الكرةُ في ملعبِك يا مجلس الأمة
أما وقد تشكلت الحكومة، وكشفت عن وجوه عائدة تتمتع بالكفاءة وعن وجوه محدثة تعد بالعمل الجدي، فإن الكرة باتت في ملعب مجلس الأمة ليثبت بدوره أنه على مستوى النشاط البرلماني الواجب عليه وعلى قدر الآمال التي علقها عليه ناخبوه.لا ملاحظات على الوزراء. يتفاوتون في المهارات والقدرات، وهذا أمر بديهي. لكن الأكيد هو أن روح التعاون والرغبة في الإنجاز تسود الفريق الوزاري. والأهم أنه لا يضم رؤوساً حامية أو شخصيات مستفزة للمجلس تستدرج صراعاً أو تشكل ذريعة لفقدان الود والتنازع المَرَضي.
كل حكومة مهما شارك فيها أصحاب خبرة ومخضرمون تبقى تحت الاختبار. وحكومة جابر المبارك الجديدة لن تشذ عن هذه القاعدة. بيد أن طابعها الفني العام وتطعيمها بالشباب وضمها امرأتين، تبعد عنها طابع المغامرة وتتيح لها العمل المنظم والمدروس. والأيام والامتحانات ستظهر هل ستنجح أم لا، سواء في السياسة أو المشاريع.منذ ظهرت نتائج الانتخابات ونحن نسمع تصريحات النواب تؤكد النية في العمل بعيداً عن العرقلة والتأزيم، وتبشر المواطنين بعهد جديد وردي سيرون فيه انطلاقة مختلفة في البرلمان. وها قد أتى اليوم لقطع الشك باليقين. فهاكم حكومة تكنوقراط، وعلى المجلس أن يبرهن أنه يدعمها في المشاريع التي تتطلب تعاوناً وثيقاً خصوصاً إذا كانت بعيدة المدى وتحتاج إلى قوانين جديدة أو تعديلات على قوانين موجودة مثل القضايا المتعلقة بالإسكان والتوظيف، وكل ما له صلة بالتنمية سواء لإحداث نهضة مطلوبة في الاقتصاد عموماً أو لجهة تحويل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً على وجه التحديد.ليست الحكومة وحدها تحت الاختبار، فالمجلس سيكون خاضعاً للرقابة الشعبية المزدوجة. واحدة من الناخبين المشاركين، وأخرى من المقاطعين. ولن ينجو من المقارنات. لذلك سنرى هل أن هؤلاء النواب الذين انتقدوا الآخرين ووعدوا بقلب المسار، كانوا مهتمين فقط بالخطاب الانتخابي لتحقيق الفوز، أم أنهم أيضاً سيمارسون الابتزاز بالاستجواب، وسيستخدمون الأموال العامة في مجالات إسقاط القروض والزيادات لاستدراج الولاء وترضية المحازبين والناخبين؟ المجلس النيابي على المحك وتحت المجهر، وعليه أن يثبت أنه مختلف وإيجابي وأنه ليس آتياً للتخريب والاعتداء على المال العام لأسباب انتخابية، ولا لتجاوز اللجان البرلمانية ولجان التحقيق التي هي المكان الحقيقي للعمل الفني المفيد.ثم إن المجلس أمام تحديات، إن لم تواجهه خلال أيام فإنها ستواجهه خلال أسابيع. والأمثلة عليها أكثر من تحصى. فماذا سيكون موقفه من الحريات العامة والشخصية، وماذا يخبئ لنا في ما يتعلق بالانسجام مع سياسات مجلس التعاون الخليجي؟أسئلة تنتظر إجابات في المستقبل القريب. واستناداً إليها سيتبين هل المجلس الوليد مختلف فعلاً عن الذي طوى صفحته أو أنه تكرار ممل... فلننتظر لنرى.الجريدة