توزيعة الدوائر الظالمة

بعد قراءتي لإحدى الصحف المحلية ونشرها بيانات تفصيلية لأعداد الناخبين في الدوائر الخمس، حيث كشفت هذه الإحصائية مفارقات خطيرة وتفاوتاً غير منطقي بما يعدم أي فرصة لوجود العدالة والمساواة بين أبناء المجتمع.

فأعداد من يحق لهم التصويت في الكويت 400296 ناخباً وناخبة، ونصيب الدائرة الأولى هو 71146 صوتاً، والدائرة الثانية 45400 صوت، والدائرة الثالثة 67063 صوتاً، والدائرة الرابعة 103280 صوتاً، والدائرة الخامسة 113407 أصوات.

نلاحظ التفاوت الصارخ بين تلك الأرقام حيث إن الدائرة الثانية مثلا عدد ناخبيها 45 ألفاً والخامسة 103 آلاف! وهنا نجد الفارق فقط 57 ألفاً! بمعنى أن المواطن في الدائرة الثانية يمثله عشرة نواب، والمواطن في الدائرة الخامسة يمثله عشرة نواب في المجلس، وعندما نراجع الأعداد نرى أن المواطن القاطن في الدائرة الثانية يوازي مواطنين وربع من قاطني الدائرة الخامسة!

أي مساواة وأي عدالة نتغنى بها؟! أيعقل أن يكون عدد الناخبين في الدائرتين الرابعة والخامسة 216687، بينما عدد ناخبي الدوائر الأولى والثانية والثالثة مجتمعة 183609 ناخبين!

لا أريد أن أشير إلى تمييز فئوي أو طبقي في "توزيعة" الناخبين في الدوائر الخمس! لكن هناك تمييز ظاهر وملموس بين المواطنين، وفي حال الاستمرار بهذه "التوزيعة" سيستمر مسلسل التفرقة الاجتماعية، وأيضا أدت "توزيعة" الدوائر إلى خلق دائرة للطائفية ودائرتين تلعب بهما القبلية بشكل كبير، وبهذه الطريقة لن نعبر بالكويت إلى بر الأمان في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد في الكويت حيث نطل على بلدين مثار جدل ونزاعات داخلية كبرى وهما العراق وإيران، لذلك يجب تحصين الجبهة الداخلية للوطن بعيداً عن النزاعات بين الأقطاب والتيارات التي تلقى دعماً مالياً وإعلاميا ومعنوياً من بعض الشخصيات الكبيرة ورجال الأعمال.

أليس من المخجل أن يكون النائب مرزوق الغانم وهو الحاصل على المركز الخامس في الدائرة الثانية قد حصل على ستة آلاف صوت وكسور، بينما يخسر عبدالله فهاد العنزي في المركز الحادي عشر بأكثر من سبعة آلاف صوت بالدائرة الرابعة؟ أليس عارا أن يصمت الجميع؟! أليس من المعيب أن ينجح النائب محمد الجويهل بعدد ثمانية آلاف صوت، بينما يخسر عايض بوخوصة بقرابة عشرة آلاف صوت في الدائرة الخامسة ويخسر العضوية؟!

عندما ينجح مسلم البراك بأكثر من واحد وثلاثين ألف صوت ويحصد المركز الأول بالدائرة الرابعة، ليكون الرقم الذي حصل عليه أربعة أضعاف- إلا ربع- حاصد المركز الأول في الدائرة الثانية النائب جمعان الحربش بثمانية آلاف صوت.

بالطبع نكن الاحترام والتقدير لجميع النواب، لكن الأمر نضعه حيز المقارنة لأننا نريد عدالة اجتماعية للجميع، ونريد أن ننتهي من القبلية والطائفية والمناطقية، نريد الكويت دائرة واحدة وبيتا واحدا يضم الجميع.