الكاتب والمنتج محمد الرشود... 4 عقود من التألُّق في المسرح تأليفاً وإنتاجاً وإدارةً
خلال مشواره الفني الذي بدأه في مطلع الستينيات من القرن الفائت، قدّم الكاتب والمنتج محمد الرشود أعمالاً مسرحية وتلفزيونية حظيت بمتابعة جماهيرية إضافة إلى آراء نقدية متباينة.محمد الرشود أحد أبرز الكوادر الفنية الكويتية، حقّق لنفسه حضوراً فاعلاً على مستوى الكتابة المسرحية وفي مجالي الإنتاج والإدارة المسرحية، لمع كمؤلف في الثمانينيات في أكثر من عمل جادّ باللغة العربية، ثم انطلق كمنتج ومؤلف في أعمال مسرحية خاصة. عُرضت أعماله في الكويت وخارجها وحققت شهرة واسعة.
اسمه الكامل محمد سلمان صقر سلمان الرشود من مواليد 1950 في «فريج» الميدان في منطقة الشرق وهو أصغر إخوانه، في عامه الأول سافر مع أسرته إلى الحجاز، وفي عام 1958 عادت الأسرة إلى الكويت فالتحق الطفل محمد بمدرسة النجاح في الشرق، ومن ثم بالمدرسة المباركية (1962 -1966)، بعد ذلك انتقل إلى ثانوية كيفان، مستكملاً تحصيله العلمي.حقل التدريسبعد انتهاء مرحلة الدراسة الثانوية، اتجه الشاب محمد الرشود إلى حقل التدريس، فالتحق بدار المعلمين في الكويت (1970)، وبعد عامين نال دبلوم دار المعلمين وعين مدرِّساً في وزارة التربية، من ثم حاز إجازة دراسية من وزارة التربية لدراسة الأدب العربي في جامعة الكويت (1977) ونال ليسانس آداب، استمر في عمله كمدرس وأصبح ناظراً.إدارة «مسرح الخليج»الرشود متزوّج وله خمسة أبناء: ولدان وثلاث بنات أكبرهم صقر، هو اليوم مدير عام «مؤسسة الجزيرة للإنتاج الفني» ورئيس مجلس إدارة فرقة «مسرح الخليج العربي»، وكان شغل منصب أمين السر العام لـ «الاتحاد الكويتي للمسارح الأهلية».بداية مبكرةبدايته الفنية كانت أثناء دراسته في المرحلة المتوسطة، إذ انتسب إلى فريق التمثيل وارتجل مسرحيات وتمثيليات وكان أداؤه متواضعاً. في أحد الأيام من عام 1965، مرض الممثل زيد خلف الذي كان يمثل في مسرحية «المخلب الكبير» لفرقة «مسرح الخليج العربي» من إخراج صقر الرشود، فاضطر الأخير إلى الاستعانة بشقيقه محمد الرشود ليؤدي دور الممثل زيد خلف، وفعلاً حلّ محمد بديلاً عن الممثل الحقيقي وجسّد الشخصية لمدة ستة أيام، وفي يوم التصوير التلفزيوني عاد زيد خلف وتم الاستغناء عن محمد الرشود، وعندما علم والده بانخراط ابنه في التمثيل غضب وقال لأخيه صقر: «يكفي واحد «خربان» فلماذا الثاني؟».احتجاج... فانسحابلم يعد محمد الرشود إلى المسرح إلا بعد وفاة والده وشقيقه صقر، وانخرط في فريق التمثيل في المدرسة تحت إشراف محمد العشماوي، وكان معه الفنان الراحل كنعان حمد، وفي أثناء التحضير لإحدى المسرحيات أعطى العشماوي دور البطولة للفنان كنعان وأعطى محمد الرشود دور الكومبارس، فما كان من الأخير إلا أن انسحب احتجاجاً، كذلك كان محمد مسؤولاً عن مجلة «الحائط» ويكتب فيها قصة شهرية، فاستحوذ على اهتمام القراء الذين كانوا يتنظرون قصصه بفارغ الصبر.عباءة صقركان لأسرة محمد الرشود أثر كبير في تكوين شخصيته، يقول: «لا شك في أن الإنسان عبارة عن نبتة تكبر وتترعرع، حسب البيئة التي ينمو فيها، وأنا حظيت بأسرة فنية أحد أعمدتها أخي الفنان الكبير صقر الرشود، تربيت تحت عباءته وكبرت معه، وبالتالي كبرت موهبتي في رحابه ومن خلال مشاهدتي لفنه وأعماله، خصوصاً أنه عاش لفنه وكان المسرح كل حياته، هكذا عشقت المسرح وأصبحت أحد رواده. كنت أجلس مع أخي في النهار وفي المساء أشاهد المسرح، وكثيراً ما كان يدور حوار بيني وبينه عن فن المسرح وأهميّته، وأنهل من تدفّق هذا النبع الذي أعطى للمسرح حياته، فكان يومي كلّه ينقضي في رحاب الفن».