أسماء المواليد العراقيين... لا سنية ولا شيعية
يبدو أن قدر الشعب العراقي هو أن الفترات السياسية أو الدينية تتحكم في أسماء مواليده، فمثلما كانت الأسماء خلال حكم صدام حسين تتركز بين عروبة، بعث، صدام، وحدة، نراها اليوم تبتعد كثيراً، وتلجأ إلى الحياد، بحيث لا تدل على المذهب حماية من القتل على الهوية. لم يعد اسما «عمر» أو «علي» مناسبين للمرحلة الحالية في العراق، إذ بات العراقيون يبحثون عن أسماء أخرى محايدة لا تثير حفيظة ملوك الطوائف سنة وشيعة، ولا تسبب لحامل الاسم قتلاً على الهويّة، أو خلافاً يصل إلى حد المقاطعة. يتجنب أهالي العراق منذ سنوات إطلاق أسماء شخصيات تاريخية سنية أو شيعية، على المواليد الجدد، ذكوراً أو إناثاً، وفق سجلات مديريات الأحوال المدنية في مناطق عدة. ويقول ليث الخفاجي، وقد رزق للتو مولودة أسماها فيافي، إن الغالب على العراقيين اليوم هو الابتعاد عن كل الأسماء التي تمتّ بصلة إلى المذهب الشيعي مثل حسين، علي، عباس، حيدر، سجاد، فاطمة، زينب، رقية، وغيرها من الأسماء التي عادة ما تطلق على المواليد من المذهب الشيعي تيمناً بأهل البيت. وأضاف الخفاجي أن الأمر ينطبق كذلك على الإخوة من الطائفة السنية الذين ابتعدوا كذلك عن أسماء مثل عمر، عثمان، أبوبكر، صديق، سفيان، حفصة، عائشة وغيرها من الأسماء التي تدل على أن أصحابها من المذهب السني. وعن الأسماء التي بدأت تغزو العراق، يقول إن هناك أسماء محايدة مثل «محمد، وعبدالله، ومريم»، هي الشائعة الآن، والتي لا خلاف عليها بين السنة والشيعة. وترى زوجته زينة أن انتقاء أسماء محايدة لا يدل على أن الناس نسوا الخلافات ووضعوا أوزار الحرب الأهلية وذكرياتها الأليمة وراءهم، بل على العكس، تراه ينبع من خوف العراقيين من تجدد الحرب، ربما في وقت قريب. وتقول إن «الأهالي مطمئنون تماماً إلى أسماء كهذه، لأنها لن تؤدي إلى قتل أصحابها على الهوية مستقبلاً». وتؤكد زينة، أن هناك أسماء جديدة ظهرت بعيدة كذلك عن الصبغة الطائفية، ولم يكن قد سمع بها من قبل مثل عناق، فيافي، صفد، رنين، أناسي، حبايب، أماسي، شفق وغيرها، هذا بالنسبة إلى الإناث، أما بالنسبة للذكور ورغم محدودية الأسماء فإننا نجد من يسمي أسماء جديدة على العراق مثل مظهر، صهيب، إستبرق وهو اسم نسائي ورجالي، ورد، دعد، ضياء، مضر، وميض، وضاح وغيرها. ويبقى أهل العراق في معاناة جراء الأسماء التي تشكل عائقا لهم في تنقلاتهم وترحالهم بين المحافظات والمدن، مثلما كانت مشكلتهم ذاتها عندما اشتدت الحرب الأهلية أواخر 2004 وحتى 2008، حيث كان الفرد العراقي يتنقل بهويتين، إحداهما رسمية حقيقية والأخرى مزورة حسب وجهته، بمعنى أنه إذا كان من الطائفة الشيعية ويريد أن يزور كربلاء أو النجف أو بابل فعليه أن يحمل هوية مزورة يدل اسمه فيها على أنه من الطائفة السنية مثل عمر الجبوري، حذيفة الدليمي، عثمان التكريتي وهكذا، لأنه سيمر في طريقه على مناطق متشددة سكنتها عناصر إرهابية تقتل على الهوية مثل اليوسفية والمحمودية واللطيفية، والعكس صحيح.