة ويكون للمسلم الوافد الحق في كل شيء، وهذا الأمر يتعارض حتى مع نظام الحكم».تكسب سياسيإلى ذلك، اتفق الكاتب أحمد المنيس مع الملا، قائلا ان «هناك أشخاصا لا يعرفون ما وراء قضية تعديل المادة الثانية من الدستور» متسائلا «كيف سيتم التعامل مع أصحاب الديانات الآخرى والاتفاقيات الأمنية، وكيف ستنظم وفق للشريعة الإسلامية الاتفاقيات الاقتصادية، فضلا عن التعامل مع البنوك الإسلامية» لافتا إلى ان الهدف الأبرز من هذا الأمر التكسب السياسي.وأضاف «مع الأسف إذا طرح استفتاء حول هذا الموضوع فستصوت الأغلبية مع التعديل، لكن إذا قلنا لهم ان الوافد سيشارك الكويتي في كل شيء فسيتم التصويت ضده».