أفلام الثورة... الرغبة في التوثيق وتحقيق إيرادات

نشر في 14-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 14-12-2012 | 00:01
No Image Caption
شكلت ثورة 25 يناير محور أفلام اختلفت في طريقة تناولها الأحداث، فبينما ركّز بعضها على أسباب قيامها وتداعياتها، اكتفى بعضها الآخر بتسليط الضوء على الأحداث أو تناول يوم منها، وركزت فئة ثالثة على قضية معينة أدّت إلى غليان الشارع.
ما الهدف من تقديم أفلام عن ثورة 25 يناير، وما الذي ينقصها لتحقيق نجاح جماهيري؟
إضافة إلى إنتاجها الضعيف، يسيطر على الأفلام المصرية كافة التي تتناول ثورة يناير غياب السيناريو المحدد لها، إلا أنها تختلف في نقاط عدة أهمها العرض الجماهيري.

يعكس «صرخة نملة» حالة المواطنين في المناطق العشوائية عبر تصوير حياة شاب يسكن فيها. أما «بعد الموقعة»، الذي يؤكد بطله باسم سمرة أنه لن يمحى من ذاكرة المشاهدين، فيوثق «موقعة الجمل» التي راح ضحيتها شباب كثر وأساءت إلى أهالي نزلة السمان واعتبرتهم بلطجية.

يضيف سمرة أن التصوير استغرق وقتاً طويلا لأن فريق العمل كان يصوّر يوماً تلو آخر تبعاً لتطور الأحداث، ولم يتوافر سيناريو معين أو جدول محدد بمواعيد التصوير.

أفلام كثيرة حول الثورة اقتصر عرضها على مهرجانات عربية ودولية ولم تنل حظها في العرض الجماهيري، من بينها: «18 يوم» بطولة أحمد حلمي، هند صبري، منى زكي، آسر ياسين ومجموعة من النجوم، ويتضمن عشرة أفلام قصيرة تطرح قصصاً مختلفة عن الثورة التي استمرت 18 يوماً (25 يناير إلى 11 فبراير عندما تنحى الرئيس مبارك عن الحكم).

كذلك ما زلنا في انتظار عرض «الشتا اللي فات» تجارياً، وقد أوضح مخرجه ابراهيم البطوط أن ميدان التحرير كان سبباً في اجتماع الأبطال وقرارهم تقديم عمل عن الثورة، لذا يحتوي على قصص حقيقية، مع إضافة درامية للأحداث لتتماشى مع العرض السينمائي الذي يستمدّ روحه من الواقع ولا ينقله كما هو.

أفلام وثائقية

أنتجت أفلام وثائقية عن الثورة المصرية، من بينها «تحت السيطرة» (إنتاج 2011) الذي تبدأ أحداثه في سنة سابقة للثورة في الإسكندرية، كما يحدّد مخرجه هاني فوزي، من خلال عرض أحوال الطبقتين الفقيرة والمتوسطة والأزمات الاجتماعية التي عصفت بهما وأدت إلى ثورة الشعب.

يضيف فوزي أن عبارة «تحت السيطرة» يرددها المسؤولون في الإعلام عند سؤالهم عن الأحداث الجارية في البلد، للتأكيد على أن الوضع تحت السيطرة وكل شيء هادئ، بينما الحقيقة عكس ذلك.

بدوره يرصد «عيون الحرية... شارع الموت» المعركة بين الشرطة والثوار في شارع محمد محمود على مدى خمسة أيام، وقد جاء العنوان مركباً نظراً إلى المصطلحات التي أطلقها الثوار على هذا الشارع، يوضح مؤلفه ومخرجه رمضان سوني ويضيف: «بعدما تعرض البعض للإصابات وفقد البعض الآخر نظره أثناء مطالبتهم بحقوقهم، في مقدمهم أحمد حرارة، أصبح معروفاً لديهم أن في هذا المكان يفقد الأحرار عيونهم. أما «شارع الموت» فيرمز إلى شراسة المعركة لدرجة أن ظلال الموت خيمت على هذا الشارع».

 ويلفت سوني إلى أن «شارع محمد محمود هو صاحب الفضل في ما وصلنا إليه الآن مهما اختلفنا أو اتفقنا على السُلطة الحاكمة».

