الفتى ذو السترة الحمراء وكبرياء اللون .. استعادة أشهر لوحات بول سيزان

نشر في 15-04-2012 | 00:01
آخر تحديث 15-04-2012 | 00:01
No Image Caption
عثرت الشرطة الصربية قبل أيام على لوحة تشكيلية مسروقة للرسام الفرنسي بول سيزان، تقدر قيمتها بحوالى مئة مليون يورو. وكانت اللوحة التي تحمل اسم {جيلي روج» أو «الفتى ذو السترة الحمراء» قد سرقت من أحد متاحف زوريخ في سويسرا عام 2008، بالإضافة إلى ثلاث لوحات أخرى من توقيع إدغار ديغا وفان غوغ وكلود مونيه، واعتبرت حينها إحدى أكبر السرقات الفنية في أوروبا، وقدرت بمئات ملايين الدولارات.

في مدينة تشاتشاك في بلغراد، الواقعة على بعد 140 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة الصربية، اعتقل ثلاثة صربيين لسرقتهم لوحة بول سيزان «الفتى ذو السترة الحمراء». تم التحضير لعملية الاعتقال طوال أشهر بالتعاون مع أجهزة الشرطة في بلدان أوروبية عدة، وسيحضر خبراء سويسريون قريباً إلى بلغراد للتأكد من أن اللوحة أصلية.

بول سيزان، الذي تميَّزت لوحاته باللون الأحمر، أحد آباء الفن الحديث. على غرار زملائه من المدرسة الانطباعية، مارس التصوير في الهواء الطلق، إلا أنه نقل أحاسيسه التصويرية في تراكيب جسمية وكتلية كالملامح البشرية وغيرها. من أهم الموضوعات التي تعرَّض لها: الطبيعة الصامتة، المناظر الطبيعية، صور شخصية، والملامح البشرية، وكان له تأثير كبير على كثير من الحركات الفنية في القرن العشرين: الوُحوشية، التكعيبية، التجريدية. أما التأثيرية فلم تكن قوية في لوحاته، فقد منعه عن قبول مبادئها إحساسه الواضح بالتصميم والصياغة وتكوين الصورة.

الفتى الإيطالي

تبدو الألوان بارزة، حية وغنية في لوحات سيزان، ويشعر المشاهد بالارتياح لها. وتميَّز هذا التشكيلي عن زملائه بأنه قلما كان يستخدم «موديلاً» محترفاً لرسمه. في اللوحة المُستعادة، رسم الفتى الإيطالي، ورسم له ثلاث لوحات أخرى. نجد الانحناءات في جسم الفتى تعادلها الانحناءات الموجودة في السترة في خلفية العمل.

في «الفتى ذو السترة الحمراء»، يطبق سيزان مقولته الشهيرة «كبرياء اللون تجعل الشكل ممكناً»، و{عندما يبلغ اللون ثراءه يبلغ الشكل كماله»، وفي رأيه «لا تشكيل بلا تنغيم»، ما يعني أن للون مهمتين: التشكيل والتنغيم. لتأكيد ذلك اضطر سيزان إلى إجراء تعديل على طرق الاتباعيين والإبداعيين والانطباعيين، فألغى ارتباط اللون بتبدل الأحاسيس الآني، ولجأ إلى تنظيمه على نحو يظهر متانة الأشياء واستدارتها وفق بناء اللوحة الكلي المتماسك، ومن العلاقة الجدلية بين التنغيم في درجات الإضاءة وتنظيم الألوان حسب شدتها.

تجلت هذه التجديدات في معظم الأعمال التي أنتجها في مرحلة النضج مثل: «قصر ميدان»، و{قرية بين الأشجار»، و{كأس وكمثرى»، و{السيدة سيزان»، و{الفتى ذو السترة الأحمر»...

أثَّرت لوحة «الفتي ذو السترة الحمراء» على بعض الفنانين، ويذكر نقاد الفن أنه حين عرضها سيزان في بداية القرن التاسع عشر أعجب بها الرسام أماديو موديلياني أيما إعجاب ورسم من بعدها «عازف الفيولونسيل»، تلك اللوحة التي رغم أنها «سيزانية» بامتياز إلا أنها تحدد بداية طابع موديلياني المميز.

قدم الباحث كلود روي مقارنة بليغة لثلاث لوحات صورها موديلياني لصديقه الباريسي الأول وأول المعجبين بفنه الدكتور بول الكسندر. تعود اللوحة الأولى إلى عام 1909 وتتوضح فيها شخصية معبرة وتبدو وكأنها من صنع الرسام الإيطالي جيوفاني بولديني ولو أنها مصقولة نوعاً ما بالرؤية الوحشية.  أما الثانية والتي رسمت في عام 1911 فإنها تختلف تمام الاختلاف عن الأولى، فقد أختفى فيها الحجم ولم يبذل الفنان أي جهد لإظهار الفراغ وأصبح الوجه في وضعيته وتعبيره أشد بساطة فيما جاءت المادة التصويرية أكثر تدفقاً.

وتؤكد اللوحة الثالثة المؤرخة في عام 1913 أن موديلياني استوعب سيزان تماماً في مجال استخدامه الألوان وفي تبسيطه التعبير، في الوقت نفسه الذي توصل فيه إلى تحديد أسلوبه الخاص في الخطوط.

back to top