معضلة الحوار!

نشر في 17-11-2012
آخر تحديث 17-11-2012 | 00:01
 محمد خلف الجنفاوي في وضع كهذا، يرى البعض أن هنالك معضلة، لكن الحقيقة والشيء الطبيعي وجود اختلاف في الآراء والأفكار وحتى في الاختيارات، ورغم أن البعض يبدو منزعجاً من ذلك فإننا نراه "نعمة".

فالاختلاف إن صح الاستماع إليه بعقل ووعي بعيداً عن "الشخصانية" والإلغاء للآخر، فإنه يثري الآراء ويعددها أمام صانع القرار، ويعزز فرص التطور على جميع الصعد، فضلاً عن إحداث نقلات نوعية على المستوى السياسي، بما يمس جميع أبناء الوطن ومن يعيش على أرضه، وهو ما يؤثر على صنع مستقبل هذا الوطن وتنويع خياراته.

ليس من الطبيعي أن يكون المجتمع جامداً ينتظر الهبات والعطايا والمكرمات، خصوصاً إن كان هذا المجتمع حراً وعاش وتربّى منذ نشأته على الحرية والاختيار، حتى بالنسبة لاختيار الحاكم.

وقد مرت الكويت بمراحل تطور عدة ومتلاحقة، ولا حاجة لنا هنا إلى تعدادها أو تكرار الحديث عنها، لكننا بلغنا الآن مرحلة يتعين علينا احترام تنوع الاختيارات سواء بالمشاركة أو المقاطعة.

ونحن نسجل تضامننا المطلق مع أي شخص يمارس عليه أي تعسف أو حجر على حريته خارج إطار القانون، الذي كفل حرية التعبير السلمي طبعاً، مع تأكيدنا في الوقت نفسه على فشل أي صيغة أمنية لحل المشكلات السياسية.

فيتعين على من يقاطعون الانتخابات، وهم لهم وجهة نظر نحترمها حتى إن اختلفنا معهم شخصياً، أن يتركوا الشحن العاطفي وتهييج الشارع، فرسالتكم وصلت، لكن الأهم هو تقديم مشروع متكامل أو برنامج عمل وليس مجرد أفكار مشتتة حسب حالة "الطقس" وردة الفعل!

فقضايا الإصلاح لا تقف عند أعداد أصوات الناخب، بل تتعدى ذلك إلى حدود قانون ينظم إنشاء الأحزاب التي تبنى على أساس علمي ممنهج.

أما الكتل الموجودة على الساحة فهي تنطوي على جوانب خطيرة، إذ إنها ذات لون واحد ونمطية، وهذا مدمر، فأي قضية لها آراء مع أو ضد، وهذا أمر طبيعي، لكنها في ظل الأحزاب والكتل ذات اللون الواحد تتحول إلى تفرقة عنصرية وممارسات تمييزية، وهنا تتمزق المجتمعات وتنهار!

أما بالنسبة لمن اختار المشاركة في العملية الانتخابية تصويتاً، فإن عليه أن يختار بعقله صوت الكرامة، ليضمن المشاركة في خلق مستقبل أفضل لوطن متسامح متطور إنسانياً وثقافياً وعلمياً وعمرانياً.

وعلى من يحالفهم الحظ ويختارهم الشعب أن يقدموا البديل المقنع للتطوير وليس الانشغال بالحديث عن أخطاء الآخرين.

فمن السهل نقد الآخرين وانتقادهم، لكن الصعب هو ما تقدم من تطوير للعملية السياسية، وأن يكون الاختلاف بعيداً عن "الشخصانية" والتجريح، حتي إن تعرضتم له، فالقضية ليست هجاء شخصياً بل تنافساً من أجل تقديم حلول لمشاكل طال أمدها في مجتمع يملك كل مقومات النجاح والتقدم، والأهم دستوراً يجب الحفاظ عليه وتطويره في إطار المادة (175) التي تحث على سلامة الدستور ومبادئ المساواة والحرية، وتضمن عدم المساس بها إلا لمزيد من الحريات.

فنحن في عالم يتغير بسرعة لا مكان فيه للغة الإلغاء وثقافة القطيع، ولا مكان فيه للمترددين أو من ينتظر الفرص، فالفرص لا تأتي بل تُقتنص بأفكار واقتراحات متطورة، والأهم تبنينا للغة حوار تعزز احترام الاختلاف في الآراء، فأهم ما يبني وطناً ويدمر آخر هو القدرة على التحاور في ما بيننا سلطةً وشعباً... "الرأي الحر هو الجزء الأفضل من الشجاعة"--- "مثل إنكليزي".

back to top