إبراهيم العطية: التشكيليون يتجهون إلى الفن الحديث هروباً من الواقعي

نشر في 25-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 25-07-2012 | 00:01
يهوى الفنان التشكيلي إبراهيم العطية المدرسة الواقعية، خصوصاً رسم الشخوص و«البورتريهات»، إلا أن عشقه هذا لم يثنه عن خوض تجارب فنية خاصة في الرسم التجريدي الحديث، من منطلق المواكبة والمعاصرة. «الجريدة» التقته وأجرت معه الحوار التالي حول واقع الفن التشكيلي محلياً وتجاربه في رسم «الكاريكاتور»، إضافة إلى طموحاته الفنية المستقبلية.

ما رأيك في واقع الفن التشكيلي في الكويت؟

شخصياً، أرى أن الفن التشكيلي في الكويت ممتاز، فثمة فنانون مبدعون وأعمال ذات مستوى رائع ومتقدم، لكن السيئ وما يزعج غالبية الفنانين هي كثرة المشاكل والمشاحنات الدائمة والأزلية، بين جمعية الفنون التشكيلية والمجلس الوطني، والتي بدورها أثرت بشكل مباشر على علاقة الفنانين بعضهم ببعض، وعلى تقدم الحركة التشكيلية المحلية. أتمنى أن تزول هذه المشاكل كي ننعم ببيئة فنية هادئة بعيدة عن النزاعات.

لديك مهارات خاصة في رسم «البورتريه»، حدثنا عن عشقك لهذا الفن تحديداً؟

عشقت البورتريه منذ الصغر، وكان غالباً ما يعتريني هاجس لاكتشاف وجه الإنسان وعظمة الخالق الذي صوره بأجمل صورة، لذا وجدت نفسي أميل بصورة كبيرة إلى التعرف إلى أجزاء الوجه ودراستها، ذلك باستخدام الرصاص، إضافة إلى الإحساس الرائع الذي يعتريني عندما أرسم العين بإضافة الظل والنور وغيرها من تقنيات، مجسداً بدوري رؤيتي الخاصة. وعلى رغم حرصي الدائم على رسم «البورتريه»، لا يزال وجه الإنسان بمثابة حلم أعيشه وأكتشف روعته كل يوم من خلال عملي كرسام بورتريه في جريدة «النهار».

بدأ كثير من الفنانين في اللجوء إلى المدارس الحديثة والمعاصرة في أعمالهم، لماذا في رأيك؟

يأتي اتجاه الفنانين إلى الفن الحديث من منطلق مواكبتهم النهضة الفنية الحديثة، فالفنان في حالة تطوير دائمة. لكن للأسف يتجه بعض الفنانين التشكيليين إلى الفن الحديث هروباً من الرسم الواقعي، جراء ضعف قدراتهم الفنية، ويرسم البعض الآخر التجريدي الحديث بعشوائية واضحة تنم عن جهله بالفن المعاصر.

رؤية فنية

على ماذا تعتمد في تجسيد رؤيتك الفنية الخاصة؟

غالباً ما أحرص على تأليف لوحاتي من خلال أعمال تراكمية، حيث أبدأ باختيار مجموعة من الألوان، ومن ثم ابتكر رؤية جديدة كي يكون العمل مميزاً وغير متكرر أو منقول.

حصلت على جوائز تشجيعية عدة، هل للجائزة تأثير على أداء الفنان؟

قد تؤثر الجائزة على أداء بعض الفنانين، كون الفنان حساساً جداً بطبعه. لكن من وجهة نظري، أجد أنه من المهم أن يعمل الفنان لفنه حباً في عمله كفنان وألا تؤثر فيه الماديات.

على رغم هذا، ثمة اعتراض واضح من بعض الفنانين على تكرار أسماء بعينها سنوياً لنيل جوائز تشجيعية من الدولة، ما تعليقك؟

الجائزة الفنية هي ثمرة نجاح الفنان وليست الماديات، فالعمل الناجح يفرض نفسه في الأحوال كافة. لكن أحياناً يأتي منح الجوائز كما يشتهي المحكمون ويهوون، فبعضهم مثلاً لا يفضل العمل الواقعي ويتجاهل الأعمال الواقعية الجيدة ويخرجها من المنافسة، كون هذه المدرسة لا تستهويه، لذا من المهم أن يحرص القيمون على هذه النوعية من المسابقات على تشكيل لجنة تحكيم من الخارج، تكون حيادية ومختلفة في كل معرض.

