فلفل

ولم ترفض الأغلبية نظر المحكمة الدستورية الطعن في قانون الدوائر الانتخابية؟ بالطبع سمعنا التبريرات والشروحات، ولكن المنطق يقول إن طريق المحكمة الدستورية هو الأسلم، فرفض الاحتكام للقضاء، كما أكد د. محمد الفيلي في مكالمة شخصية، يعني ضرورة الاحتكام لجهة أو سلطة أخرى، فما عساها تكون في هذه الحالة؟ وعموماً إن رفضت المحكمة الطعن، فدوائرنا موجودة وندور فيها، وإن أقرته عدلناها. كيف نعدلها؟ حسب شرح الدكتور الفيلي وكذلك الدكتور محمد المقاطع، وذلك كتابة وفي حديث شخصي معهما، لنا توجهان ها هنا: يمكن أن نوكل المهمة لمجلس 2009 قبل حله، وهذا حل مرير علينا جميعاً بحكم السقوط السياسي لهذا المجلس، أو أن توكل المهمة للحكومة برقابة شعبية صارمة، فإن نجحت وقدمت قانون دوائر مقبولا شعبياً، شددنا على أيديها، وإن لم تفعل، رددناه عليها وقلنا لها عيدي الواجب يا كسلانة، فإن لم تنجح في واجبها، خرجنا للشارع وساعتها نكون استنفدنا كل الطرق، فحق لنا أن نحمل المطارق الشعبية وننزل بها على يافوخ الحكومة الكسلانة (مجازاً). بالطبع، كل الحلول فيها مخاطرة من نوع، ولكن هذا الطريق هو الأسلم والأهدأ والأكثر ضماناً لخروجنا من دوامة الطعون التي ستبقى تدور وتدور إذا انتُخب المجلس القادم على ذات قانون الدوائر الحالي.وأخيراً هل كتلة الأغلبية التي تمثل المعارضة هي من نأتمن على البلد اليوم؟ فعلى الرغم من كل الخراب والفساد والتردي الذي نعاني، نحن لا نريد أن نخرج من حفرة فنقع في فوهة بركان. لهذه الكتلة مواقف جماعية معلنة، مواقف سياسية وليست شخصية فردية، وكلها مواقف حادة التطرف تنحر الحريات من الوريد الى الوريد، فما فائدة دوائر معدلة وأموال مؤمنة وعمارات مشيدة، هذا إذا صدقت الوعود، إذا كانت الأفواه مقيدة والحريات مبددة؟ يا شباب، لا يغرنكم شعار الدين المرفوع في الترويج للمشاريع التكبيلية، فغدا تدور الدوائر، فتجدون الأصفاد في أياديكم. لا تقدرونهم فيراقبون مأكلكم ومشربكم وملبسكم، يتحكمون في لسانكم ويدبون إسفين الفرقة بينكم، وتذكروا أن من مطالبكم الرائعة المحافظة على دستورية الدولة وديمقراطيتها، ثم انظروا في قوانين الأغلبية المطروحة وفي تصويتاتهم، بل في تصريحاتهم وتصرفاتهم، لا تسلموا البلد لمن يعتقدكم فاقدي الأهلية حتى لاتخاذ أبسط القرارات الشخصية، ستسلبون بعدها كل مقومات المواطنة الحقيقية، والأمثلة الحزينة أكثر من أن تحصى.نحن معكم، النهج الحكومي من رأسه لأخمص قدميه يحتاج تغييرا، ليس تعديلا، وليس تنقيحا، بل تبديلا كاملا متكاملا، لكننا نستحق بديلا أفضل، يجب علينا ألا نؤمن أن خياراتنا حبست بين هذين: حكومات مضعضعة ومعارضة خانقة، نستطيع أن نصنع بديلا أفضل، أنتم البديل الأفضل، فقودوا ولا تقادوا، وانحوا للهدوء والحكمة، ففيهما يتغير العالم.