الجريدة | تقرير اقتصادي: الكويت أقل دول الخليج استقطاباً لرأس المال الأجنبي... لماذا؟!

نشر في 23-05-2012 | 21:01
آخر تحديث 23-05-2012 | 21:01
No Image Caption
أرجأت الحكومة بشكل غير مبرر تخصيص "الكويتية" التي كان من المقرر أن يدخل فيها شريك أجنبي بحصة استراتيجية عبر نظام المزايدة، كما أنها لم تفعِّل قانون الخصخصة خوفاً من ردة فعل شعبية أو نيابية، ما أدى إلى ضمور فرص الاستثمار وتقليص فرص استقطاب الأموال الأجنبية.
-مليارا دولار من أصل 300 مليار خلال 10 سنوات!

-غياب بيئة الاستثمار بسبب التأجيل المتكرر لمعظم الأفكار والمشاريع والقوانين

حسب تقرير صادر من مؤسسة التمويل الدولية، فإن الكويت استقطبت خلال 10 سنوات ماضية استثمارات أجنبية بلغت حوالي ملياري دولار من أصل 300 مليار دولار استقطبتها دول مجلس التعاون الخليجي!

تصوروا... فقط 2 مليار دولار بما يوازي 0.66 % مما نجحت دول الخليج الاخرى في استقطابه من رساميل اجنبية بين عامي 2000 الى 2010، في حين نجحت السعودية في استقطاب رؤوس اموال اجنبية بقيمة 154 مليار دولار، والامارات 75 مليار دولار، وقطر 31 مليار دولار، والبحرين 20 مليار دولار، وعمان 18 مليار دولار.

هذه الأرقام تفتح أبواب الأسئلة على مصراعيها: لماذا فشلت الكويت في ان تكون بيئة جاذبة للأموال الأجنبية ولماذا نجحت دول الخليج؟ ما الموجود في دول الخليج ليغري المستثمر الاجنبي وغير موجود في الكويت؟

مهما تنوعت الأجوبة عن هذه الاسئلة فإنها تظل تدور حول غياب بيئة الاستثمار في الكويت في ظل التأجيل المتكرر لمعظم الأفكار والمشاريع والقوانين، الأمر الذي أدى إلى أن تشيح المؤسسات والشركات الدولية بوجهها عن الكويت لتتجه الى دول أخرى في الخليج.

فالسعودية تعتبر اليوم عاصمة لمشاريع الطاقة والبتروكيماويات، ودبي رغم تعثرها إلا أنها جذبت أموالاً كثيرة في مجالي العقار والتطوير العقاري، وكذلك قطر في مشاريع الغاز والإعمار، اما البحرين فهي حتى عهد قريب عاصمة المؤسسات المالية في المنطقة، ولدى عُمان فرص استثمارية في مجالي الصناعة والزراعة.

أما الكويت، فلا زالت منذ سنوات تتحدث عن مشروعي المصفاة الرابعة والوقود البيئي، اللذين تبلغ كلفتهما اكثر من 22 مليار دولار، فضلاً عن مشروع تطوير جزيرة فيلكا على سبيل المثال، إضافة إلى ضعف تأسيس شركات استثمارية تساهم في مشاريع متنوعة صناعية أو خدمية أو غيرها.

تأجيل خصخصة الكويتية"

بل إن الحكومة أرجأت بشكل غير مبرر تخصيص الخطوط الجوية الكويتية التي كان من المقرر أن يدخل فيها شريك أجنبي بحصة استراتيجية عبر نظام المزايدة، كما أنها لم تفعل القانون الذي أقره مجلس الأمة عام 2009 بشأن برنامج الخصخصة خوفاً ردة فعل شعبية أو نيابية، ما أدى إلى ضمور فرص الاستثمار وتقيلص فرص استقطاب الأموال الأجنبية.

إن شح المشاريع وفرص الاستثمار الى جانب ارتفاع اسعار النفط هو الذي جعل الفوائض المالية للدولة تنمو خلال 9 أشهر بنسبة 71.4 في المئة، اذ بلغت حسب بيانات البنك المركزي 13.2 مليار دينار، مقابل 7.7 مليارات دينار للفترة نفسها من العام الماضي، كما بلغ الإنفاق خلال 9 أشهر 8.3 مليارات دينار، أي ما يعادل 42.5 في المئة من خطة الإنفاق للسنة بأكملها.

