عملكِ... لستِ مجرد موظفة
العمل هو جزء من حياة نساء كثيرات في هذه الأيام. إنه نشاط حيوي يسمح بتلبية مختلف الحاجات الحياتية، لا سيما إذا كانت المرأة عزباء أو مطلقة. بالتالي، يجب ألا يستخف أحد بهذا الموضوع. حين تعجز المرأة عن تقييم أهمية عملها، قد يصبح الوضع معقداً أو حتى مأساوياً في بعض الحالات.
أصبح عمل المرأة ظاهرة مهمة منذ 40 سنة تقريباً. اليوم، تنجح المرأة في مرحلة الدراسة المدرسية ثم في الجامعة وتتولى مناصب إدارية مرموقة في المؤسسات العامة والخاصة. حتى إنها أصبحت في بعض المجتمعات جزءاً من الحياة السياسية. باختصار، زادت انشغالات المرأة بنسبة هائلة واتسع نطاق مسؤولياتها.لكن لم يغيّر انخراط المرأة في مجال العمل جميع العادات المترسخة في المجتمعات، إذ تتابع المرأة الاهتمام بمنزلها وأطفالها حتى الآن. قد تضحي المرأة في بعض الحالات بمستقبلها المهني للتفرغ لعائلتها. من هنا، تبرز أهمية تقييم المهنة في حياة المرأة لأن العوائق التي تواجهها هذه الأخيرة أصبحت كثيرة.إبداء المصلحة الشخصيةبغض النظر عن طبيعة المنصب الذي تتولاه المرأة، يجب أن تحصل على التقدير الذي تستحقه، ذلك لأسباب شخصية ونفسية ومالية. كيف يمكن أن تحصل المرأة على ترقية في عملها إذا كان رب العمل لا يعلم بوجودها أصلاً؟! تزداد المشكلة تعقيداً إذا كانت المرأة في مركز إداري مهم ولا تجيد التعامل مع الموظفين الآخرين ولا تقدّر أهمية منصبها.قد تكون المرأة كفوءة ولامعة جداً، لكن لا يعني ذلك بالضرورة أنها تتمتع بثقة عالية في النفس. حتى لو كانت بارعة في واجباتها المهنية، لا يحتّم ذلك أن تكون بارعة أيضاً في التواصل مع الآخرين داخل الشركة. يفضل بعض النساء انتظار أن يلاحظ رب العمل مدى براعتهن وأن يتخذ بنفسه قرار الترقية والمكافأة. لكن قد لا يحصل ذلك إذا حافظت المرأة على موقف سلبي ولم تجهد لإثبات نفسها لأن العمل الممتاز يُعتبر في غالباً أمراً طبيعياً وواجباً إلزامياً، لا سيما أن المرء يميل بطبيعته إلى التركيز على الأخطاء أكثر من الإنجازات.من الضروري إذاً أن تتوصل المرأة إلى تقييم أهمية عملها وأن تتعلم كيفية المطالبة بالترقية بنفسها. لكن من المعروف أن نسبة كبيرة من النساء تجد صعوبة في التحدث بالمواضيع المالية والمطالبة بحقها بطريقة مباشرة. لذا لا بد من ابتكار بعض الطرق الفاعلة منعاً لإهدار حق النساء العاملات. بدل أن تتحسر المرأة عند رؤية تقدم الآخرين في عملهم، يجب أن تتحرك وأن تستخلص بعض الدروس المفيدة من تجارب الآخرين.بعض الخطوات الإيجابية-1 التعرف إلى رب العمل: في المقام الأول، يجب أن تفهم المرأة نمط العمل وتراتبية المراكز داخل الشركة. كذلك، يجب أن تفهم حقيقة نفوذ الشخص المسؤول عنها وصلاحيات مركزه مقارنةً بالمديرين الآخرين. هل يستطيع اتخاذ قرارات حاسمة بشأن ترقية الموظفين؟ يجب أن تتعرف الموظفة إلى ذلك المسؤول وأن تثبت قدراتها ومهاراتها أمامه كي تستحق التقدير.-2 أخذ المبادرة: لا بد من وضع خطة عمل واضحة وتنفيذ بعض الأفكار الفاعلة: - طلب اجتماع مع رب العمل أو مع زملاء العمل لاقتراح مشروع مدروس يسمح للمرأة بإثبات مهارتها وقدرتها على توزيع المهام وتحديد مسؤوليات فريق العمل.- طلب الاهتمام بملف يصعب أن يعمل عليه أي كان. إنها مبادرة مثيرة للاهتمام وهي تثبت وجود حماسة للعمل. إذا رفض رب العمل، يمكن استغلال تلك الفرصة للتناقش معه حول قلة الثقة ومشاكل أخرى.- عدم التردد في التعبير عن النفس عندما تسنح الفرصة لإظهار اهتمامك بمختلف المشاريع والأعمال.- التفاعل مع مختلف الأحداث والقرارات والمطالبة بتمديد مهلة المشاريع عند الحاجة.