الشهرستاني فتى الجبال والبراري والقفار

نشر في 25-08-2012
آخر تحديث 25-08-2012 | 00:01
No Image Caption
 أنس محمود الشيخ مظهر أحمد الله أنه قد عوضنا عن القذافي وعلي عبدالله صالح بساسة في العراق نحرص على متابعة أحاديثهم على سبيل التندر والضحك ليس إلا, فلقد أصبحت أحرص على متابعة تصريحات المسؤولين العراقيين في حكومة المالكي أكثر بكثير من حرصي على متابعة مسرحيات أو أفلام كوميديا لما تحتويه من أكاذيب فاضحة مثيرة للضحك.

فأنت حينما تتابع مسؤولي حكومة المالكي وهم يصرحون على شاشات التلفاز يتهيأ لك أنك ترى أناسا مفصولين عن واقعهم تماما، ويبرز في كل كلمة يتفوهون بها ما يعانونه من فراغ فكري وسياسي, وعلى الرغم من ذلك تراهم "ماليين الكراسي مالتهم" ويتكلمون بكل ثقة فارغة، وكأنهم اكتشفوا الذرة أو حققوا ما لم ولن يحققه أحد قبلهم ولا بعدهم.

ومن أحد نماذج رجالات المالكي الحاليين هو الشهرستاني الذي يخرج لنا بين الحين والآخر ليفجر قنبلة إعلامية مضحكة، ويختفي بعدها ليظهر بعد فترة بقنبلة أقوى ضجيجا، وقد تعود العراقيون على تصريحاته التي أصبحوا يتندرون بها، وهو لا يزال مستمرا في إلقاء القنابل الإعلامية التي تفوق فيها على عادل إمام في مسرحياته الكوميدية.

الرجل هو نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، وطالما حاول أن يصور نفسه وكأنه هو صاحب الفضل في كل ما حبا الله العراق به من ثروة نفطية، والمضحك ما نستشفه من محاولاته للظهور بمظهر الواثق من نفسه, حيث قد تعب الرجل كثيرا في ترويج نفسه إعلاميا، فالرجل لم يخرج على الناس بتصريح واحد إلا ظهر نقيضه بعد أشهر إن لم يكن بعد أيام.

فبعد أن وعد الشهرستاني العراقيين بحل مشكلة الكهرباء في نهاية العام الحالي، وافتضاح أمره بسرعة وتدهور الطاقة الكهربائية أكثر من السابق بشكل مفاجئ, ظهر على الفضائيات ليقول إنه لم يكن يعني نهاية هذا العام بل نهاية العام القادم، ثم تمادى في أكاذيبه المضحكة ليبشر العراقيين بأن العراق سوف يصدر الكهرباء لدول الجوار في نهاية العام القادم، ولحد الآن لم تفلح وزارة الكهرباء في توفير الطاقة الكهربائية في كل المدن العراقية لأكثر من عشر ساعات في اليوم، فكيف سيصدرها في نهاية السنة القادمة؟

وقد بدأت حرب اتهامات بين وزارة الكهرباء ووزارة النفط، فكل وزارة تتهم الأخرى بأنها المتسببة في القصور والتلكؤ في الخدمة الكهربائية، وسواء كان التقصير من وزارة الكهرباء أم وزارة النفط فإن الشهرستاني في الحالتين هو الذي يتحمل المسؤولية المباشرة، ولعلم القارئ الكريم فإن قطاع الطاقة يخصص له سنويا نصف الميزانية العراقية.

ولكي يداري الشهرستاني خيبته هذه فقد ذهب إلى زيادة إنتاج النفط ليفوق إنتاج إيران, ولتبدأ وسائل الإعلام التابعة للمالكي ورهطه بإطلاق حملة إعلامية بهذا المنجز الكبير الذي قد يبدو هكذا لبسطاء الناس من العراقيين, والحقيقة أن هذه الخطوة بحد ذاتها تمثل ضربة كبيرة للاقتصاد العراقي ولثروته النفطية، فزيادة الإنتاج بهذه السرعة الكبيرة وبهذه الكمية الإنتاجية العالية، ودون أخذ استعدادات فنية معينة قد تؤدي إلى استنزاف المكامن النفطية للحقول العراقية، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار كميات كثيرة من الاحتياطي النفطي دون الاستفادة منه إلا بتكاليف إنتاجية عالية جدا مستقبلا قد تفوق ما يجنيه من زيادة في الإنتاج حاليا.

ومع أن العراق يمتلك قطاعا نفطيا جاهزا، وحقولا منتجة جاهزة لا تحتاج إلا إلى إدارة موفقة فقد فشل الرجل حتى في إدارة هذه الحقول التي لا تحتاج للكثير من العناء، ليتصدر العراق الدول المنتجة للنفط، ولكي يداري الشهرستاني فشله هذا فقد هرب للأمام واتخذ سياسة نستطيع أن نسميها بسياسة (الضرائر) في الوقوف بوجه المنجزات الحقيقية التي يحققها إقليم كردستان العراق في جذب كبريات الشركات النفطية العالمية على الرغم من أن الإقليم لا يمتلك الاحتياطات الكبيرة التي يمتلكها المركز، وقد بدأ الإقليم من الصفر في تشييد هذه الصناعة.

إن البيروقراطية التي تعانيها وزارة النفط العراقية وأسلوب الادارة القديمة الذي يعتمده الشهرستاني وقلة خبرته الاقتصادية جعلت من العراق وكأنه دولة بدون ثروة نفطية, وأتصور أن الصناعة النفطية في العراق ستكون بشكل أفضل لو لم يكن للعراق وزارة نفط ولا نائب رئيس وزراء لشؤون الطاقة.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو سبب تشبث المالكي بهكذا شخصية فاشلة بكل المقاييس؟ هل هناك وراء الكواليس ما وراءها تشفع للشهرستاني بالبقاء في هذا المنصب خصوصا أن هناك الكثير من تهم الفساد التي توجه إلى وزارتي النفط والكهرباء؟

وقد تلقى الشهرستاني صفعة قوية من السيد عمار الحكيم قبل أيام عندما أوصاه بأن يقتدي بتجربة إقليم كردستان العراق بدل الوقوف ضدها, ولكن لا أتصور أن الرجل سوف يغير من نهجه الفاشل هذا بما أن المالكي يحميه.

* كردستان العراق – دهوك

back to top