خبراء أرصاد لـ"الجريدة": الكويت بحاجة ماسة إلى هيئة متخصصة للطقس
نادت أصوات كويتية ومازالت بتطوير إدارة الأرصاد التي نحتاج إليها صباحاً ومساءً لنعرف أخبار الطقس ودرجات الحرارة وحركة السحب، مطالبة بتحويلها إلى هيئة متخصصة توفر بيئة عمل جاذبة للشباب الكويتيين.
طالب عدد من خبراء الأرصاد الجوية بتحويل إدارة الأرصاد الجوية التابعة للطيران المدني الى هيئة متخصصة بكوادر كويتية شابة وذات مناخ مشجع للعلم والبحث والتنبؤ بالطقس على أسس علمية متطورة في بيئة عمل جاذبة، إذ إن الإدارة الحالية تفتقر للعناصر الكويتية والأجهزة المتخصصة والكادر المالي المناسب أسوة بما يتقاضاه موظفو الأرصاد بدول مجلس التعاون.هيئة مستقلةأكد خبير الأرصاد جمال إبراهيم لـ"الجريدة" ضرورة تحويل ادارة الأرصاد الى هيئة مستقلة للأرصاد اسوة بالدول الخليجية والعربية والعالمية، مضيفا أن تحويلها سيخدم الدولة من عدة نواح، اهمها جعلها مكانا جاذبا للعمل بعد أن أصبحت مهنة طاردة لا يعمل بها سوى القلة القليلة، فضلا عن أن الذين يبتعثون من التعليم العالي لدراسة علم الأرصاد يأتون من الخارج ولا يعملون في هذا المجال لعدم وجود الكادر المالي المناسب ولوجود فرص وظيفية أفضل في الجهات الأخرى.وأشار إبراهيم إلى أن مملكة البحرين لديها قطاع متخصص للأرصاد تم تجهيزه بأحدث الاجهزة المتخصصة برصد الطقس، وتم تدريب كوادره خارج المملكة في دورات متخصصة لصقل خبراتهم، وتمت مضاعفة رواتبهم حتى أصبح من أفضل قطاعات الأرصاد بالدول العربية.وقال "وفي هذا الاطار لا ننسي مصلحة الأرصاد بالمملكة العربية السعودية أيضا، إذ تعد من أفضل الهيئات المتخصصة التي لديها معاهد تدريب متخصصة"، مشيرا إلى أن "إدارة الارصاد في قطر كبيرة ومتخصصة، وفيها كوادر فنية محترفة وتستقطب الشباب الوطنيين وتدريبهم وتأهيلهم".وتابع "أما نحن فينقصنا الكثير، إذ نحتاج إلى التدريب لملاحقة تطور علم الأرصاد لأنه علم متغير"، لافتا إلى أن "الإدارة بحاجة إلى العديد من الأجهزة المتخصصة، ومطلوب اقرار كادر مالي يرغّب الشباب في العمل في هذا المجال، إضافة إلى إيفاد العاملين بالادارة لدورات خارجية متخصصة"، مشيرا إلى أن "الكويت لا تهتم بمثل هذه الادارة وتعتمد على ردود الافعال ومثال ذلك عندما أضرب موظفو النفط حصلوا على زيادة 100 في المئة مع أن رواتبهم كانت بالفعل عالية".لا نستطيع الإضرابوذكر إبراهيم "أما نحن فلا نستطيع ان نضرب لأننا 10 أشخاص فقط، وخدمنا 20 سنة في عملنا مما يعني أننا بعد 10 سنوات سنتقاعد ولن يبقى اي كويتي في الإدارة لأن أغلب العاملين بها من الوافدين"، موضحا أن "الادارة تسد النقص في الموارد البشرية بخدمات بعض الاخوة من الدول العربية، وهم اقل خبرة ومعرفة من ابناء هذا الوطن الذين درسوا بالخارج وعادوا ليعملوا في الارصاد ففوجئوا بالراتب الضعيف فذهبوا إلى العمل في البنوك أو الشركات".