كل ما فعلته الدولة لصالح المستثمر الأجنبي كان تخفيض نسبة الضريبة من 55 في المئة على الأرباح الى 15 في المئة، ولكن ما فائدة خفض نسبة الضريبة ما لم تتواكب مع فرص ومشاريع تغري المستثمر الأجنبي بالاستثمار في الكويت؟ وحتى هذه اللحظة الأرقام هي من يتحدث عن شهية الاستثمار الأجنبي لمنطقة الخليج الذي لم تحظ الكويت منها بأكثر من 0.66 في المئة بما يعادل ملياري دولار، في حين أن السعودية حظيت

ب51% بواقع 154 مليار دولار... والفرق بالأرقام واضح.

المصروفات العامة

لو اطلعنا على المصروفات العامة للكويت بين عامي 2000 و2010 نجدها قد بلغت 92 مليار دينار أي 320 مليار دولار، منها 82 مليار دينار (286 مليار دولار) كمصروفات جارية تتضمن الرواتب، ودعم السلع والخدمات (إنفاق استهلاكي) بما يعادل 89 في المئة من المصروفات العامة.

في المقابل، وصلت قيمة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع خلال نفس الفترة (2000 – 2010) إلى 9.7 مليارات دينار أي 33.8 مليار دولار، أو ما يعادل نحو 11 في المئة من إجمالي المصروفات العامة خلال الفترة المقارنة.

هذه الأرقام لا يمكن أن تبني اقتصاداً حقيقياً تتوافر فيه الفرص المغرية للمستثمر؛ لا الأجنبي ولا حتى المحلي. فبيئة الاستثمار السليمة تتطلب طرحاً للفرص الاستثمارية الجيدة والقوانين التي تحمي المستثمر والدولة، إلى جانب إطلاق عمليات التخصيص حسب ما أقره قانونها مجلس الأمة عام 2009 .

وبالطبع، فإن بيئة الاستثمار المفقودة في الكويت لا تقتصر على غياب المشاريع والفرص، بل حتى على غياب الأرقام والإحصاءات التي يمكن أن يحتاجها أي مستثمر مثل مدى استهلاك الفرد لخدمات الدولة، خصوصا أن هذه الخدمات تشكل ما يصل إلى نحو 4 مليارات دينار من ميزانية الدولة، إضافة إلى معلومات عن دخل الفرد، والتعداد والطبيعة السكانية، وعدد الوافدين، حسب كل جنسية على حدة.

وبالطبع أيضاً، فإن وجود المعلومة والبيانات الإحصائية يجعل السوق في حركة دائمة، كما يجعل المستثمر حاضراً؛ ففي دول العالم التي لديها بنية اقتصادية جيدة نجد الشركات والمستثمرين في متابعة دائمة للبيانات والتقارير بصفة دورية ومستمرة ومنتظمة، وذلك لما فيها من معلومات وأرقام كفيلة بتغيير حياتهم.

إن الأرقام والبيانات الإحصائية تعتبر بنية تحتية لأي صانع قرار يبتغي اتخاذ القرار الأسلم والأكثر علمية وحلاً للمشكلات، وبالتالي فإن ضعف انسياب هذه البيانات سيعرقل أي تطور اقتصادي مقبل مهما كانت النوايا والرغبات الإصلاحية صادقة.

في الحقيقة، الكويت لديها الإمكانات لتكون دولة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، لا سيما في مجالي الطاقة كالنفط والبتروكيماويات والخدمات، مثل ميناء مبارك الكبير، فقط إذا أراد صاحب القرار أن يكون جديا في تحويل ما هو موجود في الدراسات والأوراق الى واقع عملي... هذا إذا أراد!.

 

-الحكومة أرجأت بشكل غير مبرر تخصيص "الكويتية" التي كان من المقرر أن يدخل فيها شريك أجنبي بحصة استراتيجية عبر نظام المزايدة

-ما فائدة خفض نسبة الضريبة ما لم تتواكب مع فرص ومشاريع تغري المستثمر الأجنبي بالاستثمار في الكويت؟!

back to top