سراييفو مدينة المآذن والمقابر

نشر في 14-08-2012
آخر تحديث 14-08-2012 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي في عام 2008 صدر مرسوم أميري كريم بتعييني سفيراً غير مقيم لدى جمهورية البوسنة والهرسك، ومحال من مملكة هولندا الصديقة، وفي الشهر الثامن من العام نفسه شددت الرحال إلى البلد العزيز في رحلة فيها الكثير من المتعة والمشقة حيث غادرنا مدينة لاهاي في هولندا، ومنها إلى ألمانيا ثم النمسا حيث قضينا الليل وفي الصباح واصلنا السير إلى جمهورية سلوفينيا ومنها إلى كرواتيا ثم صربيا، ومنها إلى جمهورية البوسنة والهرسك وبالتحديد العاصمة سراييفو.

من خلال نافذة فندق "رادن بلازا" ومن الدور التاسع نظرت إلى مدينة سراييفو الساحرة بجبالها وأنهارها بمبانيها القديمة ومساجدها التي تزينها المآذن البيضاء التي تعانق السماء شموخا وعزة، ينبعث من صخورها عبق التاريخ، فتشعر بالفخر والغبطة، وجال في خاطري في تلك اللحظات أولئك الرجال الذين حملوا راية الإسلام من جزيرة العرب إلى وسط أوروبا وسيلتهم الجمال والخيول ودليلهم النجوم والإيمان.

ولكن سرعان ما تلاشت تلك الفرحة والغبطة عندما أبصرت تلك المقابر المنتشرة بين البيوت والأحياء بمنظر يؤلم النفس، ويزيدها إيلاما عندما ترى رسم الهلال يتوسط المقبرة ليدل على أن ساكنيها من المسلمين وبجانبها مقبرة أخرى يتوسطها الصليب، وبينهما مقبرة يتوسطها رسمي الهلال والصليب جانب بعضهما دليل على أن ساكنيها من المسلمين والمسيحيين، والجميع ضحايا لحرب واحدة، وكلاهما يعتنق دينا سماويا ركنه الأساسي التوحيد والمحبة والسلام، وبينما أنا غارق في التفكير وإذا بصوت النداء الخالد ينطلق مناديا لصلاة المغرب فيتردد صداه في أرجاء المدينة التي غاصت في خشوع ورهبة، إنه النداء الذي صدح به سيدنا بلال من فوق سطح مسجد رسول الله في المدينة المنورة يتردد صداه في هذه المدينة التي تقع على بوابة أوروبا... ما أعظمك يا رسول الله! وما أعظم هذا الدين.

في اليوم التالي تشرفت بمقابلة الرئيس د. حارس سيلاديتش حيث زالت إجراءات البروتوكول واستمر اللقاء أكثر من الوقت المحدد بحديث شيق ومفعم بحب الكويت، أميراً وشعباً، تقديراً لمساعدة بلده، في اليوم الثالث قمنا بزيارة لعائلة المرافق الأمني السيد أمير المقيمة في إحدى القرى القريبة من سراييفو، والتي تتكون من الزوج عامر والزوجة فاطمة والابن عمار وابنتيهما خديجة وزهرة والتي لم تتجاوز العاشرة من عمرها وتحفظ القرآن الكريم.

وما لاحظته أن أغلب الشعب البوسني يكن الشكر والتقدير للدول الأوروبية وبشكل خاص للولايات المتحدة ورئيسها السابق "بيل كلنتون"، لما قدموه من دعم ومساندة للحفاظ على كيانهم ودينهم ضد هجمة هدفها "التطهير العرقي"، ومنا إلى تنظيم القاعدة والجماعات الأخرى، ولعلنا في الكويت الغالية ندرك مشاعر العرفان والتقدير لأميركا والدول الغربية التي وقفت بجانبنا في محنة الغزو الغادر.

***

الخطوط الجوية الكويتية

أثناء الزيارات المعتادة لعدد من الدواوين لاحظت أن عدداً من الأصدقاء يطلب مني تناول موضوع مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وما وصلت إليه من أوضاع سيئة للأسف، قد يكون فيها أحيانا مبالغة لأهداف معينة، وبودي أن أشير هنا إلى مثال ليس من باب المقارنة أو التقليل من شأن مؤسستنا الوطنية ولكن من باب الواقع المر الذي نمر فيه، فقد طلبت الخطوط الجوية الإماراتية "الإمارات" في بداية نشأتها من السلطات الكويتية المختصة السماح لها بالهبوط في "مطار الكويت الدولي"، ولكن السلطات الكويتية لم ترد على هذا الطلب على اعتبار أن هذه الشركة غير معروفة وكل ما تملكه عدد قليل جدا من الطائرات المستأجرة وتتبع في ملكيتها لإحدى الإمارات التي تتكون منها دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد اضطرت السلطات الكويتية على الموافقة على ذلك الطلب بعد أن أشارت السلطات الإماراتية إلى أنها ستوقف السماح للخطوط الكويتية باستخدام مطار دبي الدولي، و"دارت الأيام" وحلق الصقر الإماراتي في أجواء العالم بأسطول قوامه "129" طائرة عملاقة تصل إلى "120" مطاراً دولياً حول العالم، بينما جثا على الأرض الطائر الأزرق الحزين مكسور الخاطر والجناح بعد أن أصابه الوهن الذي أصاب أركان الدولة بأسرها ولا نريد أن نتساءل عن المتسبب في ذلك، ولكن من المؤكد أن وراء ذلك "مصالح".

حفظ الله مؤسستنا الوطنية، وحفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل سوء ومكروه.

back to top