السراببداية الرشود الحقيقية مع الفن كانت عندما كلّفه شقيقه صقر الرشود بإعداد مسلسلات إذاعية، بعد ذلك طلب منه أن يكتب سهرة، فكتب «السراب» وقدّمها إلى تلفزيون الكويت، إلا أن الإدارة تحفّظت عليها.في 26 إبريل 1978 انتسب محمد الرشود كعضو فاعل في فرقة «مسرح الخليج العربي»- اللجنة الثقافية، وبعد وفاة شقيقه صقر عيّن في مركز أمين السر وبدأ مع أعضاء مجلس الإدارة البحث عن نصوص مسرحية، فاقترح عليه الفنان عبد العزيز الحداد، صديق الطفولة، أن يحوّل نص سهرة «السراب» إلى مسرحية، وفعلاً تم ذلك وكان اسمها «يا معيريس»، عُرضت عام 1982 وشارك فيها: محمد السريع، عبد العزيز النمش، عبد الرحمن العقل، عبد الله الحبيل... وحققت مسرحيته الأولى نجاحاً. بعد ذلك وقع خلاف في وجهات النظر بينه وبين مجلس الإدارة فترك الفرقة واتجه إلى المسرح الخاص «مسرح الجزيرة» الذي أسسه الراحل صقر الرشود وتتالت نجاحاته في هذه المؤسسة.مهرجانات مسرحيَّةعام 1985 قدّم الرشود مسرحية «رجل مع وقف التنفيذ» من تأليفه وإخراج مبارك سويد، وقد مثلت الكويت في «المهرجان المسرحي لشباب مجلس التعاون الخليجي» في دورته الأولى التي عقدت في دولة الكويت وحازت المركز الثاني، هكذا تعرف إليه الجمهور كمؤلف مسرحي وكانت بداية انطلاقة «فرقة الجزيرة» أيضاً.عام 1987 قدّم الرشود مسرحية «مصارعة حرة» في «المهرجان المسرحي لشباب مجلس التعاون الخليجي» في دورته الثانية في دولة الإمارات العربية المتحدة- إمارة الشارقة، فحازت جائزة أفضل عرض مسرحي، جائزة أفضل إخراج لحسين المسلم، وجائزة أفضل ممثل للفنان طارق العلي.«إذا طاح الجمل»عام 1989 قدّم الرشود مسرحية «إذا طاح الجمل» من إنتاج فرقة «مسرح الجزيرة» في «مهرجان الكويت المسرحي الأول» بمناسبة يوم المسرح العالمي، فنالت جوائز أفضل نص لمحمد الرشود، أفضل تقنية لنجف جمال، أفضل ممثل لخليل إسماعيل، أفضل ممثلة بالمناصفة لحياة الفهد وعائشة إبراهيم، إضافة إلى شهادات تقدير. بعد ذلك قُدّمت المسرحية باسم فرقة «مسرح الخليج العربي» في الدورة الرابعة لـ{المهرجان المسرحي الخليجي لدول مجلس التعاون» (27-20 مايو 1995) في مملكة البحرين، إخراج نجف جمال، بطولة: هيفاء عادل، خليل إسماعيل، طارق العلي، عبد الناصر درويش، الراحل محمد راشد العقروقة، وحازت جائزتين: أفضل ديكور للفنان نجف جمال، وأفضل ممثلة في دور ثانٍ للفنانة هيفاء عادل.أعمال مسرحيّةقدّم الكاتب محمد الرشود للمسرح الخاص من خلال فرقة «مسرح الجزيرة» أعمالاً مسرحية منها:- «أرض وقرض» (1987)، تتمحور حول أزمة الإسكان وحال بيوت الحكومة التي توزع على المواطنين بعد فترة انتظار طويلة. شارك فيها: حياة الفهد، انتصار الشراح، خليل إسماعيل، داود حسين وعبد الناصر درويش.- «الكرة مدورة» (1988)، إخراج نجف جمال، تدور الأحداث حول المشاكل الرياضية وظاهرة التعصب الرياضي. شارك فيها: انتصار الشراح، محمد العجيمي، خليل إسماعيل، ولد الديرة، عبد الرحمن العقل، وصالح الباوي.- «لولاكي» (1989)، إخراج نجف جمال، تتمحور حول عائلة تبحث عن خادمة تساعدها في أعمال البيت. شارك فيها: محمد المنصور، عبدالرحمن العقل، إنتصار الشراح، محمد العجيمي، ولد الديرة وعبير الجندي.- «إذا طاح الجمل» (1989)، إخراج نجف جمال، شارك فيها: حياة الفهد، عائشة إبراهيم، خليل إسماعيل، وعبد الرحمن العقل.- «أزمة وتعدي» (1990)، إخراج نجف جمال، شارك فيها: أحمد الصالح، حسين الصالح الدوسري، محمد العجيمي، داود حسين، بدر الطيار، وانتصار الشراح.- «لولاكي 2» (1992)، إخراج نجف جمال، شارك فيها: عائشة إبراهيم، انتصار الشراح، عبدالرحمن العقل، غانم الصالح، مريم الغضبان، محمد العجيمي، وعبد الناصر درويش.