السفير الطاجكستاني لـ الجريدة•: نحن أغنى دول العالم بالمياه ونرحب بالمستثمر الكويتي

نشر في 21-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 21-10-2012 | 00:01
«الكويت أول محطة لزيارة الرئيس الخارجية... وتربطنا بها علاقات عميقة»
أكد السفير الطاجكستاني لدى الكويت د. زبيد الله زبيدوف، الذي قدم مؤخرا أوراق اعتماده إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، كأول سفير لجمهورية طاجكستان لدى الكويت، أن العلاقات الكويتية - الطاجيكية شهدت تطورا كبيرا، بعد أن نالت طاجكستان استقلالها الوطني عام 1991.
وقال السفير، في لقاء مع «الجريدة»، إن الكويت كانت من أولى الدول العربية التي سارعت إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع طاجكستان، بعد تفكك الاتحاد السوفياتي السابق، وأرسلت وفدا حكوميا كبيرا للتباحث مع المسؤولين، تعبيرا عن حبها واستعدادها لإقامة تعاون ثنائي بين البلدين في مختلف المجالات. وشدد على أن طاجكستان من أغنى دول العالم في المياه، و60 في المئة من مياه آسيا الوسطى تأتي منها، وفيها الكثير من الثروات والموارد الطبيعية، داعيا المستثمر الكويتي إلى الاستثمار في طاجكستان، وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
• بداية، حدثنا عن تاريخ الجمهورية الطاجكستانية؟

- حقيقة، إن طاجكستان، التي تقع في قلب منطقة آسيا الوسطى، دولة مهمة يمكن أن تكون رابطة بين جميع دول المنطقة، وتنطلق نحو بناء مجتمع متطور مزدهر بثقافتها الأصيلة وامكاناتها المتوفرة ومواردها الطبيعية الهائلة، إلا أن تدخلات خارجية وطموحات بعض التيارات والتوجهات السياسية أدت إلى اندلاع النزاع الداخلي، وهددت بتجزئة الدولة وانهيارها.

 واستمرت الحرب الأهلية الطاحنة حتى عام 1997، ولولا فارس الأمة المنتظر الرئيس إمام علي رحمان لما استطعنا ايقاف هذا النزيف، وكان من حظ الشعب الطاجيكي ان الرئيس منذ اول ايام توليه قيادة البلد بدأ حوارا وطنيا شاملا بين الاطراف المتناحرة، وأوصل الشعب إلى بر الأمان بتوقيع اتفاقية المصالحة الوطنية.

وعندما استقر الوضع اختيرت الكويت لتكون البلد النموذجي للتطور في طاجكستان، حيث إن الشعب الطاجيكي يكن احتراما خاصا للكويت باعتبارها واحة خضراء ونموذجا رائعا لتحقيق التقدم والرخاء والازدهار.

علاقات عميقة

• ماذا عن العلاقات الكويتية - الطاجيكية؟

- للكويت اهتمام خاص فهي بلد صديق وتربطنا به علاقات عميقة، خاصة بعد ان اختيرت الكويت لتكون اول محطة للزيارة الخارجية لرئيس طاجكستان في عام 1995، تقديرا لما تحتله الكويت من مكانة مرموقة في المجتمع الاسلامي والعربي والخليجي، رغم اننا كنا آنذاك مازلنا في نشوة الحرب الاهلية.

والتقى الرئيس آنذاك الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد وكبار المسؤولين، ووزير الخارجية وقتها سمو الامير الشيخ صباح الاحمد، وتم في الزيارة توقيع عدد من الاتفاقات بين البلدين، بما في ذلك اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، واتفاقية التعاون الاقتصادي، ومذكرة تفاهم للتشاور السياسي، لتصبح قاعدة اولى للانطلاق منها نحو مزيد من التعاون.

وقبل ايام قام الرئيس بزيارة الكويت، للمشاركة في قمة المنتدى لحوار التعاون الآسيوي، تقديرا للدور الذي تلعبه الكويت بقيادة سمو امير البلاد في تفعيل التعاون الآسيوي، وتهنئة سموه بهذه المبادرة الطيبة والانجاز العظيم بأول قمة آسيوية جمعت اكثر من 30 دولة آسيوية، وانضمت إليها افغانستان مؤخرا.

ونتوقع ان يزداد عدد المشاركين في هذا المنتدى خلال الفترة المقبلة، وكانت مشاركة الرئيس في هذه القمة فرصة لبحث حالة وآفاق التعاون الثنائي بين طاجكستان والكويت، ونتطلع إلى ان تكون الزيارة الرسمية الثانية المرتقبة لرئيسنا للكويت منعطفا هاما في توسيع وترقية علاقات التعاون القائم بين بلدينا الشقيقين.

