الجنح المستأنفة تؤيد تغريم المسلم وتدينه على إفشاء السرية

نشر في 12-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 12-01-2012 | 00:01
أيدت محكمة الجنح المستأنفة أمس برئاسة المستشار عادل الصقر وعضوية المستشارين مبارك الرفاعي ووحيد رفعت تغريم النائب السابق ومرشح الدائرة الثالثة فيصل المسلم 200 دينار، ورفضت المحكمة طلب النيابة العامة بتشديد العقوبة عن المسلم، كما رفضت الاستئناف المقام منها، في حين برأت موظف بنك برقان من تهمة إفشاء السرية المصرفية، وألغت حكم الغرامة الصادر بحقه من محكمة أول درجة بالغرامة.

وقالت محكمة الجنح المستأنفة في حيثيات حكمها في إدانة النائب المسلم أن التحريات لم تنف واقعة حصول المتهم الثاني النائب السابق فيصل المسلم من مجهول لصورة من الشيك الخاص برئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد إلا أن المتهم الثاني بعد حصوله على صورة ذلك الشيك قام بعرضه بقاعة مجلس الأمة، وسلم صورته بعد العرض لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء مستندا في ذلك للحق المخول له بمقتضى المادة 110 من الدستور على اعتبار انه عضو في مجلس الأمة.

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها: "إن ما أتاه المتهم الثاني النائب السابق فيصل المسلم لا يتفق والمبادئ الدستورية المستقر عليها إذ ان الأعمال المصرفية وما يتعلق منها بالذمة المالية لعملاء البنك وما اتخذه المتهم الثاني هو أمر يتعلق بالذمة المالية لساحب الشيك موضوع الدعوى وذلك يعتبر من قبيل المساس بالحق في الحياة الخاصة بما لا يجوز معه الكشف عن عناصرها واشاعة أسرارها التي يحرص عليها الفرد في المجتمع بما ينبغي معه حماية هذا السر تأكيدا للحرية الشخصية ورعاية لمصلحة الجماعة من أجل تدعيم الائتمان العام باعتباره مصلحة اقتصادية عليا للدولة بما يصح معه القول ان التعرض لعنان الذمة المالية للفرد فيه مساس بحقه وفي ما يلي حيثيات حكم الجنح المستأنفة لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها ما دام قد أحاط بالدعوى وأقام قضاءه على اسباب تكفي لحمله".

أدلة الثبوت

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها انها أحاطت بواقعة الدعوى وبظروفها وألمت بها عن بصر وبصيرة وكانت أدلة الثبوت التي ركن إليها الحكم المستأنف بشأن إسناد الاتهام السالف للمتهم الأول قد بلغت من الوهن مبلغه ولا ترقى بذاتها دليلا على ثبوت نسبة ذلك الاتهام قبله إذ انها عولت على اطمئنانها لما جاء بأقوال كل من الشهود وعولت على القول ان الصورة المسلمة للمتهم الثاني "المسلم" قد التقطت من قبل المتهم الأول بعد إيداع قيمة الشيك بحساب المستفيد منه وقبل إرفاق أصل الشيك بملف حفظ المعاملات والمحكمة بما لها من سلطة في الاستخلاص للصورة الصحيحة للواقعة ترى أن ما ساقه الحكم المستأنف قاصر عن حد بلوغ حد الكفاية لثبوت الاتهام الاول المسند للمتهم الأول ولا يرقى لمرتبة الدليل الذي تطمئن إليه المحكمة لإدانة المتهم عن تلك التهمة إذ ان الثابت للمحكمة حال سؤالها لضابط التحريات شهد أن تحرياته حسبما سلف لم تسفر عن علاقة فيما بين المتهم الأول والثاني كما لم تسفر عن القائم تحديدا بتصوير الشيك من بنك برقان أو القائم بتوصيله للمتهم الثاني أو أن المتهم الأول هو من سلم صورة الشيك للمتهم الثاني فضلا عما ثبت بشهادة كل من شهود البنك الموظفين بالبنك حسبما سلف فالأولى نائب مدير فرع البنك المدعي بالحق المدني والثاني رئيس الصرافين بالبنك سابقا ان مكتب مدير الفرع "المتهم الأول" لا يوجد به تصوير وأن بامكان أي موظف للبنك الحصول على صورة الشيك الأمر الذي تتشكك معه المحكمة والحال كذلك في صحة نسبة الاتهام السالف للمتهم الاول إذ ان تمكن أي من موظفي البنك المدعي بالحق المدني "بنك برقان" التحصل على صورة الشيك وفق الآلية التي يتم به صرفه وتداوله بين أيدي العديد من موظفيه على نحو ما سلف، وترى المحكمة من جماع ما سلف أن الادلة التي ساقتها النيابة بحقه وإن كانت لا تصلح دليلا لاسناد التهمة الى المتهم الاول الا انها لا تنفي حدوث الواقعة بوصفها الوارد بالاتهام الاول قِبل مجهول من العاملين بالبنك المدعي بالحق المدني لم تسفر التحقيقات وكذلك تحريات المباحث وفق ما شهد الضابط مجريه على نحو ما سلف للوصول اليه بما يتعين معه على نحو ما سلف الوصول اليه بما يتعين معه الغاء الحكم المستأنف القاضي بادانته والقضاء مجددا ببراءته من هذا الاتهام المسند اليه حسبما سيرد بالمنطوق.

