فرنسا ما زالت تبحث عن رؤية هولاند

نشر في 09-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 09-10-2012 | 00:01
No Image Caption
تراجع نسب شعبية فرانسوا هولاند يظهر أن العديد من مؤيديه السابقين يسألون أنفسهم بالفعل عما إذا كانت لديه خطة من الأساس، بينما تتوالى الأحداث أمام ائتلافه الحاكم بدلا من أن يشكلها، ورأى البعض أنه سيكون من الصعب بالنسبة للزعيم الاشتراكي أن يجعل اقتصاد فرنسا الراكد يقف على قدميه مرة أخرى مع اقتراب دول أوروبية كثيرة من الركود.
بعد خمسة أشهر من انتخاب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يشعر العديد من الناخبين الفرنسيين باليأس من قدرته على تحقيق الرؤية التي صوتوا له من أجلها.

وسيكون من الصعب بالنسبة للزعيم الاشتراكي أن يجعل اقتصاد فرنسا الراكد يقف على قدميه مرة أخرى مع اقتراب دول أوروبية كثيرة من الركود ومكافحتها لحل أزمة ديون سيادية بدأت قبل ثلاث سنوات.

لكن تراجع نسب شعبية هولاند يظهر أن العديد من مؤيديه السابقين يسألون أنفسهم بالفعل عما إذا كانت لديه خطة من الأساس بينما تتوالى الأحداث أمام ائتلافه الحاكم بدلا من أن يشكلها.

وقال ستيفان روز رئيس مكتب كاب للاستشارات السياسية في إشارة لنظام الرعاية الاجتماعية السخي وارتفاع مستوى حماية العمالة في فرنسا "جرى التصويت لهولاند لتأمين انتعاش الاقتصاد مع الحفاظ على نموذجنا الاشتراكي".

وأضاف متحسرا على "افتقار الحكومة للقدرة على التواصل وعدم تحليها بالتماسك والمصداقية" ان هولاند "ينحرف عن المسار شيئا فشيئا."

أعلى معدل للبطالة

وحتى الان ما زالت هناك فجوة بين وعود هولاند بخلق وظائف وحقيقة قاسية متمثلة في أعلى معدل للبطالة خلال 13 عاما تجاوز أكثر من ثلاثة ملايين عاطل. وهناك في الافق المزيد من إجراءات تسريح الموظفين كما توقف النمو الاقتصادي عند الصفر.

وفي أحدث انتكاسة لمسعى هولاند لانعاش القاعدة الصناعية في البلاد كشفت مصادر يوم الجمعة أن شركة رينو ستصنع أكثر من 70 في المئة من سياراتها من طراز كليو في تركيا وهي من الدول ذات الأجور المتدنية.

جاء هذا بعد أيام من إعلان شركة ارسيلورميتال العملاقة للصلب أنها ستغلق اثنين من أفرانها في مدينة لورين المركز الصناعي السابق في شمال شرق فرنسا وذلك رغم توجه وزير الصناعة ارنو مونتبورج سريعا في مهمة في اللحظة الأخيرة لإنقاذ المنطقة.

وتحولت الزيارة إلى خدمة علاقات عامة خاصة بالحكومة لان مونتبورج انتهى به الحال لان يشرح لمئات العمال الذين بكى بعضهم بسبب احتمال ان يفقد عمله أن المصنع سيغلق ما لم يجد مشتريا.

وعلق فرانسوا شيريك رئيس نقابة (سي اف دي تي) بامتعاض على نتيجة ما حدث قائلا "بشكل ما تمكن (رئيس ارسيلورميتال لاكشمي ميتال) من تدبير الأمر بحيث اضطر الوزير إلى إعلان الإغلاق. ويالروعة هذا الأمر".

كما أخفق هولاند في تصوير ميزانية عام 2013 كخطوة ضرورية لضبط الانفاق العام.

وفي خطوة جريئة لمواجهة ظروف الميزانية الصعبة كشف هولاند يوم 28 سبتمبر عن تجميد للإنفاق الحكومي وزيادات ضريبية لجمع 30 مليار يورو (39 مليار دولار) وإعادة العجز العام إلى نسبة ثلاثة في المئة من الناتج مثلما وعد شركائه في منطقة اليورو.