علاقات ثنائية

• ماذا عن التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين البلدين؟

- لقد اسسنا العلاقات الثنائية منذ 1995، والعلاقات السياسية تتميز بحيوية ونشاط، حيث يجري التشاور مع الكويت على هامش المحافل الدولية والاقليمية، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين وزارتي الخارجية الطاجيكية والكويتية.

أما العلاقات الاقتصادية فهي بحاجة للتنمية، من خلال دفع عجلة التعاون بين البلدين عبر مشاريع وافكار موجودة لاقامة وتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي، خاصة ان المناخ الاستثماري متوافر في بلدنا، واذا استطعنا ان نجذب اهتمام المستثمر الكويتي فأعتقد ان الفائدة ستكون متبادلة.  

 • هل قدمت طاجكستان مقترحات اقتصادية خلال القمة الآسيوية؟

- دار حديث بين الرئيس وأخيه سمو امير الكويت، وقد اكد الرئيس ان اقتصاد طاجكستان مفتوح، والامكانات والامتيازات والتسهيلات موجودة للتعاون بين البلدين، ويمكن إعطاء الأولوية للاستثمارات الكويتية للعمل في مجال الطاقة المائية، خاصة اننا من اغنى دول العالم في المياه، و60 في المئة من مياه آسيا الوسطى تأتي في طاجكستان، خاصة ان المياه من اهم الثروات والموارد الطبيعية في العالم.

لكن شح المياه العذبة يزداد من عام الى آخر، لاسيما ان القرن الـ21 هو قرن المياه، وقد تكون سببا للنزاعات المستقبلية، واستشعاراً لهذه الخطورة باعتبارنا اغنى دولة بالمياه اطلق الرئيس عدة مبادرات دولية تبنتها الامم المتحدة بتسمية عام 2003 العام الدولي للمياه، ومبادرة اخرى هي البرنامج العشري "الماء من أجل الحياة" لأعوام 2005-2015، والتي تبنتها ايضا الامم المتحدة، ولابد ان نعمل لحفظ وصيانة المياه وايصالها لمن يحتاجها.

وايضا هناك مبادرة من الرئيس قبل فترة اطلقت من خلال الامم المتحدة في الجمعية الاخيرة لإعلان عام 2013 عاما دوليا للتعاون المائي، ونريد ان نثير قضية المياه، فنحن اغنياء بها، ونريد ان يكون هذا الماء ملكاً للجميع.

مبادرات دولية

• ألا ترى ان معظم مبادراتكم الدولية مختصة في مجال المياه فقط؟

- عندما نتكلم عن المياه الصالحة للشرب وايصالها للجميع، نبحث في الوقت نفسه استبدال هذه الثروة مع الدول المجاورة الغنية بآبار النفط والغاز الطبيعي، فنحن بلد جبلي وليس لدينا الغاز والنفط، ومن خلال مشاريعنا نستطيع استغلال الطاقة المائية والكهرومائية، فحسب تقديرات العلماء لدينا 527 مليار كيلو واط بالساعة من الطاقة المائية، ما يعني اننا اذا استغللنا هذه الطاقة يمكننا انارة آسيا الوسطى كلها وافغانستان وباكستان وجنوب منطقة آسيا.

ونحن بصدد انشاء سدود ومحطات كهرومائية لتوليد الكهرباء وتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة ان لدينا نقصا في الكهرباء، وفي وقتها بإذن الله سنصبح اكبر دولة مصدرة للطاقة الكهربائية، لاسيما اننا لا نستخدم من المياه الا 5 في المئة فقط، فنحن بلد غني بالامطار ومعنيون بإنتاج الكهرباء، من خلال القضاء على النقص، خاصة ان بعض المناطق الريفية لدينا بلا كهرباء.

بلد جبلي

• هل هناك مبادرات اخرى قدمتها طاجكستان خلال القمة؟

- بالتأكيد، فنحن بلد جبلي ذو مناخ طبيعي نقي جدا، وليس لدينا مصانع تلوث الطبيعة، ولدينا اجود اصناف المشمش والعنب والرمان والتفاح، لا تجدها في اماكن اخرى، واصناف اخرى من الفواكه والخضار كالطماطم والخضار الطازجة، تصدر الى روسيا، والمسافة بيننا وبين موسكو أكثر من 4 ساعات جوا، بينما تستغرق الرحلة الى الكويت 3 ساعات تقريبا، وهذا ما اقترحه الرئيس بأن يأتي المستثمر الكويتي للتعاون في المجال الزراعي، لنقل منتجاتنا الزراعية الى الاسواق الكويتية.

