ساندي يضرب بقوة مخلِّفاً قتلى ودماراً وظلاماً
• أوباما يعلن «حالة الكارثة الكبرى» في نيويورك ونيوجرسي • تقديرات ببلوغ خسائر الإعصار 20 مليار دولار حلّ الإعصار ساندي أمس ضيفاً ثقيلاً جداً على السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأميركية أمس، إذ اعتُبر أسوأ كارثة طبيعية تضرب البلاد منذ حوالي قرن. وأدى إلى سقوط عدد من الضحايا، فضلاً عن الخسائر المادية الضخمة وتعطل الحركة في الولايات المنكوبة وغرق مدن كاملة تحت مياه الفيضانات، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إعلان حال الطوارئ في نيويورك ونيوجرسي وفرجينيا.
مع اجتياح الإعصار ساندي السواحل الأميركية الشرقية وارتفاع حصيلة ضحاياه إلى 16 وتسببه في الدمار وانقطاع التيار الكهربائي وتعليق الحملة الانتخابية الرئاسية، وقّع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، إعلان "حالة الكارثة الكبرى" في ولايتي نيويورك ونيوجرسي والطوارئ في فرجينيا. وأكد البيت الأبيض في ثلاثة بيانات أصدرها أمس، أن أوباما أعلن حال الكارثة الكبرى في ولايتي نيويورك ونيوجرسي وأمر بتقديم مساعدة فدرالية إضافية إلى الولايات المتأثرة بالإعصار ساندي. وأعلن الرئيس الأميركي أيضاً حال الطوارئ في ولاية فرجينيا كما أعطى تفويضاً لوزارة الداخلية ومصلحة إدارة الطوارئ الفدرالية بتنسيق جميع جهود الإغاثة التي تهدف إلى رفع الشدّة والمعانات عن السكان المحليين، وتقديم المساعدة المناسبة لإجراءات الطوارئ المطلوبة. حصيلة الضحايا وارتفعت حصيلة الإعصار "ساندي" الذي ينطلق من جنوب نيوجيرسي وخفّض إلى عاصفة استوائية كبرى، إلى 16 قتيلاً من غرب فيرجينيا إلى كارولاينا الشمالية وكونيكتيكت، ودماراً واسعاً وانقطاعاً للكهرباء، خصوصاً في مدينة نيويورك التي غرقت مناطق واسعة فيها في الظلام، حيث انقطع التيار الكهربائي عن 670 ألف شخص. وكان "ساندي" تسبب في مقتل 67 شخصاً في الكاريبي بينهم 51 في هايتي، قبل أن يصل إلى السواحل الشرقية للولايات المتحدة. ويتوقع أن يتأثر بالعاصفة حوالي 60 مليون شخص، في وقت يُرجح أن يصطدم بكتلة هوائية ما يتسبب في عواصف ثلجية وفيضانات وانقطاع التيار الكهربائي. وتتأثر بالإعصار كل من ولايات نورث كارولاينا وجنوب شرق فرجينيا وسواحل نيوجرسي وشبه جزيرة ديلمارفا. واتُّخذت إجراءات عدة استعداداً لأضرار كبيرة في الولايات الشرقية من واشنطن وبالتيمور إلى فيلادلفيا ونيويورك. وأعلن رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ خلال مؤتمر صحافي أن حوالي 250 ألف منزل غرقت في الظلام مساء أمس الأول، في مانهاتن بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي نتج عن الإعصار ساندي. ورصدت فيضانات كبيرة على طول جنوب مانهاتن، حيث غرقت أحياء كلها في الظلام وباتت بدون كهرباء. وأضاف رئيس البلدية أن انقطاع التيار الكهربائي الذي أصاب 250 ألف منزل في مانهاتن سيستمر حتى صباح اليوم "وربما أبعد من ذلك". ومن ناحيته، أعلن حاكم الولاية اندرو كيومو على موقع "تويتر" أن 1374312 شخصاً حرموا من الكهرباء في كل الولاية. وطلب رئيس بلدية نيويورك من السكان في غروس بوم عدم التجول، موضحاً أن "هناك الكثير من الحرائق" المرتبطة بسقوط الأسلاك الكهربائية على الأرض في المدينة. ودعا سكان نيويورك إلى عدم طلب الإسعاف إلا في الحالات القصوى. وقال: "في هذا الظرف تتلقى أجهزة الإسعاف 10 آلاف نداء كل نصف ساعة بدل ألف في الأوقات العادية". واجتاحت رياح الإعصار ساندي التي بلغت سرعتها 129 كيلومتراً في الساعة سواحل نيوجرسي ليل أمس الأول، ورفعت مستوى البحر في مدينة نيويورك إلى حوالي أربعة أمتار، ما أدى إلى فيضانات في الأنفاق ومحطات مترو الأنفاق وشبكة الكهرباء التي تغذي وول ستريت. وتسببت الفيضانات والأمطار في توقف المطارات الكبرى ومن بينها مطار جون كينيدي الدولي، وتوقف حركة النقل كلها في الولايات المتأثرة وأغلقت المرافق العامة من مبان حكومية ومدارس وجامعات. غرق أتلانتيك سيتي وكانت مدينة أتلانتيك في نيوجرسي الأكثر تضرراً، حيث أصبحت عبارة عن