ندى بو فرحات: ثمة شاشات تعرض أعمالاً سخيفة تستغبي الجمهور

نشر في 13-11-2012 | 00:02
آخر تحديث 13-11-2012 | 00:02
ممثلة مسرح وسينما وتلفزيون، أثبتت جدارتها في الأدوار المركبة بعفوية واندفاع. إنها ندى بو فرحات التي تشارك في مسرحيةReasons to be Pretty على خشبة «مسرح المدينة» في بيروت مع نادين لبكي وطلال الجردي وإيلي متري، وقريباً تطلّ في فيلم سينمائي جديد وتتحضّر لعمل رمضاني ضخم.
عن أعمالها ومسيرتها ونظرتها إلى المرأة العربية تحدثت ندى إلى «الجريدة».
نلاحظ، من خلال أعمالك، أنك ممثلة متصالحة مع ذاتك في خدمة دورك مهما بلغت جرأته وصعوبته، كيف تفسرين ذلك؟

عندما أتلقى عرضاً لدور مناسب في التوقيت والماهية أندفع إليه بشغف من دون التفكير في تراتبيته في العمل ومدى انتشاره جماهيرياً. اليوم، بدأت أولي اهتماماً أكبر في هذا الإطار، بعدما كنت دائمة الاستعداد لقبول شخصيات تمسّني وتطورني إنسانياً وتشعرني بلذة داخلية، إن في فترة التحضير أو في خلال العرض وبعده، مثلما حصل في مسرحية «الخادمتان» التي لم تحظَ بنسبة مشاهدة مرتفعة ولكنها حققت لي رضىً فنياً.

هل من رابط بين جرأة الممثل في حياته العادية وجرأته في المسرح؟

أنا جريئة على خشبة المسرح، فيما أخشى في الواقع بعض الأمور الحياتية، لذلك أفكر عميقاً قبل الإقدام على أي خطوة، وأدرس ردود الفعل التي سأتلقاها.

خبرة في الدراما والمسرح والسينما، في أي من هذه المجالات تعبرين أكثر عن المجتمع الذي تنتمين إليه؟

عَكَس دوري في مسلسل «روبي» (طبيبة نفسية) حالات نساء كثيرات في المجتمع، كذلك دوري في مسرحية «حكي نسوان» (تأليف لينا خوري وإخراجها) التي عالجت مواضيع تمسّ أي شخص في كل زمان ومكان، وراهناً تعالج مسرحية Reasons to be Pretty (كتابة جاك مارون وإخراجه) مواضيع اجتماعية عميقة في الزواج والحب والخيانة. أما فيلم «تحت القصف» للمخرج اللبناني فيليب عرقتنجي فيعالج موضوعاً وطنياً كبيراً، لذلك تعكس أدواري المتجددة سنوياً في المسرح والسينما والدراما حالات إنسانية مختلفة من المجتمع.

كيف تنسقين بين هذه المجالات في مسيرتك الفنية؟

على رغم أنني أضع خطة استراتيجية لمسيرتي الفنية مطلع كل عام، وأحضّر شخصيات جديدة إن بقلم من يكتب لي أو بقلمي الخاص، إلا أنني أعدّل فيها عندما أتلقى عروضاً مهمة أحتاج إليها سواء مادياً أو معنويًّا أو فنياً. إنها حياة الممثل الذي ينتظر عروضاً جديدة في أثناء تحضيره لعمله الخاص، وما إن يصبح مستعداً لتقديمه حتى يغض النظر عنها.

بعض من يقف على خشبة المسرح لا يعمل في الدراما التلفزيونية مثلا، وبعض آخر تقتصر أعماله على الدراما أو السينما، فما ميزة من يعمل مثلك في المجالات الثلاثة معاً؟

كل ممثل مميز في إطار عمله حتى لو اقتصر أداؤه على مجال واحد دون الآخر، لذلك لا يمكن اعتبار التمثيل في المجالات الثلاثة ميزة إضافية، لأن من يعمل في الدراما يتمتع بميزة النجم، فيما لا يحظى السينمائي بشهرة كبيرة لدى الجمهور اللبناني، أما المسرحي فهو الأفقر بينهما. فضلاً عن أن الممثل الذي يتعاطى في المجالات الثلاثة، يقصّر في الأعمال التجارية التي تساهم في انتشاره عربياً لأنه لا يكرّس لها وقتاً كافياً لتحقيق النجومية التي تمهّد الطريق نحو الخارج.