وفي المجال السياحي تعتبر طاجكستان، حسبما يقول السياح الاجانب، سويسرا الثانية، لما لها من طبيعة خلابة ومناظر طبيعية جميلة، ونحن نمد يدنا للمستثمر الكويتي، لإنشاء البنية التحتية المناسبة للسياحة الثقافية والعلاجية.

أما على الجانب الثقافي والادبي فهناك تبادل ثقافي إذ إن الكثير من الكتب الادبية والشعرية الكويتية ترجمت الى الطاجيكية، ومنها كتاب الشيخة سعاد الصباح، وهي شاعرة في غنى عن التعريف، وترجمت ونشرت قصائدها في طاجكستان تحت عنوان "خيمة الكلمة القدسية"، والترجمة بقلم احد كبار الشعراء لدينا، وهو الاستاذ جولنظر، الذي ألف النشيد الوطني الطاجيكي، وايضا ترجمت بعض كتبنا وقصائدنا من الطاجيكية الى العربية.

وعن الثروات الطبيعية، لدينا جبال بها ثروات هائلة تبدأ من المرمر الى الاحجار الكريمة، ولدينا سلسلة من جبال الفحم الطبيعي، وأخرى من الحديد، وجبال كاملة من الفضة، مثل جبل "كون منصور"، وكما اكد علماء الارض ان هذا الجبل يحتوي على اكثر من مليون طن من المعادن المختلفة، واكثر من 70 الف طن من الفضة الخالصة.

مستقبل مزدهر

• برأيكم ماذا قدمت القمة لدول آسيا؟ وماذا حققت؟

- المنتديات والملتقيات كثيرة وقد تأسست خلال الفترة الماضية، لكن القمة الآسيوية في الكويت لها مستقبل كبير، واستشعارا لاهميتها بادر سمو امير الكويت مشكورا لاقامة هذه القمة لرفع المستوى للمنتدى، بعد ان كان وزاريا، خلال رؤيته الاولية، ولكن فكرة تفعيلها الى مستوى القمة انطلقت من الكويت.

ومن خلال القمة نستطيع تعزيز التعاون بين الدول الآسيوية، وهي الطاقة المكمونة التي لم تستغل كلها، ومستقبل التنمية الاقتصادية في العالم يرتكز على امكانات آسيا، وتقديرا لهذا الدور اطلق سمو الأمير هذه المبادرة، وتم الترحيب بها من خلال جميع الدول المشاركة، بالتنسيق مع الدول الاعضاء.

ونحن نتفاءل بهذا المنتدى اذا تم تأسيس امانة دائمة، واذا احتضنتها الكويت، ونشكر سمو الامير ايضا لتخصيص صندوق خاص للتعاون الآسيوي بملياري دولار، وتصرف هذه المبالغ والاموال لتنمية الدول النامية غير العربية، وطاجكستان منها، وستستفيد من هذه المكرمة والالتفاتة الكريمة.

• تنشيط السياحة، هل هناك خطط موجودة قدمتها السفارة بين البلدين؟

- طاجكستان لديها امكانات كبيرة، ولدينا العلاج الطبيعي من خلال الجبال والوديان والحمامات البخارية الطبيعية، وهي فريدة من نوعها، ولا يوجد مثلها في علاج اوجاع المفاصل طبيعيا، وفي العالم يوجد حمامان بخاريان طبيعيان، احدهما في فرنسا ونفد واختفى، والآخر في طاجكستان، والانسان يرجع كما ولدته امه بعد تلقيه العلاج الطبيعي في بلدنا.

حجم تجاري كبير

• ماذا عن الحجم التجاري بين البلدين؟

- للاسف العلاقات التجارية ليست على المستوى المطلوب الذي نتطلع اليه، ونحن اقرب البلدان الى الكويت مسافة، ونصدر الفواكه والخضراوات الى مسافة ابعد تقدر بـ5 إلى 6 ساعات جوا، بينما تصل إلى الكويت خلال 3 ساعات، وبشكل طازج.

وعلى هذا هناك حاجة لجرأة وعزيمة، خاصة ان بلدنا يمتاز بمجلس استثماري يرأسه رئيس الدولة، وكل صغيرة وكبيرة بشأن الاستثمار تمر من خلال هذا المجلس الذي ينعقد دوريا، وعضويته ليست فقط للمسؤولين، بل لرجال اعمال وطنيين وأجانب يحضرون اجتماعات ويقدمون توصيات ومقترحات وحلول، ورئيس الدولة يأخذ بالحسبان هذه المبادرات ليقدم توجيهات لتنفيذها.

