فاتح ومدينة : عمر بن الخطاب يخرج إلى الشام لتسلم مفاتيح القدس

نشر في 29-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 29-07-2012 | 00:01
انطلقت الجيوش الإسلامية من جزيرة العرب بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، تنشر دين الله الحق، واستطاعت القوات العربية المسلمة أن تهزم جيوش القوى العظمى آنذاك، فقد حقق العرب انتصارا ساحقا على الفرس في موقعة القادسية، كما انتصروا على الروم في موقعة اليرموك.

وكان أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب قد قسم الجيش المتجه إلى بلاد الشام إلى أربع فرق رئيسية، وخص كل قسم بفتح جزء من بلاد الشام، وكان من نصيب الصحابي عمرو بن العاص فتح فلسطين، لذلك توجه على رأس جيشه لفتح مدن فلسطين التي سقطت تباعا، ولم يبق إلا مدينة القدس التي استعصت على عمرو لمناعة أسوارها، في هذه الأثناء كان قادة الجيوش الأخرى قد نجحوا في فتح مدن الشام، وقرروا مشاركة عمرو بن العاص حصار بيت المقدس، وتولى قيادة الجيوش المجتمعة الصحابي الجليل أبوعبيدة بن الجراح.

واستمر الحصار مدة ستة أشهر، كانت القوات البيزنطية داخل المدينة المقدسة تعلم علم اليقين أن الإمبراطور هرقل لن يستطيع تقديم العون لهم، وبعد الهزائم الساحقة التي ألحقها به العرب في الشام، قرروا تسليم المدينة للمسلمين، وكان البطريرك صفرونيوس، بطريرك القدس، هو الشخصية التي تولت عملية تسليم المدينة، إلا أنه اشترط أن يسلم المدينة إلى خليفة المسلمين شخصيا، وعندما أرسل أبوعبيدة إلى عمر بن الخطاب يخبره بطلب بطريرك القدس، قرر عمر بعد أن استشار كبار الصحابة، أن يخرج بنفسه إلى بلاد الشام، تقديرا لمكانة المدينة المقدسة، أول القبلتين وثالث الحرمين.

وكان عمر بن الخطاب في ذلك الوقت سيد الأمة الأقوى في العالم، ورغم ذلك خرج من المدينة المنورة في بساطة ليتسلم مدينة القدس، وأمام أسوار المدينة دهش البطريرك صفرونيوس، في ملابسه المذهبة، من بساطة رداء عمر بن الخطاب، وتيقن أن هذا الرجل للآخرة، وليس للدنيا فيه نصيب، فأمر بفتح أبواب إيليا، وخرج حاملا مفاتيح المدينة وسلمها لخليفة المسلمين.

ولم يرتكب عمر في دخوله مدينة القدس جريمة من جرائم الحرب المعتادة من قتل لجنود الجيش المستسلم أو نهب المدينة، بل أمن المدينة ومن فيها، وضرب من آيات التسامح ما سجلته كتب التاريخ، حتى انه رفض أن يصلي في كنيسة القيامة، خوفا من أن يأتي يوم يقول المسلمون «إن عمر الفاروق صلى هنا» فيقتطعون من الكنيسة مسجدا لهم، فخرج عمر من كنيسة القيامة وصلى خارجها.

وقرر عمر كتابة عهد لنصارى القدس ويهودها، عرف بـ»العهدة العمرية»، التي أعطى فيها عمر الآمان لجميع أهل بيت المقدس من النصارى واليهود، وفتح المدينة لجميع الأديان، وعاش الجميع تحت مظلة الإسلام دون تفرقة، وضرب عمر للمسلمين درسا في التسامح ومعاملة الآخر، استمده من المعلم الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

back to top