يؤكد سوني أن مشاركته في التظاهرات أفادته في تغطية الأحداث وتصويرها، فظهرت المشاهد حية، عدا اللقطة الأرشيفية المأخوذة للشهيد الذي أُلقيت جثته في سلة القمامة، وأنه ركز على فكرة حقوق الإنسان من خلال تصوير حالات إنسانية تعرضت لإصابات متنوعة خلال الثورة، أكثر من التركيز على معارك محمد محمود.

سبق أن قدم سوني فيلماً عن الثورة بعنوان «18 يوم في مصر» ونال جوائز، والآن يعكف على تقديم فيلم آخر بعنوان «بروفة ثورة» حول أحداث ما قبل ثورة 25 يناير، وكان يفترض أن تكون نهايته مع الانتخابات الرئاسية، لكن بعد الأحداث الأخيرة قرر فريق العمل وضع النهاية قيد ما ستؤول إليه الأحداث، باعتبار أن الثورة مستمرة، ولتوثيق التاريخ المصري لتتعرف الأجيال المقبلة إليه.

عن رأيه في الأفلام الروائية والتسجيلية حول الثورة يقول: «تاجر بعضها بالثورة واستغلها لتحقيق أرباح مادية، ولم يتمكن بعضها الآخر من الإمساك بخيوطها بحكمة؛ فثمة أحداث مغلقة في الثورة على غرار تلك التي وقعت في شارع محمود، وأخرى مفتوحة على غرار الثورة ذاتها، والنوع الثاني يصعب على البعض عرضه بشكل كاف، لذا لا أعتبر أن هذه الأعمال تناولت الثورة كما يجب».

كذلك يرى سوني أن من الضروري مشاهدة الثورة بعيون السينمائيين الشباب الذين شاركوا فيها لأنهم خير من يتحدث عنها، «فوجودهم أهم ما يميز ثورتنا لأننا في الثورات الماضية اعتدنا غياب الفنان».

تقول مخرجة فيلم «صباح الخير يا مصر» سهيلة باتو إنها كانت تود عرض الثورتين المصرية والتونسية في عمل واحد، لكن إحدى صديقاتها اقترحت عليها عرض كل واحدة منهما بشكل منفرد. فحضرت إلى مصر ونزلت إلى ميدان التحرير وتجولت في سيارة أجرة، حيث استطاعت أن تصوّر 18 يوماً في 26 ساعة فقط. تقول في هذا المجال: «لا أحد يستطيع ذكر هذا الحدث من دون التوقف عنده. المهم أن نتذكر كيف كانت البداية وشعورنا وقتها ومن كان عدونا»، وباقي المادة الفيلمية ستستغلها في أعمال سينمائية مقبلة.

تضيف أن عدم توافر سيناريو مكتوب جعل العمل أكثر صعوبة لأنها لا تعرف خطواتها المقبلة؛ فكانت تذهب يومياً إلى مواقع مختلفة من دون أن ترسم أي نهاية، ما أضفى عفوية وتلقائية على الفيلم.

يُذكر أن مجموعة من الأفلام الثورية يتم التجهيز لها حاليا مثل «الميدان» للمخرج مجدي أحمد علي، «شوارع الجنة» للمخرج خالد الحجر، «حظر تجول» للمخرج سامح عبد العزيز.

نجاح متفاوت

يرى الناقد رفيق الصبان أنه رغم المجهود المبذول في الأفلام التي تناولت ثورات الربيع العربي ومشاركتها في مهرجانات وحصولها على جوائز، إلا أنها لم تحقق إيرادات عند عرضها في دور العرض، من بينها فيلم «بعد الموقعة» ليسري نصر الله الذي رُفع بعد مرور أسبوع على عرضه لهذا السبب، ما جعل صانعي السينما يتخوفون من إنتاج مثل هذه الأفلام.

يتوقع الصبّان أن يحقق «الشتا اللي فات» نجاحاً جماهيرياً في حال عرضه لأنه يوازن بين العاطفة والواقعية والقومية، ويتضمن نسبة كبيرة من الصدق، ويضيف: «هذه التجارب وغيرها أمام المنتجين وعليهم أن يختاروا الطريق الصحيح لتوثيق الثورة وتحقيق الأرباح في آن».

back to top