 • هل هناك خطوط مباشرة بين البلدين؟

- تحدثنا مع وزير الاعلام الشيخ مبارك العبدالله لتشجيع السياحة في بلدنا، وهناك ايدي عاملة مؤهلة لادخالها الى الكويت، لتنفيذ المشروعات بها، ليصبح هناك تبادل مكثف، وهذا يحتم ضرورة فتح خط مباشر بين البلدين، وهو يتحاج إلى دراسة وجدوى اقتصادية.

 • ماذا عن الامن في طاجكستان؟

- عشنا زمنا كان يثار فيه القلق، لكن بحكمة شعبنا والقيادة الرشيدة استطعنا القضاء على هذه الاحداث، واستتب الامن لدينا منذ 1997، وبدأت مرحلة الاعمار الحقيقي منذ عام 2000، ونحن الوحيدين في آسيا الوسطى الاكثر امنا وامانا، والمواطن الاجنبي لدينا يشعر وكأنه في وطنه بلا شك.

لكن ما يقلقنا التحديات مع افغانستان لتهريب المخدرات عبر الاراضي الطاجيكية، وهذا القلق الوحيد لدينا، وبحاجة إلى تضافر الجهود للقضاء على الافيون، وغيره من المخدرات الاخرى، ولا يوجد في بلدنا اي ارهاب ولله الحمد، وحدودنا آمنة، ولا يوجد اي خلافات سياسية بيننا وبين الدول المجاورة لنا.

تسهيلات سياحية

• اذا اراد السائح الكويتي الذهاب لبلدكم، هل يجب ان يأخذ فيزا؟ وكيف؟

- هناك تسهيلات كبيرة للدول التي لديها استثمارات أو تريد القدوم كسياحة، من خلال اعطائها الفيزا حال الوصول الى مطار دوشنبه، ونأمل تنشيط السياحة الكويتية في بلدنا، خاصة ان الكويتيين يسافرون الى ابعد المناطق في العالم، بينما بلدنا قريب جدا، من خلال "الترانزيت" من دبي الى بلدنا بكل سهولة، ولدينا العديد من الفنادق الراقية للسكن وأرحب بالمستثمرين الكويتيين وأدعوهم إلى زيارة طاجكستان.

• ماذا عن لغة الحوار والتفاهم مع الشعب الطاجيكي؟

- نحن نتحدث اللغة الطاجيكية القريبة للفارسية، ونتحدث الروسية، ولدينا الكثير من المترجمين الى اللغة العربية، الى جانب ان البعض يتحدث الانكليزية، فضلا عن معرفة الكثير من مواطنينا للعربية، خاصة انها لغة القرآن الكريم ونحن بلد اسلامي.  

• كلمة اخيرة؟

- بصفتي سفيرا لبلدي طاجكستان في الكويت ادعو الكويتيين الاعزاء إلى زيارة بلدهم الثاني طاجكستان، الذي تربطه بهم قواسم مشتركة اسلامية وتاريخية، ليستمتعوا بجمال الطبيعة الخلابة، ويستثمروا في مشروعاتها الواعدة.

أول سفير طاجيكي في الكويت

عبر السفير عن سعادته لأنه اول سفير طاجيكي في الكويت، لافتا الى انه تم تعيينه الشهر الجاري، مبينا ان هناك رغبة في فتح سفارة كويتية في طاجكستان في القريب العاجل.

وأكد انه كان لدى الكويت سفير غير مقيم لدى طاجكستان، وقد عبرت الارادة السياسية منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية عن رغبتها في فتح سفارتين في البلدين، لكن امكانية الفتح تأخرت، لعدم توافر الامكانات الاقتصادية في طاجكستان.

وفد حكومي كويتي لإلغاء الازدواج الضريبي

كشف السفير أن هناك وفدا حكوميا كويتيا في طاجكستان، لتشجيع التجارة بين البلدين، عن طريق تنسيق مشروع اتفاقية الغاء الازدواج الضريبي، وهناك وثيقتان لتشجيع التجارة بين البلدين، الاولى عن حماية وتشجيع الاستثمارات وتم توقيعها عام 1995، والثانية عن التهرب من الازدواج الضريبي، ويجري حاليا تنسيق هذه الاتفاقية، وبعدها سينعقد اول اجتماع للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني والعلمي بين البلدين، والتي من شأنها أن تكون آلية لتحديد مجالات التعاون ومتابعة ما يتم من انجاز، وهناك دعوة وجهها الرئيس الى أخيه سمو امير البلاد، للقيام بزيارة رسمية لطاجكستان.

back to top