دعوة أميركية لتسليح ثوار سورية... حتى لا يغيب النفوذ!

نشر في 15-12-2012
آخر تحديث 15-12-2012 | 00:01
يعترف المسؤولون بأن الرئيس أوباما ومساعديه يعيدون النظر في مسألة التسليح. في الوقت الراهن، لا يزال التردد سيد الموقف لأن روسيا وافقت في الأسبوع الماضي على التفكير بعرض جديد للأسد بهدف إرساء السلام بعد التفاوض.
 لوس أنجلس تايمز    ثمة عبارة جديدة تختصر الجدل القائم حول سورية في واشنطن: "اللعبة الأخيرة". يتوقع صانعو السياسة سقوط نظام دمشق قريباً وقد تحوّل تركيزهم إلى ما يمكن أن يحصل بعد ذلك.

من الناحية البراغماتية، لا يريد الأميركيون وحلفاؤهم سقوط نظام بشار الأسد فوراً، فلا أحد مستعدا (داخل سورية أو خارجها) لإعادة تجميع أشلاء البلد. قد يؤدي أي انهيار مفاجئ إلى ما يشبه الفوضى التي غلّفت العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003. لكن نظراً إلى غياب وحدات الجيش الأميركي في سورية كي تساعد على إعادة فرض الأمن، يسود خوف من أن تصل الأسلحة الكيماوية التي يملكها النظام إلى يد الإرهابيين.

ثمة سبب واحد يفسر دعم إدارة أوباما القوي للائتلاف الوطني الجديد الذي يمثّل المعارضة السورية السياسية بينما تعمل على رسم معالم الحكومة السورية بعد حقبة الأسد. هذا الأسبوع، تعترف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون رسمياً بالائتلاف باعتباره "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري"، وهي خطوة تمهيدية للتعامل معه كحكومة انتقالية في سورية. سبق أن اتخذت الولايات المتحدة خطوات عدة لتوفير الأموال ومساعدات أخرى وتمكين الائتلاف من تولي الحكم في المناطق التي يسيطر عليها الثوار.

لكن أدى هذا التخطيط إلى إعادة فتح الجدل القديم في الإدارة الأميركية حول مسألة أساسية: هل يجب أن تقدم الولايات المتحدة المساعدات العسكرية إلى الثوار أيضاً؟

حتى الآن، كانت الإدارة حذرة جداً في سلوكها. على المستوى الرسمي، توفر الولايات المتحدة "مساعدات غير عسكرية" حصراً إلى المعارضة، لكن هذا ما دفع الثوار إلى طلب الأسلحة والذخائر من أماكن أخرى، وقد حققوا ما يريدونه، فقد حصلوا على الأسلحة من مخازن النظام السوري التي استولوا عليها ومن الدول المجاورة مثل تركيا والأردن. كما أنهم اشتروا الأسلحة من الجنود السوريين والمهرِّبين الدوليين، فضلاً عن حصولهم على أموال نقدية من المملكة العربية السعودية وقطر.

إليكم جوهر المشكلة: من خلال رفض توفير الأسلحة، لم تعد الولايات المتحدة تستطيع تحديد الجماعات الثورية التي تستحق تلقي الأسلحة. لذا وصلت معظم الأسلحة إلى الجماعات الإسلامية المتشددة التي تفضّلها الجهات المانحة السعودية والقطرية بدل أن يحصل عليها الجيش السوري الحر، وهو التنظيم العسكري الذي تفضّله الولايات المتحدة.

يعتبر عدد متزايد من المسؤولين الأميركيين أن الائتلاف الوطني الجديد لن ينجح في كسب الدعم ميدانياً ما لم يحصد أكبر قدر من الإمكانات التي توفرها أي انتفاضة: الإمدادات العسكرية. هم يظنون أن أفضل طريقة يمكن أن تعتمدها الولايات المتحدة لوقف تدفق الأسلحة إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة، بما في ذلك الجماعة المستوحاة من "القاعدة"، "جبهة النصرة"، هي المشاركة مباشرةً في توفير الأسلحة.

يقول فريديريك هوف الذي شارك في توجيه سياسة وزارة الخارجية الأميركية في الملف السوري حتى شهر سبتمبر: "نحتاج إلى استعمال بعض الحس القيادي وأداء دور إداري في مجال التسليح. يجب أن نحاول السيطرة على الأمور اللوجستية وأن نتخذ قراراً بشأن هوية متلقّي الأسلحة. ويجب أن ننفذ هذه المهمة بالتعاون مع الآخرين كي لا يبدو الأمر جهداً أميركياً فردياً... لكن يجب أن نشارك في اللعبة طبعاً".

حتى الآن، تتردد الإدارة في توفير الأسلحة لأنها كانت تتمنى التوصل إلى حل يتم التفاوض عليه لإنهاء الحرب. أوضح هوف: "لم نكن نرغب في تعزيز المنحى العسكري للصراع. أصبح هذا المنطق شعارنا. لكن لم يعد ذلك الشعار نافعاً الآن... بدأت سورية تتدمّر نتيجة تسارع انهيار النظام وارتفاع خطر سفك الدماء على خلفية طائفية. أصبح الوقت عدوّنا، فكلما زاد الوضع سوءاً ازدادت صعوبة إعادة بناء سورية".

لا يتعلق الأمر أساساً بتوفير أسلحة إضافية إلى الثوار، فالأسلحة تتدفق أصلاً. الأمر لا يتعلق بهم بل بنا وبحجم النفوذ الذي سنحصل عليه في سورية حين يفوز الثوار.

يعترف المسؤولون بأن الرئيس أوباما ومساعديه يعيدون النظر بمسألة التسليح. في الوقت الراهن، لا يزال التردد سيد الموقف لأن روسيا وافقت في الأسبوع الماضي على التفكير بعرض جديد للأسد بهدف إرساء السلام بعد التفاوض. لطالما اعترضت روسيا، أقوى حليفة للنظام السوري، على تقديم أي مساعدة خارجية إلى الثوار.

لكن لا أحد يتوقع نجاح المبادرات الدبلوماسية في هذه المرحلة. رفض الأسد بشكل قاطع جميع الاقتراحات التي تدعوه إلى التنحي، ولا سبب يدعو الثوار إلى التفاوض طالما يظنون أنهم بدؤوا يفوزون.

بالتالي، سيصبح تقديم المساعدات العسكرية الأميركية إلى الثوار مسألة مركزية حين تنتهي الجولة الراهنة من الدبلوماسية. ما لم يفز الثوار أولاً، فستصبح الولايات المتحدة في مطلق الأحوال مضطرة لمواكبة الوضع وستسعى إلى كسب النفوذ مع حكومة جديدة تعتبر أن واشنطن لم تقدم لها مساعدة قيّمة حين كانت بأمسّ الحاجة إليها.

* دويل ماكمانوس | Doyle McManus

back to top