الإنسانية والصهاينة

نشر في 13-10-2012
آخر تحديث 13-10-2012 | 00:01
 مزيد بن ثاري مجرد تغريدة كانت عابرة خطرت لي ولم تمض طويلا حتى أفرغتها في صفحتي بـ"تويتر"، ليتلقفها المدعو (ناقد) وبدوره أبدى كعادته استياءه، فتقمص دور المعلم المؤنب الذي اعتاد على ضرب تلاميذه بحجة أن ذلك لمصلحتهم.

التغريدة كانت "الإنسان من يصنع الوطن، ألم ترَ كيف صنع الإسرائيليون من العدم لهم وطنا؟!". وأتى الانتقاد على هذا الشكل "وهل ما يفعله الإسرائيليون إنسانية؟"، لأجد نفسي أمام أسئلة أخرى: ما هي الإنسانية؟ وكيف نحدد مستوى الإنسانية؟ وما هي مقاييسها؟

باعتقادي أن الإنسانية هي أن يتصرف الإنسان بشكل طبيعي، أي أن يكون على طبيعته المعهودة عند بني البشر، فحين نسمع أحد مذيعي الأخبار يقول إن هناك قاتلا قتل ضحيته بطريقة وحشية، يثبت لنا أن القتل صفة إنسانية، وأن الطريقة هي التي تحدد هل ذلك القتل كان بطريقة إنسانية أم وحشية أم همجية... إلخ.

 المشكلة ليست بالقتل بل بالطريقة المتبعة، ولو كان الضحية قُتل بطلق ناري فقط لكان الخبر عبارة عن جريمة قتل فقط، أي بطريقة إنسانية، فالقتل كما ذكرنا طبع بشري منذ تكوين البشرية، فقد قتل قابيل أخاه هابيل.

لذلك فإن قتل الإسرائيليين للمسلمين لا يجردهم من الإنسانية، لأن ذلك كما ذكرنا هو طبع إنساني، ولأننا أعداء فمن الطبيعي والإنساني أن يتقاتل الأعداء، ومن غير الطبيعي والإنساني أن تصمت أمة بأكملها على أعدائها الذين تقتلون أطفالها ويستبيحون نساءها ويستوطنون أراضيها، فهنا يتضح أن سكوتنا عنهم أمر مناف للإنسانية، وقتلهم لنا يعتبر أمراً يتماشى مع الطبيعة البشرية.

الطمع طبع إنساني، والوطن هو أغلى ما يمكن أن يملكه الإنسان، لذلك فإن طمع الإسرائيليين بأن يكون لهم وطن يحتضنهم هو أمر إنساني لا يخالف الطبيعية البشرية إطلاقا، لذلك دفعتهم إنسانيتهم إلى البحث عن وطن واستيلائه، ولم تدفعنا إنسانيتنا إلى الدفاع عن هذا الوطن الذي سلب من بين أيدينا.

 إنسانيتهم كانت أكبر حجما من إنسانيتنا مما جعلهم يمتلكون ذلك الوطن بأرضه وسمائه وتراثه ومساجده، ولو كنا أكثر إنسانية منهم لعلمنا بأن الإنسان تلسب منه إنسانيته حين يسلب منه وطنه، ونحن بالأصل كنا نفتقر لتلك الإنسانية، فحين سلب وطننا لم تسعفنا إنسانيتنا للدفاع عن أراضينا فتركناها لهم.

الحقيقة دائما مرة، ولكن لا بد من المواجهة فهي الطريق إلى التغير واسترجاع ما سلب منا، ولن تعود إنسانيتنا إلا بعودة أوطاننا إلينا.

back to top