«سامان ديجة»

نشر في 11-12-2012
آخر تحديث 11-12-2012 | 00:01
 بدر سلطان العيسى التشكيل الوزاري في الكويت عملية غريبة عجيبة، فاختيار الوزراء لا يتم على أساس الكفاءة والمقدرة ووضوح الرؤية لدى الوزير، إنما يتم اختياره وزيراً لتكملة العدد، فالوزير الذي يصلح للكهرباء في الوزارة السابقة صالح لـ"الشؤون" في الوزارة الحالية، ووزير التجارة في الوزارة الحالية يصلح كوزير للصحة في الوزارات القادمة، أو يصلح كوزير للعدل في أي وزارة.  بمعنى أن الوزير مهما كان اسم الوزارة التي يتسلمها هو مجرد تكملة عدد لكي يصل التشكيل الوزاري إلى ستة عشر وزيراً، بمن فيهم الوزير المحلل الذي غالبا ما يكون غير مؤهل لأي وزارة، إنما هو مجرد تكملة للشكل القانوني لأي وزارة.  هذه الفوضى في التشكيل الوزاري دفعت ذلك الفيلسوف الهندي لإطلاق هذه الصفة "سامان ديجة" على هذا النوع من الوزراء، و"السامان" باللغة الهندية هو قطعة الأثاث، و"ديجة" معناها لا يقدم ولا يؤخر في وزارته، ولا تنفرد الكويت بمثل هذه الصفة أو هذه السياسة في التشكيل الوزاري، حيث الديمقراطية من النوع الخفيف والتي لا يقام للدستور فيها أي وزن أو اعتبار.

نفس هذا النوع من التشكيل الوزاري تجده في كل وزارات الدول الخليجية، حيث تنعدم كل مقاييس الأنظمة السياسية الديمقراطية وشروطها، ولقد كنت أتمنى أن يوفر سمو رئيس مجلس الوزراء من "مشاويره" وتعبه في زيارة الديوانيات أو استدعاء الكتل السياسية للتشاور معهم في اختيار من يرونه مناسباً لأي وزارة دون تحديد نوع الوزارة ما دام الأمر هو مجرد ترضيات سياسية.

 فقد كان في مقدور الشيخ جابر المبارك أن يغمض عينه ويضع أمامه أسماء مختلفة من تلك التجمعات أو الديوانيات، ويضع أصبعه دون النظر إلى الكشف الذي أمامه ويحدد على أساسه من يستحق الدخول في التشكيل الوزاري، ولا داعي أن يقول هذا وزير للكهرباء وذلك وزير للشؤون وثالث وزير للخارجية، فالمقصود هو أن تتم عملية التشكيل الوزاري وأن يكتمل العدد.

ليس في الأمر مبالغة ولا تهويل، وأنا كمواطن عادي سوف أقول غير هذا الكلام لو جئت لي بمرشح لأي وزارة رفض قبول الوزارة على أساس عدم اختصاصه عند عرضها عليه، أو أنه رفضها وهو يعلم أنه سوف يكون كما قال ذلك الهندي الحصيف إنه لن يكون "سامان ديجة"، أو كما نقول نحن العرب "روح روح وتعال تعال"، أو بالإيراني "بيرو بيرو بيو بيو".

 في كل تاريخ التشكيل الوزاري لم أسمع أن وزيراً رفض الدخول في التشكيل الوزاري لأن رئيس الوزراء رفض تحديد نوع الوزارة التي سوف يتسلمها، وبقدر ما تسعفني الذاكرة فقد تم رفض الوزارة من قبل فردين أو ثلاثة خلال نصف القرن الماضي.

back to top