كيف تنظرين إلى الدراما اللبنانية الراهنة؟

في تطور مستمرّ، ونلاحظ توافر أعمال كثيرة ضمنها، وهذا أمر إيجابي. في المقابل، يحتاج مضمونها إلى جرأة أكثر وواقعية واقتراب كتّابها من شخصياتهم ليدركوا موقعها في العمل والهدف منها. فضلا عن الضعف في الإخراج وفي أداء ممثلين يسمّعون أمثولاتهم حيناً أو يؤدون إعلاناً تجارياً حيناً آخر، وابتعاد الصورة عن تعبير الممثل أحياناً.

من المسؤول عن هذا الضعف الدرامي؟

من ينتج الكم الأكبر من الأعمال غير متخصص في مجال الدراما، لذلك يعمل انطلاقاً من منطق تجاري، في حين يحتاج التطوّر الدرامي إلى قيّمين أذكياء يبحثون عن الأسباب الكامنة وراء ابتعاد المشاهدين اللبنانيين عن متابعة الأعمال المحلية. فضلا عن أن ثمة محطات تلفزيونية تعرض أعمالاً سخيفة تستغبي الجمهور، بدل رفضها هذا المستوى المتدني الذي يهين ذكاء المجتمع اللبناني.

أي صورة للدراما اللبنانية نصّدر إلى الخارج؟

على رغم توافر الأعمال اللبنانية التي نفتخر فيها، إلا أن كمّ الأعمال السيئة التي تحوي أخطاء فنية تفوقها عدداً، لذلك لا تصل الدراما النوعية إلى البلدان العربية ويتعرقل وصول الممثلين اللبنانيين أيضاً، بسبب صورة بعضهم المهتزّة لدى العرب وأداء بعضهم الآخر غير المقنع.

ألا يرتدّ رأيك هذا سلباً على الدراما اللبنانية؟

أنا ابنة الدراما اللبنانية أولاً، وحين أشير إلى الأخطاء لا أسعى إلى الانتقاد بل إلى إيجاد حلول للتقدم والتطور، ولا ألقي اللوم على الممثلين اللبنانيين الذين أشدّ على يدهم، إنما على مديري البرامج الذين يوافقون على عرض أعمال دون المستوى المطلوب. يتحمل هؤلاء مسؤولية عدم تحسين المستوى الانتاجي. فلنثق بذكاء المشاهد اللبناني الذي يبحث عن أعمال جميلة، لذا يشاهد مسلسلات تركية وسورية.

برأيك ألا تطغى صورة الكليب المبهرجة على الدراما في الشكل والأكسسوار؟

للأسف، أصبحت صورة بعض الأعمال الدرامية شبيهة بصورة الكليب وذات مضمون سيئ، إذ يتوزع فيها الممثلون كأحجار شطرنج، فتفشل لأن المشاهد لا يبحث فيها عن القصر والسيارات الجميلة بل عن شخصيات تشبهه وتعيش مثله.

هل ينطبق هذا الواقع على السينما أيضاً؟

السينما اللبنانية بأفضل أحوالها، وهي أحسن نوعيًا من بعض الأعمال الدرامية التلفزيونية، فالأفلام التي تشارك في المهرجانات تحظى بردود فعل إيجابية ويزداد إيمان المشاهد اللبناني بها، خصوصاً أن المخرجين نادين لبكي وجو بو عيد وفؤاد عليوان تركوا انطباعاً جميلاً لدى الجمهور. كذلك نشهد أعمالا جديدة لسليم الترك ولارا سابا وزياد الدويري...

كيف تقيّمين ردود الفعل تجاه مسرحية Reasons to be Pretty؟

نسبة الحضور مرتفعة لأن هذه المسرحية التجارية الخفيفة الظل تتناول  موضوعاً بسيطاً وواقعياً، يتمحور حول رجل لا يعرف كيفية التعبير عن مشاعره و امرأة تعرضت للخيانة، وقد جاء توقيتها مناسباً للجمهور اللبناني التواق إلى الضحك والتسلية. إلى ذلك يتميّز أداء الممثلين الأربعة ببساطة متقنة، ولدى جمهور نادين لبكي فضول لرؤيتها على الخشبة. فضلاً عن أن الحملة الإعلانية والسخاء الإنتاجي شكلا دعماً كبيراً أيضاً.