وأشار إبراهيم إلى أن "هذه مهنة طاردة وأغلب الدول تشجع مواطنيها للعمل بالأرصاد بمضاعفة أجورهم، فعلى سبيل المثال فإن المتنبئ الجوي في الولايات المتحدة الاميركية يتقاضي راتبا يعادل 100 ألف دينار في السنة، أما نحن في الكويت فلا يتجاوز راتب الشخص منا الـ15 ألف دينار في السنة". لافتا إلى أن "العمل شاق ويحتاج إلى التشجيع دائما، إذ نعمل ليل نهار بمجهودات شخصية سواء بالتنبؤ وقراءة خرائط الطقس لرسم الطرقات الجوية الآمنة لخطوطنا الجوية اعتمادا على خرائط الطقس والتنبؤ الجوي لتصل طائراتنا الى وجهتها بكل يسر وسهولة".تقييد نشاط الأرصادأما خبير الأرصاد خالد الشعيبي فيرى أن "وجود إدارة الارصاد الجوية ضمن إدارة الطيران المدني يقيد نشاط الارصاد ويحد من تقديم خدماته للدولة كلها، كما يعرقل تطورها لمواكبة علم الارصاد المتطور باستمرار"، داعيا إلى أن "تكون الأرصاد هيئة مستقلة بميزانية مستقلة لتقديم خدمات أوسع وأشمل وأفضل للمجتمع ككل أسوة بدول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ودول العالم المختلفة التي تؤمن بأهمية الارصاد الجوية".وقال الشعيبي "عندما كنت مديرا لادارة الارصاد الجوية تقدمت بمشروع لتحويلها إلى مركز علمي وبحثي ضمن مقترح شامل يتم من خلاله تحويلها إلى معهد علمي متخصص على غرار معهد الكويت للأبحاث العلمية" مضيفا ان "الادارة الآن لا تدعم البحث العلمي حاليا وتحويلها الى مركز بحثي سيساهم في كل مشاريع الدولة ويتم الاستفادة من خدماته اجتماعيا واقتصاديا". وذكر أنه "خلال مؤتمر متخصص بالارصاد عقد في الكويت عام 2003 وحضره ممثلو أكثر من 22 دولة ومنظمة متخصصة بالارصاد قدمت ورقة عمل تبين المردود الاقتصادي والاجتماعي لخدمات الارصاد الجوية".وأشار إلى أن "الأرصاد تحتاج إلى العديد من الكوادر الكويتية الجامعية المتخصصة في علوم الارصاد الجوية من الجامعات الاوربية والاميركية"، لافتا إلى أن "الدول العربية لا تعطي درجة البكالوريوس في علوم الارصاد، بل تقتصر شهاداتها على الدبلوم الراصد الجوي، وهذه لا تعادل عندنا خريجي معهد الملاحة، وليست بكفاءة خريجي جامعات أوروبا واميركا".وكشف الشعيبي أن "ادارة الارصاد لا تملك جهازا للرصد الزلزلي، وتعتمد على جامعة الكويت رغم ان هذا الجهاز من اهم الاجهزة، لأن الزلزال مرتبط ارتباطا كليا بالمناخ وتغيره، وأكبر مثال على ذلك التسونامي الذي حصل في شرق آسيا، فالزلزل حركة جيولوجية ولكنها تغير المناخ كله".تضارب البياناتوعن تضارب معلومات الطقس بين المتنبئين افاد الشعيبي بأن تضارب البيانات يأتي لان متنبئا جويا يعتمد على قراءته الشخصية للبيانات، وليس على الاجهزة الالكترونية الدقيقة التي تعتمد على المعادلات الحسابية للتوقعات بشأن الرياح والحركة والسحب ودرجات الحرارة والرطوبة وحركات الموج.