وحيث انه عن استئناف النيابة العامة بشأن ما نسب اليه للمتهم الاول فان المحكمة وفق ما انتهت سلفا الى براءته من التهمة الاولى فمن ثم تقضي المحكمة برفض استئناف النيابة بشأن هذه التهمة.

التهمة الثانية

ولفتت المحكمة الى انه وبشأن التهمة الثانية المسندة للمتهم الاول، فلما كان الحكم المستأنف قضى بناء على اسباب سائغة كافية لحمله وكان من المقرر القضاء بمحكمة التمييز (ان المحكمة الاستئنافية اذا ما رأت تأييد المستأنف للاسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها ان تذكر تلك الاسباب في حكمها بل يكفي ان تحيل عليها اذ الاحالة على الاسباب تقوم مقام ايرادها وتدل على ان المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها).

(طعن رقم 161 لسنة 2004 جزائي جلسة 1/2/2005)

لما كان ذلك، وهديا به، وكان الحكم المستأنف قد اصاب وجه الحق من حيث الواقع والقانون فيما قضى به من براءة المتهم الاول بشأن التهمة الثانية المسندة اليه للاسباب التي بني عليها التي من شأنها ان تؤدي الى ما رتبه عليها والتي تقرها هذه المحكمة وتجعلها اسبابا لقضائها، ومن ثم تقضي المحكمة في موضوع استئناف النيابة العامة بشأن هذه التهمة لرفضه وتأييد الحكم المستأنف محمولا على اسبابه عملا بنص المادة 208/1 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية.

وقالت المحكمة عن استئناف المتهم الثاني فيصل المسلم: لما كانت المحكمة قد انتهت في صدر حكمها الى ان ادلة الثبوت ساقتها النيابة العامة وان كانت لا تصلح دليلا لاسناد التهمة الاولى الى المتهم الاول الا انها لا تنفي حدوث الواقعة من مجهول من بين موظفي البنك المدعي بالحق المدني - بنك برقان - الذي اشترك معه المتهم الثاني بالتحريض والاتفاق بأن حرض واتفق مع ذلك المجهول على مدة لصورة ضوئية من الشيك موضوع الاتهام والخاص لاحد عملاء البنك المدعي بالحق المدني (الشيخ ناصر المحمد) وذلك بعد تقديمه من المستفيد (ناصر فهد الدويلة) للبنك المدعي مدنيا السالف فرع عبدالله السالم. وقيام احد موظفي البنك السالف باتخاذ اجراءات صرفه وفتح حساب للمستفيد وختم الشيك بخاتم (Journal) بما يفيد اتمام العملية بين حاسبين داخل البنك اي بعد صيرورة الشيك من مستندات البنك المدعي مدنيا واسباغ الحماية القانونية المقررة عليه بمقتضى نص المادة 85 مكررا من القانون 28 لسنة 2004 بتعديل بعض احكام القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهن المصرفية اي انه اضحى من اسرار البنك المحظور نشرها بيد ان المتهم الثاني بعد تحصيله على صورة ذلك الشيك قام بعرضه بقاعة مجلس الامة وسلم صورته بعد العرض لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء مستندا في ذلك للحق المخول له بمقتضى المادة 110 من الدستور على اعتبار انه عضو في مجلس الامة الا ان ما اتاه المتهم الثاني لا يتفق والمبادئ الدستورية المستقر عليها اذ ان الاعمال المصرفية وما يتعلق منها بالذمة المالية لعملاء البنك وما اتخذه المتهم الثاني هو امر يتعلق بالذمة المالية للساحب للشيك موضوع الدعوى وذلك يعتبر من قبيل المساس بالحق في الحياة الخاصة بما لا يجوز معه الكشف عن عناصرها واشاعة اسرارها التي يحرص عليها الفرد في المجتمع بما ينبغي معه حماية هذا السر (الذمة المالية) تأكيدا للحرية الشخصية ورعاية لمصلحة الجماعة من اجل تدعيم الائتمان العام باعتباره مصلحة اقتصادية عليا للدولة بما يصح معه القول ان التعرض لعنان الذمة المالية للفرد فيه مساس بحقه في الخصوصية وهو حق يحميه الدستور (طلب تفسير دستوري رقم 1/1986 جلسة 17/6/1986).