امتداد للمحيط الهادئ، كما شهدت مدينة نيويورك احتراق 50 منزلاً في حي كوينز وفيضان حي مانهاتن الشهير. وأقفلت البورصة الأميركية لليوم الثاني على التوالي أمس، وهي المرة الأولى التي تقفل بورصة نيويورك يومين متتاليين بسبب الطقس منذ عام 1888 حين ضربت المدينة عاصفة ثلجية. وتتجه العاصفة إلى بنسيلفينيا وشمال ولاية نيويورك، بعد أن خفّت رياحها في مدينة نيويورك. مفاعل نيوجرسي في غضون ذلك، وُضع مفاعلان نوويان في نيوجرسي خارج الخدمة بسبب الأحوال الجوية السيئة الناتجة عن الإعصار. وأوضحت شركة "الخدمة العامة للكهرباء والغاز" (بي أس إيه جي) أن المفاعل "سالم 1" الواقع في هانكوكس بريدج على ضفة نهر ديلاوير تم وضعه خارج الخدمة بعدما توقفت عن العمل أربع مضخات مياه من أصل ست يضمها، مؤكدةً أن المفاعل المجاور في هوب كريك يعمل بصورة طبيعية. كما أُعلنت حالة الإنذار في مفاعل "أويستر غريك" النووي في نيوجيرسي بعد ارتفاع منسوب المياه وتهديدها نظام التبريد. وأفاد المتحدث باسم لجنة التنظيم النووي نيل شيهان، بأن المياه ارتفعت أقل من مترين من المنسوب الطبيعي، وإذا ارتفعت إلى أكثر من مترين، فيمكن أن يفقد المفاعل القدرة على تبريد حوض الوقود المستنفد ويضطر العاملون للجوء إلى نظام التبريد بواسطة خراطيم المياه للتعويض عن التبخّر في الحوض. خسائر بالمليارات وبلغت قيمة الخسائر التي تسبب فيها "ساندي" نحو 20 مليار دولار، بحسب تقديرات الخبراء. وأفادت شركة "اكيكات" الأميركية التي تساعد شركات التأمين على تقييم مخاطر الكوارث بأن قطاع التأمين قد يتحمل تعويضات تتراوح من 5 و10 مليارات دولار. عرض مساعدة من ناحية أخرى، عرضت فرنسا تقديم مساعدات للسلطات الأميركية لمواجهة آثار الإعصار. وقال وزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، في بيان أمس، إنه "في مواجهة الآثار المدمرة للإعصار ساندي، أود أن أعرب عن تضامني الكامل مع الشعب الأميركي الذي، بعد دول الكاريبي، شهد ساعات صعبة جدا". وقدم الوزير الفرنسي في البيان "أحر التعازي لأسر الضحايا"، مشيراً الى أن "فرنسا ستبقى بتصرّف سلطات الولايات المتحدة لمساعدتها بأية طريقة تراها ضرورية". وأشاد أيضاً بصمود عشرات الآلاف من الفرنسيين في هذه المنطقة، ودعاهم إلى اتخاذ أكبر قدر من الحذر في الأيام المقبلة، واتباع تعليمات الأمان، مؤكداً أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات لضمان سلامتهم من حيث تعبئة جميع الممثليات الفرنسية في المدن المتأثرة لخدمة المواطنين الفرنسيين. (واشنطن - أ ف ب، رويترز، يو بي آي) الحزبان يعلقان الحملات الانتخابية سعى الرئيس الأميركي ومنافسه الجمهوري ميت رومني أمس، إلى مواساة الأمة وإبداء حس القيادة بعد مرور الإعصار ساندي المدمر قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وخفف المرشحان من جولاتهما الانتخابية تزامناً مع وصول الإعصار المدمر إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، إذ عاد أوباما إلى البيت الأبيض للإشراف على عمليات الإغاثة. والآن عليهما العودة بشكل غير لافت إلى الحملة الانتخابية واستئناف المعركة المحتدمة إلى البيت الأبيض وإظهار القدرة على القيادة في أوقات الأزمات بدون أن يبدو ذلك وكأنه استغلال لمعاناة الأميركيين في أغراض سياسية. وحضر رومني الذي ألغى تجمعات انتخابية أمس الأول، تجمعاً تحت عنوان الإغاثة بعد العاصفة في أوهايو أمس، وهي الولاية التي تشهد معركة قوية، وفي نفس المكان الذي أُلغي فيه التجمع قبل العاصفة. في المقابل، بإمكان أوباما أن يستفيد من قوة سلطته كرئيس في إدارة جهود الإغاثة والتوجه إلى أمة منكوبة من أعلى المنابر. وقال الرئيس الأميركي بعد لقائه مسؤولي الإغاثة في البيت الأبيض اثر إلغاء تجمعات في ولايات حاسمة مثل فلوريدا وأوهايو وفرجينيا: "الشيء العظيم في أميركا هو أنه حين نواجه أوقاتاً صعبة مثل الآن، نقف جميعاً صفاً واحداً". وأضاف: "الانتخابات ستعود إلى مسارها الأسبوع المقبل، لكن الآن أولويتنا هي التأكد من أننا نقوم بإنقاذ الأرواح". (واشنطن - أ ف ب، رويترز)