الأديب هدرا جرجس: إلغاء وزارة الثقافة مفتاح نهضة الإبداع في مصر

نشر في 06-08-2012 | 00:01
آخر تحديث 06-08-2012 | 00:01
No Image Caption
طالب الأديب المصري هدرا جرجس بإلغاء وزارة الثقافة من تشكيلة الحكومة المصرية الجديدة، لأن «الثقافة» تملك أبعاداً متعددة لا تحتاج إلى وصاية حكومية لمراعاتها.

وأبدى هدرا، الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية أخيراً، تخوفه على الإبداع في ظل سيادة تيار الإسلام السياسي على الحكم، وقال في حوار مع «الجريدة» إنه يخشى على المبدعين «من شرور أنفسهم» عندما يضعون رقابة ذاتية على أنفسهم، وفيما يلي نص اللقاء.

كيف تنظر إلى حصولك على جائزة الدولة هذا العام؟

سعيد بحصولي عليها، خصوصاً في هذه الأيام الفارقة في تاريخ مصر، لكن لا أتمنى أن تسير الأمور كما كانت عليه في ظل النظام السابق الذي كان يكره الثقافة والمثقفين، وتحولت خلاله الجوائز إلى مجرد شيك مصرفي يتسلمه المبدع من موظف في المجلس الأعلى للثقافة. أعتقد أن الجائزة صححت مسارها هذا العام وانتصرت للشباب في المجالات كافة، غير أن آلية جوائز الدولة المعمول بها قبل الثورة كما هي لم تتغير، والمطلوب تغيير جذري في تشكيل المجلس الأعلى للثقافة، وفي آلية منح الجوائز، وإعادة النظر في نظام التصويت.

يصنف النقاد روايتك «بالضبط كان يشبه الصورة» الحاصلة على الجائزة بأنها متتالية قصصية وليست رواية، ما رأيك؟ وما الدافع إلى كتابتها بهذا الشكل؟

نعم هي ليست رواية بالمعنى التقليدي، وأميل إلى تسميتها بالمتتالية حيث تسير الأحداث بشكل متتالي، فضلاً عن أن مضمون العمل هو ما يفرض الشكل، وقد كتبتها في الأساس كنوع من البحث عن شيء ما مفقود لطالما بحثت عنه في عائلتي، وانطلقت من صورة قديمة لجدي «رجل الدين» وصفتها وصفاً دقيقاً في هذه المتتالية كصورة للأنبا إستفانوس نفسه وهو أحد أبطال تلك النصوص، وحفزني لكتابة تلك المتتالية. رجل لا أعرفه، شيخ تجاوز الستين اسمه «مأمون الشندويلي»، قابلته صدفة في مؤتمر أدباء مصر الذي عقد في مدينة سوهاج في 2006، وكعادة أهل بلادنا عندما يلتقون للمرة الأولى سألني عم مأمون عن «بلدي» فقلت له إنني من مدينة إدفو في محافظة أسوان، فقال إنه عمل في مصنع الحديد الكبير الذي أسسه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في هذه المدينة في مطلع الستينيات، وكان يستأجر غرفة مع زملائه العاملين في المصنع وكلهم من المسلمين، وعلى رغم ذلك ذكر أن قسيس الكنيسة كان يمر عليهم ويترك لهم طعاماً ومالاً قائلاً لهم أنتم هنا أغراب وبعيدون عن عائلاتكم، لذا اعتبروني والدكم، وأرشدهم عن مكان بيته طالباً منهم أن يطرقوا بابه متى يحتاجون إلى عون.

كان عم مأمون يحكي عن هذا القسيس بحب عجيب، وكأنه لم يمت قبل 35 عاماً، لدرجة أنه كان يتذكره بشكله ووصفه واسمه، كان اسمه القمص زخاري، وكان هو نفسه جدي الذي لا أعرف عنه شيئاً، لأنه مات قبل أن أولد، فأحسست بنوع من الواجب تجاه هذا الرجل، جدي، الذي بدأت الكتابة عنه بالأساس، وانتهيت من كتابة الرواية ونشرها العام الماضي ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالأحداث التي تمر بها مصر الآن.

قبل متتاليتك القصصية كانت روايتك «مواقيت التعري» تتحدث عن الأقباط أيضاً، ألم تقلق من تصنيفك ككاتب قبطي؟

أرفض تصنيف المبدعين، وكررت رفضي لهذه الفكرة مراراً، لكني أعتبر الأديب الذي لا يكتب عن ذاته أديباً مزيفاً ومنتحلاً.

وأعتقد أن القراء يرونني أقدم عالماً جديداً، وأنا أحب أن أكون مدهشاً للقارئ، خصوصاً الدهشة الفكرية بمعنى أني أدهشك لدرجة تجعلك تفكر في الرواية، وترى معي عالماً جديداً ومفاهيم جديدة، وهذا هو المقصود من الأدب.

كذلك أرفض أن أوصف بأني أقدم عالماً قبطياً، فليس ذنبي أن الآخر لا يعرفني على رغم أنني كمسيحي أعرف الآخر المسلم في هذه البلد جيداً.

أيهما أقرب إليك الرواية أم المتتالية؟

الاثنتان، وسعيد بذلك، خصوصاً أني لا أكرر نمط الكتابة، لكني شعرت أنني أبدعت في «مواقيت التعري» لأني لم أشعر أنني أكتب، فقد مرت فترة كتابتها بسلاسة شديدة جداً.

تقول دائماً إنك حتى هذه اللحظة لم تكتب عملاً يرضيك، فلماذا؟

هذا هو إحساسي دائماً فعلى رغم أن ما كتبته وجد قبولاً من القراء وأحبوه، ووجد قبولاً نقدياً والجميع تحدث عنه، حتى المخطوطات حصلت على جوائز من قصور الثقافة، لكن فكرة أن أكتب بكياني كله وأخرج إحساسي كله في الكتابة لم يحدث بشكل كامل بعد، فما زال لدي زخم وإبداع لم يخرج حتى الآن.

كيف تقيم تصريحات بعض الأشخاص المنتمين إلى التيارات الدينية حول الإبداع والفن وهل تثير تخوفك؟

هذه التصريحات هي التي تحض على كل ما هو شرير، وتنم عن جهل ولا علاقة لها بالدين وبفلسفته وبقيمه الإيمانية، وعلى رغم شعوري بتخوف ما على الإبداع في ظل الجمهورية المقبلة التي يسود فيها تيار الإسلام السياسي، إلا أنه حتى هذه اللحظة لم يصدر ما يثير قلقي وخوفي، لكني متخوف من المؤسسات الثقافية ذاتها ومتخوف من المبدعين والمثقفين أنفسهم من الخضوع لهذا التيار.

ما تقييمك لأداء وزراء الثقافة ما بعد الثورة، وما هي أهم التغييرات التي تنشدها في الوزارة الجديدة؟

لا يمكن تقييم وزراء الثقافة بعد الثورة لأنهم جميعاً لم يستمروا طويلاً. نحن في مرحلة انتقالية، أما عن التغييرات التي أنشدها في وزارة الثقافة فهي عدم وجودها من الأصل. ينبغي أن يكون المجلس الأعلى للثقافة برلماناً للمثقفين، وبقية جهات الوزارة داعمة للثقافة كل في مجالها، قصور الثقافة في الأقاليم وهيئة الكتاب في النشر، وإنشاء جهة جديدة لدعم الكتاب والفنانين ودعم مشاريعهم الإبداعية الحقيقية والتيسير عليهم لإنتاج إبداعاتهم.

back to top