"الوحدة الوطنية" في "الآداب": تماسك المجتمع بسيادة القانون واحترام الآخر عقيدةً وسلوكاً

نشر في 17-04-2012 | 19:30
آخر تحديث 17-04-2012 | 19:30
No Image Caption
تحت رعاية مدير جامعة الكويت د. عبداللطيف البدر وبحضور نائب مدير الجامعة للأبحاث د. حسن السند، وعميدة كلية الآداب د. حياة الحجي، وعدد من أعضاء هيئة التدريس وموظفي جامعة الكويت، افتتحت كلية الآداب بكيفان ندوة "الوحدة الوطنية".
 

أقامت كلية الآداب في جامعة الكويت ندوة بعنوان "الوحدة الوطنية"، تحت رعاية مدير جامعة الكويت د. عبد اللطيف البدر، أجمعت الآراء فيها على أن تماسك المجتمع يتحقق في ظل سيادة القانون، مع احترام الآخر عقيدة وسلوكاً، ما من شأنه أن يرسخ المفهوم الحقيقي لهذه الوحدة في ظل ما نشهده من متغيرات إقليمية وعالمية.

بداية، أعرب نائب مدير الجامعة للأبحاث د. حسن السند عن سعادته بالنيابة عن مدير جامعة الكويت في افتتاح هذه الفاعلية، ناقلا تمنياته بنجاح هذه الندوة التي تأتي في منعطف مهم في تاريخ بلدنا الحبيب، مؤكدا على دور الجامعة والمفكرين في ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية على جميع الصُّعُد.

وقال السند إن "المجتمع المتماسك لا يقوم بناؤه إلا إذا ترابط أفراده في وحدة وطنية يسود فيها تطبيق القوانين وترسيخ العدالة واحترام عقيدة الأمة".

من جانبها، أشادت عميدة كلية الآداب د. حياة الحجي كلمة بهذا الملتقى "الذي يجمع مفكري الكويت بغية وضع النقاط على الحروف، في سبيل صياغة رؤية أفضل لمفهوم الوحدة الوطنية" مبينة أن "الله تعالى خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعايش بعضهم مع بعض، كما جعلهم مختلفين خلقة وفكرا وأخلاقا، ومع ذلك استطاعوا أن يتعايشوا ويتواءموا لتحقيق هدف الاستقرار الإنساني".

وأوضحت أنه "من الطبيعي والمفيد أن نختلف بشرط ألا يصل الاختلاف إلى التشكيك في النوايا، ومصداقية القول وموضوعية الأفعال"، مضيفة أن "ثقبا صغيرا في سفينة كبيرة في عرض البحر قد يتسبب في إغراقها، وكذلك الأصوات النشاز التي تصدر من هنا وهناك، فتهدد مجتمعنا الكويتي بفتنة لا تحمد عقباها".

الصراع طبيعي

إلى ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار إن "الحالة الطبيعية للمجتمعات هي الصراع، فالصراع هو الذي يحرك المجتمعات، والإشكالية التي تواجه المجتمعات هي كيفية تقنين هذه الصراعات"، لافتا إلى "أننا نتحدث عن دول تحاول أن تكون متماسكة، بمعنى أنها تقدر الاختلاف داخل المجتمعات، دون ضرب هويتها، فإذا كانت هناك فئة في المجتمع تفرض رأيها ولا تتقبل رأي الآخر فإن الدولة لن تستمر وستسقط".

وذكر النجار أنه كلما اندفعت السلطة، التي تعنى النفوذ، محدثة التمييز بين فئات المجتمع دون وجه حق كانت هناك مشكلة أمام الوحدة الوطنية.

وضرب مثالا بالمجتمع الكويتي إبان الغزو العراقي، "حيث استطاع الشعب تجاوز المطب الطائفي في هذه المحنة، بتماسك ملحوظ، وشعرنا بقوة مضاعفة"، مبيناً أن ما لدينا من مشاكل يحتاج إلى تقوية البنيان الاجتماعي، وذلك لا يتم من خلال الشعارات، بل بالعدالة، التي يجب أن تسود دون تسييس للقانون أو القضاء.

وأضاف أن الدستور خلال فترة الغزو جمع الشعب الكويتي بكافة أطيافه، وكان مصدرا للقوة، وساهم في اقتلاع الأزمة، أما اليوم فهناك من النواب من يريد أن يفتت هذا الدستور.