الواقعي والتجريدي

إلى ماذا تميل في أعمالك، إلى الفن الواقعي أم التجريدي، وما السبب؟

من المهم أن تستهوي الفنان المدارس الفنية كافة، كي يتسنى له التعرف إليها عن كثب ليكتسب خبرات تنمي قدرته على الابتكار من خلال المخزون الناتج من الممارسة المستمرة. رسمت في بدايتي لوحات من مدارس عدة بدءاً بالواقعية والتأثيرية والوحشية ووصولاً إلى التجريدية الحديثة، حرصاً مني على مواكبة العصر وتطوير نفسي كفنان حديث ومعاصر.

انتشرت في السنوات الأخيرة المعارض و{الغاليريهات» الخاصة، ما رأيك في هذه الظاهرة، وهل تخدم بدورها الفن والفنانين؟

«الغاليريهات» ودور العرض الخاصة فكرة جميلة جداً، وأتمنى أن تكون ذات نطاق أوسع، فنحن بحاجة إلى الانطلاق في هذا المجال لمجاراة الدول التي سبقتنا فنياً. في الكويت عدد لا يستهان به من الفنانين الذين يحتاجون إلى هذه النوعية من دور العرض الخاصة كي تتبناهم وينطلقون من خلالها، فالفنان كالطير لا يعيش من دون حرية الاختيار والتعبير والتحليق بإبداعاته.

الكاريكاتور

لديك تجارب في رسم {الكاريكاتور» حدثنا عنها؟

لست فنان «كاريكاتور»، لكن دخلت هذا المجال كتجربة خضتها كفنان في جريدة «النهار». في الأساس، أرسم الشخصيات وأفضل «البورتريه»، لكن لا أستطيع أن أنكر «الكاريكاتور» فن راق، لا يقل إبداعاً وفناً عن غيره من الفنون، ذلك عبر اختيار الفكرة الساخرة لتوصيل المعلومة أو القضية. ويتميز هذا الفن بأن لكل فنان شخصياته وقضاياه الخاصة، ما يجعل منه فن فريد ومميز وخاص.

هل نال «الكاريكاتور» حقه من الدعم والتشجيع محلياً؟

فن «الكاريكاتور» في الكويت مهمل ولا يلقى الدعم، ويقتصر على مجموعة رسوم في صفحات الجرائد اليومية، ينتقد فيها الفنان الوضع الحالي. لكن في الدول الأخرى، نجد بأنه مختلف وله أهمية كبيرة لا تقل عن بقية الفنون، ناهيك بالمجلات والإصدارات الخاصة به. أتمنى أن يلقى الكاريكاتور الدعم أو أن تصدر مجلة تخدم هذا الفن الرائع بأسلوب حديث ومعاصر.

اعتمدت في بعض أعمالك على تجسيد الشكل الهندسي المستوحى من حياة أهل البادية، حدثنا عن مدى تأثرك بالبيئة من حولك؟

استخدمت في لوحاتي الحديثة رمز المثلث الموجود في السدو، وهو رمز للهضبة عند أهل البادية واستعملته بشكل كبير وصغير وبألوان متنوعة ومعاصرة، لمواكبة الفن الحديث ولأقدم عملاً جديداً وبسيطاً ومبتكراً وفيه شخصيتي الجديدة. وضعت حروفاً عربية في أرضية اللوحة، كون أهل البادية مشهورين بالفصاحة والشعر، ولأقدم في النهاية لوحات لونية ذات طابع عربي. هذه إحدى التجارب الخاصة بي، والتي من المفترض أن انهيها كي أبدأ مجدداً البحث عن ضالة جديدة وفكرة مميزة أعمل من خلالها لتطوير عملي وحياتي، لأن لوحة الفنان هي تعبيرات داخلية ملونة، تحثه في الغالب على الابتكار والإبداع.

كانت لك معارض مشتركة مع النحات عبد الرحيم العطية، حدثنا عن النقطة التي يلتقي فيها هذا الثنائي المبدع فنياً؟

تربطني بالفنان عبد الرحيم عطية صلة قرابة فهو ابن خالي، إضافة إلى الرابط الروحي المشترك وهو الفن. جاء هذا التقارب الفني في معرض مشترك جسدنا من خلاله الحروف العربية، بطريقة حديثة ومبتكرة، أتمنى أن تتكرر في القريب العاجل إن شاء الله.

ما هي طموحاتك المستقبلية على الصعيد الفني؟

تكمن خططي المستقبلية في المشاركات الخارجية والعالمية، إضافة إلى تجهيز معارض جديدة أقدم من خلالها أعمالاً مميزة بأساليب حديثة ومبتكرة.

back to top