ما تريده إيران ليس المشكلة... بل نحن!

نشر في 26-05-2012
آخر تحديث 26-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 محمد خلف الجنفاوي لا أقصد من العنوان أننا في الضفة الأخرى من الخليج العربي من يسعى إلى إثارة الأزمات والتوتر، ولكن كل ما أعنيه أن أي قارئ للتاريخ الإيراني سيكتشف بسهولة أن عوامل الجغرافيا السياسية هي العنصر الحاكم الذي يعزز الدور التوسعي الإيراني، سواء رحلت القبعة العسكرية أو أتت نظيرتها الدينية... وفي هذا السياق نقول إن هذا شأن إيراني صرف لا دخل لنا به، فالشعب الإيراني حر في اختياراته، لكن قضيتنا تنحصر في كيف نتعامل نحن مع إيران في ظل وضعها الراهن كدولة وكنظام؟

لاشك أن الحلول تتمثل في تغليب الحكمة والعمل الدؤوب للحرص على مصالح البلاد بدلاً من الانزلاق في دوامات التجاذب والتسخين في منطقة لازالت حرائقها مشتعلة، خصوصاً أن هنالك أنظمة وأطرافاً تريد تصدير ليس فقط أيدلوجياتها بل ومشاكلها وأزماتها الداخلية.

تاريخياً، وفي مثل هذه الحالات، وهنا أتكلم عن التجارب الناجحة، يكون تعزيز محور الاختلاف والتنوع في الإدارة، أي إطلاق المزيد من الحريات السياسية، هو المخرج الآمن من الأزمات، وإن كانت الكويت متميزة على مستوى المنطقة في الحريات رغم حدوث بعض الهزات بسبب سوء الإدارات الحكومية السابقة وثقافة الجدل الفارغ في السلطة التشريعية.

المعروف في علم السياسة أن التنوع السياسي هو الذي يعزز أمن الدول التي يكون جوارها كبيراً ومتوتراً، والأهم من ذلك يكون على الدولة تعزيز انفتاحها على العالم وتبني سياسات رشيدة لربط المصالح مع العالم المتقدم، وهذا ما يستلزم بصورة عاجلة من الحكومة العمل مع مجلس الأمة على تحويل رؤية أمير البلاد بأن تكون الكويت مركزاً مالياً وعالمياً، والانطلاق على محاور البناء والنهوض على الجوانب الثقافية والعلمية والطبية والرياضية على مستوى الشرق الأوسط.

وعلى الصعيد الداخلي، لابد من إعادة صياغة وتعديل المناهج التعليمية لتتواكب مع عصر يتغير بسرعة هائلة، من خلال إعلاء قيم المواطنة وتقييم الأداء وتنظيم المخرجات التعليمية، فالمناهج في الدول المتقدمة هي التي تساهم مع المجتمع الحر والمتسامح في تشكيل شخصية المواطن وتعزيز انتمائه لوطنه وتجربته التي يقتنع بها ولا تفرض عليه. ولا يذكر التاريخ القديم أو الحديث أن بلدين ديموقرطيين تحاربا، وإن اعتدت دولة شمولية على أخرى تنتهج نظاماً تعددياً حراً فإنها تمنى بالهزيمة في نهاية المطاف.

أما من يسعى إلى تحويل الجدل الدائر حالياً إلى خلاف طائفي بغيض، فإنه لا يرى الصورة بوضوح، فلا الجدال والتصعيد ينفعان في إدارة الشؤون السياسية الداخلية منها والخارجية، وهنا ينبغي على أعضاء مجلس الأمة الجادين الابتعاد عن التهييج والإثارة، وأن يقودوا الفكر ويطرحوا المبادرات لتعزيز المواطنة والدفع بلغة التسامح والتنسيق والتعاون لترسيخ مكانة الكويت وحمايتها وربط مصالحها وكسب المزيد من الأصدقاء وتحييد الأعداء.

تعميق التعاون البرلماني مع السلطة التنفيذية في إطار من الحوار الهادئ البعيد عن التشنج والتشكيك سيساعد بالضرورة على إعلاء شأن الكويت ومصالحها حتى إن اختلفت الرؤى، فالجميع عاشق للكويت، والمشكلة لا تتعلق بأشخاص، فالجميع زائلون ولكنها ترتبط بكيفية الإدارة والفكر... فإذا تركنا الأمور كي تجد الحلول تلقائياً فهي ستتجه من سيئ إلى أسوأ.

لذا، ليست القضية في وجود مشكلة ولكن تتجسد في كيفية التعامل معها... وهناك مثل إنكليزي معبر عن تلك الحالة يقول «العامل السيئ يلوم أدواته»!

back to top