ما الدور الذي ستؤدينه في العمل الرمضاني المقبل (إنتاج عربي مشترك) الذي يحكي سيرة الأديبة اللبنانية مي زيادة؟

سأؤدي دور أليس، صديقة مي زيادة المتحررة جسدياً وفكرياً، وهما شخصيتان متكاملتان في إحدى مراحل حياة مي زيادة.

إلى أي مدى يساهم الإنتاج العربي المشترك في دعم الممثلين اللبنانيين وانتشار الدراما اللبنانية؟

هذا النوع الإنتاجي خطر من جهة ويشكّل جواز مرور إلى الدول العربية من جهة أخرى، شرط أن ينجح الممثل في أداء دوره، لأن الوقوف أمام نجوم سوريين ومصريين يتطلب جهوزية معينّة. من هنا أهمية توافر مخرج جيّد يؤمن بقدرة الممثلين اللبنانيين على تحمل مسؤولية أدوارهم شرط أن يمرنهم كما يجب. لذلك جاء نجاح «روبي» ثمرة إدارة جيّدة للممثلين ونص جميل وعفوي لكلوديا مرشليان.

أخبرينا عن Stable On Table أو «طالع نازل».

الفيلم من كتابة محمود حجيج وإخراجه وإنتاجه بالاشتراك مع «قبّوط للإنتاج»، يتناول موضوعاً لبنانياً يعالج اللااستقرار النفسي والقلق الذي ينتاب  المواطن بسبب اللااستقرار الوطني، ويقدم ستّ شخصيات مضطربة نفسياً تتوجه إلى طبيب نفسي واحد ليلة رأس السنة، وفي المساء تحتفل بحلول العام الجديد. سأؤدي دور إحدى الشخصيات المريضة التي ترقص التانغو من دون احتراف، متزوجة إلا أنها متعددة الشركاء في الحياة، كأسلوب رقص التانغو. سيعرض الفيلم في مارس المقبل في الصالات اللبنانية.

هل من أعمال أخرى قيد التحضير؟

فيلم سينمائي موسيقي راقٍ يحكي عن «التانغو»، كتابة إيلي كمال وإخراجه، التأليف الموسيقي لجاهدة وهبة. كذلك سأشارك في مطلع العام المقبل في برنامج Dancing with the Stars عبر شاشة «أم تي في» اللبنانية.

أي صورة امرأة تستفزك لتقديمها في عمل؟

أحب صورة هيفا كثيراً، لأنني أعتبر أنها تفهم الحياة جيداً ومثقفة وذكيّة على رغم معاناتها، لذلك أحبها وتحفزني لتقديم شخصية سينمائية شبيهة بها.

ما الفرق بين متخصص في المسرح والإخراج ومن يدخل التمثيل من باب الموهبة؟

يكسب المتخصص في المسرح والإخراج خبرة خمس سنوات بشكل غير مباشر تؤهله لدور البطولة، بينما يحتاج صاحب الموهبة إلى وقت لبلوغ أدوار البطولة. لا يعني ذلك أن الموهوب غير المتخصص لا يصل إلى البطولة، إلا أن المتخصص والموهوب في آن يصل بطريقة أسرع.

ألا يزعجك عدم إسناد دور البطولة إليك على رغم تخصصك وخبرتك في حين وصلت أخريات إلى الموقع المفترض أن تكوني أنت فيه؟

يوضع كل إنسان في المكان الذي يلائم أسلوبه، سواء كان في دور البطولة أو لم يكن، لذا أعتبر أنني أديت أدواراً تليق بي وأليق بها.

هل يصل الممثل إلى مرحلة يصبح غير راضٍ عن بعض الأدوار؟

طبعًا، نتيجة تعبه وسعيه في كل مرة إلى تجسيد شخصية أجمل من سابقاتها وأعمق، يعبّر من خلالها عن أمور معينة، وقد يتوقف عن التعاون مع منتجين معينين شكلوا دفعاً له في مرحلة سابقة، بحثاً عن شيء إضافي. قد يظنّ البعض أن هذا الممثل متكبر بسبب خياراته، لكنه في الحقيقة يبحث عن أمر محدد ويسعى إلى التطور والتقدم، وهذا حقه الطبيعي كأي إنسان يطمح إلى الأفضل في مجاله المهني.

back to top