عليكم بالتكاثر

نشر في 26-04-2012
آخر تحديث 26-04-2012 | 00:01
No Image Caption
 ضاري الجطيلي الزواج أولى من دراستك...

لأنك ستتخرج من الثانوية وتنتظر سنة حتى نوفر لك مقعداً في الجامعة، ثم ستدخلها ويتأخر تخرجك سنة أخرى لأن الشُعب مغلقة، ولكن لا تقلق، سنعطيك 200 دينار لأنك طالب تستحق مكافأة كي تشتري الـ"لكزس"، "فشلة متزوج وسيارتك هوندا". وتذكر أن الزواج سيحميك من خطر الاختلاط في الجامعة.

الزواج أولى من وظيفتك...

لأنك ستتخرج من الجامعة ولن تجد فرصة عمل، وجلوسك في البيت يعرضك للانحراف، فتزوج ولا تقلق، سنصرف لك بدل بطالة كي تشتري الـ"آيفون" الجديد، ثم سنوظفك بوزارة الأوقاف حسب شهادتك في البيولوجيا الجزيئية، وسنرسلك إلى دورات تدريبية لكي تتعلم كيف تقول "راجعنا باكر، المسؤول مو مداوم، الكتاب ما وصل من السجل، وخل السكرتيرة تختم لك". وسنعطيك راتباً لتصرف ثلثيه على الإيجار لأن بيتك لن يكون جاهزاً قبل دخول ابنك الثانوية.

الزواج أولى من مشروعك...

لأن موظف التجارة لا يداوم قبل "ثمان ونص"، وموظفة الشؤون مشغولة بـ"صمونة بطاط وبيديان"، ورخصة البلدية بدون "دهان سير" تأخذ ستة أشهر، فبينما تنتظر تزوج وشارك مع زوجتك بمعرض "كب كيك" وسمه "مشروع". ثم ألا تعلم أننا سنزيد رواتب أقرانك على أي حال وسيصبح مشروع حياتك هو الحصول على وظيفة في الحكومة؟

الزواج أولى من ربعك وطلعتك وسفرتك...

لأننا لن نسمح لك ولربعك بدخول المجمعات وارتياد الشاليهات والفنادق أو السكن لوحدك إلا إذا زورت عقد زواج أو استعنت بصديق متزوج. تزوج واستمتع بالسياحة في الأبراج والمدينة الترفيهية ومتنزه الخيران، وتمتع بما لم يلوث بعد من شواطئ الكويت، ولكن احرص على ألا تظهر زوجتك ساقيها "وإلا شيقولون الناس عنك؟"، وسنعطيك من الكوادر والعطل ما يكفي لتسافر وتقضي حتى عيدك الوطني في الخارج، كما يفعل من تقتدي بهم.

تزوج، لأننا مجموعة موظفي وزارة، نفتقر لأي رؤية أو هدف "وما عندنا شغل"، نصبنا أنفسنا أوصياء نحدد لك أسلوب حياتك، ولدينا ميزانية سنوية لا نعرف كيف نصرفها، قررنا أن الزواج أولى من كل شيء. ولأننا بدرجة من الذكاء والعمق لنضع تعليمك ووظيفتك ومشروعك بنفس منزلة "ربعك وطلعتك وسفرتك"، فنحن بالنهاية انعكاس لهذا المجتمع وطريقة تفكيره، ولأننا بدلاً من دراسة أسباب العزوف عن الزواج وازدياد حالات الطلاق وتقديم الحلول لتحقيق ما سيلزم أبناءك من تعليم وعمل وسكن، قررنا أن نحثك على الزواج، ليس لهدف سوى الزواج، حتى ينتهي بك الأمر إما أن تغدو رقماً آخر في إحصاءات الطلاق التي نعدها ونتفرج عليها، وإما أن يأتي ابنك ليلومك على الرواتب والكوادر التي سرقت بها مستقبله وكل الفرص والأمان والأحلام التي حرمته منها، ويلعن من "شار" عليك بالزواج.

بلدك بلا رؤية، حكومتك وبرلمانك بعيدان عن همومك، تعليمك وعملك وسكنك تحولت من أساسيات إلى أحلام، تحتاج إلى الواسطة والرشوة لتنال حقك، كل من حولك يفهم بالسياسة ولا يعمل، إبداعك يقتله الروتين والفساد وعقدة النقص في غيرك، وكل وسائل المرح والترفيه هجرتك، فكيف تتغلب على كل ذلك؟... عليك بالتكاثر.

back to top