-3 تعلم كيفية التواصل: يتوقع رب العمل أداء عمل مثالياً. لكن يجب أن تتعلمي كيفية إبراز مهاراتك من دون الخوف من التعبير عن رأيك، شرط أن تفعلي ذلك بكل ثقة وبطريقة إيجابية. لكن لا يتمتع الجميع بهذه الصفات لأن البعض لديه موهبة طبيعية في فن الخطابة بينما يتوتر البعض الآخر حين يضطر إلى التحدث علناً أمام مجموعة من الناس. لكن يمكن تعلم بعض التقنيات الفاعلة في هذا المجال للتخلص من الخجل. إنها جهود ضرورية إذا أرادت المرأة التقدم في عملها وإثبات إنجازاتها. على صعيد آخر، يجب أن يتذكر الجميع أن رب العمل يحب أن يسمع الحلول الفاعلة بدل الإصغاء إلى الشكاوى ومعالجة المشاكل طوال الوقت.-4 جذب الانتباه: تتعلق هذه الخطة بحشد العوامل اللازمة لتفعيل عملية التواصل مع الآخرين في مكان العمل. من الضروري أن تكوني مرتاحة بمظهرك الخارجي وأن تعززي ثقتك في نفسك. يجب أن تقتنعي بأهمية جذب الانتباه إليك من خلال عملك في المقام الأول، ثم من خلال شخصيتك ومظهرك أيضاً. بالتالي، تتعدد العوامل التي تساهم في «تسويق» الذات، أبرزها جودة العمل وكمية المهمات المنجزة. إذا كنت مقتنعة بأن نوعية عملك ممتازة، فيجب أن يكون راتبك مناسباً مع أدائك. لكن يحتل المظهر أهمية كبرى في هذا المجال أيضاً. عند التفاوض حول موضوع معين، يجب أن يشعر الشخص بثقة كاملة شكلاً ومضموناً. حين يُجمع الزملاء والمديرون على مهارة شخص معين، يحصل هذا الأخير على التقدير الذي يستحقه.-5 التدريب: يجب أن يخضع الموظفون لتدريب دوري لأجل تحسين أدائهم، ومن الأفضل أن يحصل ذلك في إطار المؤسسة لأنها عملية مكلفة. من المفيد طبعاً تعلم مهارات التحدث علناً وفك رموز لغة الجسد مع أن البعض لا يركز على هذه الأمور على رغم أهميتها. من المزعج الإصغاء إلى شخص يجد صعوبة في التعبير عن نفسه أو يتكلم بنبرة رتيبة ومملة. على صعيد آخر، يجب أن يتعلم كل شخص يتولى منصباً إدارياً كيفية التواصل مع الآخر وأن يكتسب تقنيات التفاوض. يُعتبر التدريب ضرورياً في هذا المجال ويمكن الاستفادة كثيراً من تلك الجلسات المكثفة، ما ينعكس إيجاباً على الأداء عموماً. كذلك، يعني طلب الخضوع للتدريب أن الموظف يرغب في تحسين نفسه والاضطلاع بمسؤوليات أكبر، ما يثير إعجاب رب العمل حتماً. يمكن أن يكون هذا الموضوع فرصة للتناقش بأمور عدة.-6 المثابرة: الصبر عامل أساسي لإحراز التقدم. من الضروري إذاً القيام بمختلف الواجبات على أكمل وجه وبشكل منتظم، مع الحرص على إعداد تقارير دورية ومذكرات بمختلف الأعمال المنجزة لإبلاغ المسؤولين بما يحصل في المؤسسة. كذلك، تشكل دقة المواعيد عاملاً أساسياً في مختلف المهن. يجب ألا يستسلم الموظف إذا لم يحقق أهدافه من المرة الأولى، بل أن يثابر حتى بلوغ الهدف. في زمن الأزمات الاقتصادية راهناً، قد تبدو فرص التقدم ضئيلة، لا سيما على المستوى المالي. لكن على رغم ذلك، ثمة مجال لاقتناص الفرص دوماً. الرقابة الذاتية هي الطريقة الفضلى لتحقيق الأهداف المنشودة.أهمية تقدير الذاتمن المفيد أحياناً أن تقيّم المرأة عملها لإرضاء ذاتها بكل بساطة. قد تفتقر إلى الحوافز اللازمة إذا بقيت مجرد موظفة صغيرة في شركة عملاقة، ولا سيما إذا تواجدت في بيئة لا تكافئ من يستحقون. يجب أن تعترف كل امرأة بأن عملها مهم ومثمر كي تتمكن من استعادة ثقتها بنفسها وكي تقدّر أهمية ما تفعله. يجب أن يشعر الجميع بالمتعة في العمل وألا يترقبوا رواتبهم في نهاية الشهر حصراً. صحيح أن المردود المالي له أهمية كبرى في هذه الأيام، لكن قد يؤدي الانزعاج في بيئة العمل إلى ترسيخ الكآبة والإحباط في الحياة اليومية.بغض النظر عن المنصب الذي تشغلينه، يجب أن تقتنعي بأهمية ما تفعلينه وألا تتأثري برأي الأشخاص الذين يريدون إحباطك!