الغرب الكافر الفاجر!

نشر في 17-11-2012
آخر تحديث 17-11-2012 | 00:01
 بدرية البشر كل ما نعرفه عن هذا الغرب الكافر الذي ندعو عليه في صلواتنا، أن يقتلهم الله بدداً ولا يبقي منهم أحداً، وأن يسلط الله عليهم الزلازل والبراكين، وأن يقطع نسلهم وييتم أبناءهم، ويرمّل نساءهم، أنه مجتمع عاهر فاجر بلا قيم ولا أخلاق، فما باله اليوم يفاجئنا بأن علاقة خارج الزواج تهز عرش الاستخبارات المركزية الأميركية وتطيح رئيسَ وكالتها ديفيد بترايوس مستقيلاً ومعتذراً.

وليس هذا فقط، بل نهضت ثقافة هذا الغرب الكافر الفاجر عديم الغيرة والحياء ووضعته أمام محاكمة أخلاقية، وفضيحة تحفر بمغرزها في وجهه، فتجعله ساقطاً من احترامها، غير جدير بالمسؤولية والأمانة. ترى كيف تشكّلت هذه الثقافة وهذه الصحافة التي حاسبت رجلاً على فضيحة شخصية، كنا نظن أن الوحيد المخول بمحاسبته عليها هو زوجته، لو أرادت ورفعت قضية طلاق ضده في المحكمة وسلبته نصف ماله؟

فلم يهددوه بالنار، فالله وحده هو الذي يفعل ذلك، لكن هذه الثقافة الكافرة وصفت ما فعله الرجل بخيانة الأمانة، وصدمة لزملائه لأنه خدعهم وهو يسكن بينهم، بينما حققت الجهة التي يعمل بها في إمكانية استغلاله لمنصبه وتمريره لمعلومات سرية إلى عشيقته كي تنتفع بها. فجهة العمل تلاحق معايير الأمانة، والثقافة تلاحق معايير الصدق والنزاهة واحترام الوعود والمواثيق الزوجية.

لهذا خرج الرجل معتذراً، وأول شيء فعله أنه قدم استقالته وتوارى عن عيون الناس خجلاً، هذه هي ثقافة مجتمع الغرب الفاجر الكافر الذي يسبح في وحل من الخطيئة. بينما، لو تذكرون الأسبوع الماضي، المسؤولون العرب، عندما أصدرت محكمة بباريس حكماً بالسجن ثماني سنوات على لبناني كان يرأس شبكة دعارة عربية وُجِدت في صيف باريس لتقديم خدمات عربية لزبائنها من السياح العرب الأثرياء في فرنسا، أرسلوا الوفود لا لكي تعتذر وتطالب بكشف أسماء المتورطين ومحاسبتهم أو مطالبتهم بالتواري خجلاً والانسحاب من مواقع المسؤولية- إن كان فيهم مسؤول متورط- بل لتطلب لهم الستر وعدم نشر أسمائهم في الصحف، كل هذا لأن ثقافتنا لا تمتلك صممات دفاع تؤمن بالنزاهة والصدق والشفافية ومحاسبة المسؤولين، بل صارت تفعل كما يفعل الأقوام الهالكون الذين إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد!

عادة ما يداوي العرب عوراتهم حين تنطلق مثل هذا الفضائح في الغرب بالقول "ما فيش حد أحسن من حد"، صحيح أن الخطأ واحد لكن المعالجة ليست واحدة، لأن الغرب الكافر الفاجر على الأقل يعتذر ويستقيل، يعني لا يزال في وجهه حبة حياء، بينما وجوه بعض مسؤولينا مغسول بمرقة. ولا أدري ما شأن المرقة في الموضوع؟ الله يكرم النعمة، لكنه مثل يقال دلالة على الصلافة والوقاحة وقلة الحياء، أعاذنا الله وإياكم منها.

back to top