لكن في غضون أيام سارعت الحكومة الفرنسية للتخفيف من زيادة ضريبة الأرباح على مبيعات الأسهم بعد حملة على الانترنت شنتها جماعة مجهولة تطلق على نفسها اسم (ليه بيجون) اي المصاصون هاجمت الخطوة ووصفتها بانها مثبطة لعزم أصحاب الأعمال.

ومن الأضرار الأخرى التي وقعت تشكك واسع النطاق في تأكيد الحكومة بأن أصحاب الدخول الأكبر ونسبتهم عشرة في المئة هم فقط من سيتأثرون حيث قال خبراء الضرائب إن الكثير من أبناء الطبقة الوسطى سيتضررون أيضا.

وعلق جايل سليمان نائب رئيس شركة (بي في ايه) لاستطلاعات الرأي على مسح أظهر أن 54 في المئة من الفرنسيين يعتقدون أن الميزانية غير عادلة وقال "بشكل عام فإن سياسات الحكومة تعتبر غير ملائمة لمعظم قطاعات السكان".

وساهمت هذه الملاحظات في خفض نسب شعبية هولاند إلى 41 في المئة فقط في مطلع أكتوبر بعدما كانت 55 في المئة بعد فوزه بالانتخابات وغذت تكهنات بأن رئيس وزرائه جون مارك إيرو قد يتم الاستغناء عنه والتضحية به في تعديل حكومي.

لكن الأخطر من ذلك هو شعور متنام بأن الوعود التي قطعها هولاند أثناء الانتخابات بشأن الوظائف والنمو تتعارض مع تعهدات بضبط الميزانية قدمتها فرنسا لشركاء في الاتحاد الأوروبي في ظل حكم الرئيس السابق المحافظ نيكولا ساركوزي.

ويقول الخط الرسمي لهولاند إن بإمكانه تحقيق الأمرين أي العودة إلى الميزانيات المتوازنة بحلول نهاية فترة رئاسته وظهور أول مؤشرات الانتعاش الاقتصادي في تلك الأثناء.

وقالت فيرونيك كوك وهي معلمة متقاعدة وناخبة اشتراكية منذ وقت طويل في ضاحية مالاكوف بجنوب باريس "أشعر أن ما نحتاج إليه في هذه اللحظة هو الجزء الخاص بالنمو في المعادلة".

ويشكك معظم خبراء الاقتصاد في فرنسا بالفعل في أن تحقق البلاد هدفها الخاص بالنمو والذي يبلغ 0.8 في المئة وتستند اليه الميزانية مما يعني إما وضع ميزانية تكميلية في أوائل عام 2013 أو المجازفة بعدم تحقيق الهدف الخاص بالعجز تماما.

الميزانية المنضبطة أو التوفير

وبذلك يصبح هولاند أمام خيار لا يحسد عليه فإما أن ينأى بنفسه عن مسار الميزانية المنضبطة ويحبط المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وآخرين أو يتخذ المزيد من إجراءات التوفير التي قد تدفع الاقتصاد نحو ركود كامل.

ويركز هولاند حاليا على إقناع حلفائه في اليسار بدعم معاهدة أوروبية تكرس ضبط الميزانية وهي معاهدة تم الاتفاق عليها في مارس بين ساركوزي وميركل وزعماء آخرين.

وعلى الرغم من أنه سيتم إقرار الاتفاقية في تصويت يجري اليوم الثلاثاء بفضل دعم المعارضة اليمينية في فرنسا فإن مصداقية هولاند في قمة الاتحاد الاوروبي المقررة في وقت لاحق من هذا الشهر تعتمد على قدرته على إظهار أن غالبية ائتلافه يدعمها.

لكن روز يقول إن نفاد صبر الفرنسيين يزداد حتى يخرج لهم هولاند ويحدد ما إذا كانت سياسة التقشف التي سنها الاتحاد الاوروبي والتي ينفذها حاليا ستسمح له بالوفاء بوعوده لهم.

وقال روز: "لا يتطرق هولاند للموضوع الأوروبي في الوقت الحالي، لكنني أعتقد أن هذا خطأ، إنه يثير قلق الفرنسيين ويجعلهم يعتقدون أن هذه الحكومة تشبه سابقتها على أية حال".

(رويترز)

back to top