بادرة غير حميدة للمصالحة!

نشر في 31-12-2011
آخر تحديث 31-12-2011 | 00:01
 عبدالهادي شلا   هل يصب عدم سماح حكومة حماس المقالة بالاحتفال بانطلاقة "فتح" في غزة في خانة الوحدة الوطنية؟ وهل هو بادرة حميدة للمصالحة؟!

ففي الوقت الذي أتحفتنا تصريحات الطرفين "حماس" و"فتح" خلال الأسبوعين الماضيين عن مصالحة طال انتظارها بعد انقسام حقق منه الطرفان مصالح ومواقف تصب في خانة كل منهما، بينما المتضرر الوحيد كان ومازال هو الشعب الفلسطيني، وبالرجوع إلى تصريحات الناطقين باسميهما، ظننا أن الانقسام "المؤلم" قد طويت صفحاته، وما عاد هناك مكان لمهاتراته، ولكن يبدو أن "ما في القلب" مازالت تتحكم به عناكب ترسل خيوطها الواهية شباكا تعرقل مسيرة المصالحة.

ولعل الاتفاق على أن تبقى "حكومة غزة" وأن تبقى "حكومة رام الله" كل يمارس مهامه قد أعطى المعنى الذي ترتب عليه مثل هذا المنع.

مثل هذا التعنت والمنع لاحتفالات "فتح" في غزة لا يكون في محله ولا في الوقت المناسب، وليس هناك ما يبرره إلا من لا يرضى للمصالحة أن تصبح فعلا حقيقيا.

فالشعب الفلسطيني قد شعر بغصة في حلقه وهو يتابع هذا "الاستخفاف" بتطلعاته، وكأن هذا الفصيل أو ذاك هو "الهبة الإلهية" التي أوكلت برسم حياة هذا الشعب المبتلى بمثل هذه السلوكيات. المفهوم العام لاحتفالات كل فصيل بمناسباته الخاصة هو تجديد البيعة، وتأكيد أن هذا الفصيل مازال "حيا" يمنح شعبه الصمود في وجه الإلغاء.

ولعلنا ننادي بضرورة أن يكون الخطاب العام لقادة الفصائل في مناسباتها خطابا متجددا غير مكرر، ويضع أبناء الشعب الفلسطيني في الصورة الحقيقية للحالة العامة التي تحيط به، فما عاد الشعب قاصرا بعد هذه المسيرة الطويلة التي قدم فيها خيرة شبابه بين شهيد وأسير وجريح.

هذا التصرف يجعلنا نسأل: كيف يمكن للمصالحة أن تتم بتناسق في وجود هذا الاختلاف في الرؤية، وفي أحقية كل فصيل بأن يمارس نشاطه على أرض فلسطين بجوار الفصيل الآخر دون أن يكون التناقض و"التحدي" هو سيد الموقف؟

وسينبثق عنه أسئلة كثيرة ستصيب الشعب الفلسطيني بخيبة كبيرة ذلك أن "حبر التوقيع على المصالحة" لم يجف بعد، فهل هذا المنع ينفي وجود حركة فتح كحقيقة؟ وهل يلغي تاريخها بمجرد منع أعلامها أن ترفرف في سماء غزة؟ وهل يلغي هذا المنع انتماء الملايين إلى هذه الحركة العريقة؟

الجميع قد مل الحديث في هذا الموضوع لما سببه من فواجع للشعب بكل فئاته حتى "حماس" نفسها التي فقدت الكثير من مصداقيتها بما آلت إليه حالها بعد أن تحولت– بكثير من الشواهد- إلى حارس يمنع رد الشعب الفلسطيني على غارات المحتل، وقصفه المتكرر والحديث عن "هدنة" غير معلنة.

لست أنتمي إلى أي فصيل، ولا أدافع عن أحد، ولكنني أقف بجانب الطريق الصواب الذي نتمنى أن تسير فيه كل الأطراف الفلسطينية "المتنفذة" والتي يتعامل العالم معها على قلب واحد وهدف واحد هو تحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة التي تلمّ شمل الجميع تحت مظلة واحدة.

فهل يعيد أصحاب القرار في "حماس" النظر في أمر المنع، و نرى أعلام "فتح" و"حماس" ترفرف في سماء غزة معا في تلاحم أخوي صادق بهذه المناسبة العظيمة لتمحى آثار الانقسام لتأكيد أن الوطن واحد والهدف واحد؟! ربما... ربما؟

* كندا

back to top