واضاف الشعيبي ان الارصاد بحاجة ماسة إلى دورات متخصصة تنمي الكوادر البشرية الكويتية، لتواكب علم الارصاد والتطور الحاصل في هذا العلم المتقدم دائما، لان الارصاد حاليا تستخدم اجهزة قديمة وغير متطورة لها اكثر من 30 سنة، ولكي نكون مواكبين للتطور العالمي في الارصاد علينا ان نحدث اجهزة الرصد الجوي والقياس بشكل دوري حتى نتمكن من تقديم خدمات افضل للمجتمع.وطالب المسؤولين بالالتفات الى "الارصاد" لأنها من التخصصات النادرة التي تحتاج الى تشجيع ودعم مستمر للنهوض بخدماتها على اكمل وجه.اضطرابات مناخيةاما مدير عام الهيئة العامة للبيئة سابقا رئيس قسم علوم الارض والبيئة في جامعة الكويت د. محمد الصرعاوي فقد اشار إلى ان التقلبات المناخية اصبحت ظاهرة في كل دول العالم الآن، وان كل الدول تعاني اضطرابات مناخية، ونحن في الكويت نرى الذي يحدث في التغيرات المناخية الفصلية وهي عالمية.وقال الصرعاوي: "لقد حضرت مؤخرا في نيويورك مؤتمرا عالميا عن التغيرات المناخية، واجمع العلماء خلاله على ان هناك تقلبات مناخية عالمية في الطقس غير مسبوقة، وارجعوا اسباب ذلك إلى الانشطة البشرية والكونية والصناعية التي من شأنها التأثير على التقلبات الجوية".وأضاف: "تشهد الكويت اليوم التغييرات الفصلية، التي هي جفاف الامطار وحركة الكثبان الرملية السريعة والرياح السريعة غير المسبوقة والغبار الاسود والاحمر، وهذا يؤكد ان مصادر تلك الرياح خارج الكويت، واقرب مثال كان في المطار، وبعد ربع ساعة اتى غبار برياح قوية جدا على عكس العادة، فالمطر لا يسبقه غبار".وتابع: "من هنا اقولها ان الكويت بحاجة ماسة لهيئة خاصة للطقس، مسبوقة بدراسات مكثفة من قسم العلوم والبيئة بالتعاون مع قسم الجغرافيا ومعهد الابحاث العلمية والارصاد الجوية، لتحديد اسباب هذه التقلبات".وذكر ان الكويت جزء من المنظومة العالمية وتحتاج للتثقيف والبحث العلمي المتخصص بعلوم الرصد، ويجب اولا ان نثقف انفسنا ونفهم ما يحدث حولنا، ونثقف المواطنين بالاخطار البيئية المحدقة، وهناك مشاكل مناخية، والدولة الآن بحاجة لهيئة لا ادارة ارصاد تابعة للطيران المدني، التي تعتبر بعيدة بالتخصص عما يحدث في الساحة والتغيرات المناخية الحالية.وزاد: "الادارة لا تعطينا تفسيرات علمية دقيقة بل تنبؤات يومية وبيانات محلية فقط لا اقليمية او عالمية، ويجب علينا ان نربط الغبار الحاصل والامطار والعواصف الرعدية اقليميا وعالميا، فالمحلي ليس محليا بل اقليميا، ويجب تعزيز الادارة بالقدرات الفنية بمختصين من الجامعة ومعهد الابحاث لمساعدتهم وتزويدهم بشحنات علمية واجهزة دقيقة ومتخصصة بتحليل البيانات الجوية، ومعدات بحث علمي، لاننا لا نستطيع ان نعتمد على ادارة صغيرة لتفسير ما يحدث في الكويت من تغيرات مناخية، اي اننا يجب ان تنقل من ادارة الى هيئة مستقلة، ويتم ربطها بمراصد اقليمية بالسعودية والامارات والبحرين، لتكن الاجابة شافية وشاملة عن كل تغير مناخي او تحذير من تقلبات جوية في المستقبل".