تهمة ثابتة

ولما كان ما تقدم وهديا به وللاسباب التي اوردها الحكم المستأنف فان التهمة المسندة للمتهم الثاني تكون ثابتة في حقه بما يتعين معه رفض استئناف المتهم الثاني وتأييد الحكم المستأنف حسبما سيرد بالمنطوق.

وحيث انه عن استئناف النيابة للتشديد قِبل المتهم الثاني فلما كان من المقرر ان تقدير العقوبة من اطلاقات محكمة الموضوع طالما انها تدور بين حديها الادنى والاقصى ومن ثم تقضي المحكمة برفض استئناف النيابة العامة.

حيث انه من الدعوى المدنية الموجهة قبل المتهمين ولما كانت المحكمة قد خلصت وفق ما سلف لبراءة المتهم الاول مما اسند اليه الامر الذي ينتفي معه المسؤولية التقصيرية قبله لانتفاء ركن الخطأ في حقه ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدعوى المدنية قبله حسبما سيرد بالمنطوق.

اما بالنسبة للمتهم الثاني فلما كانت المحكمة قد خلصت لادانته بشأن ما نسب اليه حسبما سلف وكان المتهم الثاني بفعله الخاطئ قد نجم عنه ضرر لحق بالمدعي بالحق المدني - بنك برقان- بما يستوجب معه الزامه للبنك المتضرر عما لحقه من ضرر والزامه بالتعويض المطالب به على نحو ما سلف بالمنطوق.

حيث انه عن مصاريف الدعوى المدنية ومقابل اتعاب المحاماة الفعلية فالمحكمة تلزم بها المتهم الثاني -كمدعى عليه مدنيا- وتقدر مقابل اتعاب المحاماة الفعلية بمبلغ مئة دينار عملا بالمادتين 119، و119 مكررا من قانون المرافعات.

البغلي: الحكم بالقضية علامة مضيئة في تاريخ القضاء الكويتي الشامخ

قال المحامي علي البغلي- محامي بنك برقان- ان الحكم بالقضية المذكورة يعد علامة مضيئة في تاريخ القضاء الكويتي الشامخ، وقد اكد وبحق انه جدير بالثقة التي اولاها اياه الشعب الكويتي ذلك انه يؤكد يوما بعد آخر ان الكل أمامه سواء بسواء وان ميزان العدالة يجري على الصغير والكبير، دونما نظر الى وضعه او مكانته وانه لا يخضع الا الى سلطان ضميره، ولم يتأثر بالهجمة الشرسة التي قادها بعض اعضاء مجلس الامة السابق للتأثير على محكمة الاستئناف ومن قبل على محكمة اول درجة وتوجيهها - بغير حق- وبالمخالفة للقانون لتقضي بما يريدون وعلى الرغم من انهم حاولوا بشتى الطرق حشد الجماهير خلفهم لخلق رأي عام يخدم مصالحهم، فان المواطن الكويتي - بفطنته- ونظره الثاقب لم ينجر وراءهم لعلمه اليقيني ان ما يقومون به ما هو الا للتكسب السياسي، كما ان القضاء العادل لم يلتفت الى هذه المحاولات البائسة، ذلك ان وظيفته السامية هي تطبيق العدالة ولا سلطان عليه سوى ضميره، وعلى ذلك وبصدور هذا الحكم النهائي البات فاننا سوف نشرع في اقامة دعوى تعويض نهائي ضد المحكوم عليه.

ولا يفوتنا في هذا المقال، وعلى الرغم من القاعدة التي تقول "ان القضاء لا يمدح ولا يذم" فانني وباعتباري مواطنا كويتيا وليس محاميا يعمل في القانون ومحاميا لبنك برقان، ولشعوري بالفخر والاعتزاز بالقضاء الكويتي الشامخ، نتوجه اليه بالشكر والعرفان لاصداره هذا الحكم العادل كونه جعل من كل مواطن كويتي يشعر بما اشعر به من فخر واعتزاز، وانه آمن مطمئن ما دام له سند وحام هو القضاء الكويتي الشامخ.

back to top