بدوره، ذكر الكاتب الصحافي جعفر رجب "أننا دائما نحاول تبرير مشاكلنا بالتأثيرات الإقليمية في المشاكل الخارجية والتوجهات الحزبية"، لافتا إلى أن "هناك تأثيرات خارجية على الوضع الكويتي، وأن القضية هي معايشة الدول عالم الصراع في الفرز الطائفي، وخاصة مع بداية الحرب الإيرانية- العراقية منذ عام 1979، ففي فترة الثمانينات كان هناك اتهام بالعمالة الخارجية والشعوبية التي كانت مرتبطة بتيارات سياسية، ليتحول الأمر الآن إلى قضية وصراع مرتبط بعقيدة الإنسان، مع ظهور مصطلحات التكفير لتتحول القضية السياسية إلى عقائدية".

وأوضح رجب أن جذور الأحزاب والتيارات السياسية إنما هي جذور خارجية، سواء التيارات الشيعية أو الإخوان والسلف، ومن الطبيعي أن تحمل معها الأمراض الطائفية، ومشكلتها انها تنمو دون ترسيخ لقيم المواطنة والمساواة، فيتم التعامل وفق تمييز ودرجات متعددة للجنسية، ويتجلى ذلك في النتائج الانتخابية وطريقة التوزير، ما يتسبب في زيادة الانقسام المجتمعي.

وبيَّن اننا نستورد القضايا الطائفية، ففي قضية البحرين مع أن الشعب هناك لا يريد أن تكون هناك مشكلة طائفية، فإن الكويتيين الشيعة رفعوا شعاراتهم الدينية، في مقابل رفع أهل السنة راياتهم كذلك.

انفجار إعلامي

من جانبه، أكد رئيس تحرير جريدة "القبس" وليد النصف أن الكويت لم تستطع أن تستوعب الانفجار الإعلامي في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن هناك عوامل ساهمت في هذا الانفجار، ومنها دخول عامل جديد هو الأسرة الحاكمة في تملك بعض ذوي الأقلام.

وعن الوحدة الوطنية، قال النصف إن الانتخابات الماضية أسفرت عن صعود التيارات الدينية، موجها سؤاله إلى النائب محمد هايف: "وين بتودينا؟"، لافتا إلى أننا في مرحلة إعلامية خطيرة، خصوصا عندما تظهر قبيلة لتعارض قرار الحكم.

واستنكر ما حدث في مقابر الشيعة وإزالة الأعلام المرفوعة على القبور، واعتبر ذلك تعديا على حقوقهم، معتبرا أن لهم الحرية في وضعها أو إزالتها، متسائلاً: "كيف للحكومة أن تهاجمهم؟"

وفي مداخلة لوزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي قال: "عندما نحتفل بالوحدة الوطنية في أوبريت فكل الوسائل الإعلامية تقوم بنقله، ولكن لدينا قصورا في الإبداع والإنتاج" منادياً بمواجهة حقيقية للمجتمع من أجل زرع الوحدة الوطنية، عبر التعاون والتلاحم وتوحيد العاطفة.

 

الجسمي: "الوحدة" مطلب للقضاء على التعصب

ناقش رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب د. عبدالله الجسمي ود. سعد بن طفلة في المحور الأول من الندوة مفهوم الوحدة الوطنية، اذ ذكر الجسمي أن مفهومها ظهر نتيجة للصراعات القائمة ذات الأشكال المتعددة، مبيناً أنها باتت مطلبا بين أفراد المجتمع للتخلي عن جميع أشكال التعصب ونبذ الطائفية والقبلية.

ولفت الجسمي إلى أن المطلوب هو البحث في العناصر المشتركة بين فئات المجتمع لتقوية الانتماء للوطن والحفاظ على الوحدة الوطنية داخله، موضحاً أن من أسباب تفتيت هذه الوحدة طريقة التفكير والوضع السياسي الحالي في الدولة، والانتماء، وفي المقابل فهناك مجموعة من الحلول، عبر نبذ التعصب والتعايش مع المجتمع وتقبل وجود الفئات الأخرى.

أما د. سعد بن طفلة عضو هيئة التدريس في قسم اللغة الإنكليزية بـ "الآداب" فبين أننا "لم نصل إلى مفهوم الدولة المدنية بعد، وعلى الإنسان أن يستمد قوته من خلال الاختلاف مع الآخر وتقبل الرأي"، لافتا إلى أن الوحدة الوطنية هي حالة ذهنية لا يمكن المراهنة عليها، وهي رابط أساسي لتحقيق الدولة المدنية.

back to top