- «انتخبوا أم علي» (1993)، إخراج نجف جمال، شارك فيها: خليل إسماعيل، انتصار الشراح، عبد الرحمن العقل، محمد العجيمي، منى عبد المجيد، وعبد الله العتيبي.- «صباح الخير يا كويت» (1995) إخراج نجف جمال، قدّمتها فرقة «مسرح الخليج العربي».- «بشت المدير» (1996)، شارك فيها: عبد الرحمن العقل، عبد العزيز جاسم، خليل إسماعيل، محمد العجيمي، داود حسين، عبد الناصر درويش، ولد الديرة، وعبد الله العتيبي.- «لعيونك» (1997)، إخراج عبدالعزيز الزنكوي، شارك فيها: عبدالناصر درويش، عبدالرحمن العقل، انتصار الشراح، محمد العجيمي، وعبد الله العتيبي.- «في جلباب زوجتي» (1998)، إخراج منقذ السريع، شارك فيها: طارق العلي، زهرة عرفات، عبدالناصر درويش، أحمد السلمان وحسن البلام.- «بومتيح» (2000)، شارك فيها: انتصار الشراح، داود حسين، عبد الرحمن العقل، زهرة عرفات، عبد الله العتيبي، وحسن البلام.- «عائلة عشر نجوم» (2001)، إخراج صالح الحمر، شارك فيها: أحمد بدير، سعاد نصر، محمد العجيمي، وعبد الناصر درويش.- «الخواف» (2002)، إخراج عامر الحمود، شارك فيها: محمد العجيمي، زهرة عرفات، ولد الديرة، عبد الله العتيبي، حسن الأسمر، وأحمد فرج شمايل.- «حب في الفلوجة» (2004)، شارك فيها: علي المفيدي، زينب العسكري، ولد الديرة، أحمد السلمان، منى شداد، وعبد الله العتيبي.- «رجل مع وقف التنفيذ»، و{مصارعة حرة»، مع مسرح الشباب.- «أبيض وأسود» (2003)، قدّمها الرشود في المهرجان المحلي الثامن في أبو ظبي.- «الخواف» أو «أبيض وأسود» (2003).- «أوه يا الكرة»، «بو متيح»، «عائلة عشر نجوم»، وغيرها من الأعمال.من أقواله- على المسرحي الحقيقي أن يؤمن بالرأي الآخر وبالحوار وبتنوع الفنون ليتطور، وألا يعيش على ذكريات الماضي، فالحياة لا تنتظر أحداً، بل تسير وعلينا مواكبتها بعيداً عن إلغاء الآخرين.- أوفِّر البيئة والأرضية الصلبة داخل النص ليقف الفنان عليها مبدعاً ومتواصلاً مع الفكرة والنص والجمهور، ناهيك بتداعيات كثيرة لنجاح الكل، والإعلام والإعلان المدروس والمواكب للعمل.- تأثير الفن على المجتمع غير عادي ومهمّ، وعن نفسي أرفض من الأساس فكرة أن يكون الفن مجرد ترفيه وإسعاد للناس... لا بد من أن يؤثر في المجتمع ويتكلم عن مشاكل الناس وقضاياهم وينظر في سلوكياتهم ويحاول تغيير المفاهيم السلبية السائدة.- الدنيا أخذ وعطاء وإن لم تكن هذه العلاقة موجودة يتحول الإنسان إلى شخص أناني.- المؤلف المتميز هو الذي يعالج مشكلات مجتمعه ويصبّها في قالب كوميدي ليتمتّع الجمهور بها، ويعيش جوانب الحياة الموجودة في المجتمع، ويتابع كل ما هو جديد ويتفاعل معه.- الفن أخذ قسطاً كبيراً من حياتنا وأعصابنا، الطريق كان مفروشاً بالأشواك والمعاناة لأن هدفنا كان تقديم القيمة والفكر المستنير للناس ونيل احترامهم وثقتهم، وقد تحقق ذلك، نحتنا في الصخر بأظفارنا لنشقّ لأنفسنا وللأجيال التي بعدنا طريقاً مفروشاً بالورود، إنها الضريبة التي دفعناها لهذه الأجيال التي تعيش اليوم تطوراً فنياً وفكرياً وحضارياً، لكنها لا تعلم كم كان الثمن باهظاً من عرقنا ودمنا، إنها رحلة عظيمة في دورها وقصيرة في عمرها.- الفن هو إفراز للتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية في أي مجتمع، ولا بد له من أن يتأثر بالمتغيرات ويعاني منها، ولكن يجب أن يكون له موقف واضح ومؤثر تجاه أي قضية.- أؤمن بمن معي وأحبّ أن أكون على مستوى طموحاتي وليس العكس، ونجاح أي ممثل معي يعني نجاحي، حينما أقدم عملاً إلى الجمهور لا يعني أنني أقدم عملاً مسرحياً فحسب بل ظاهرة مسرحية تعيش لسنوات.- لست من النوع الذي يتخاذل ويبتعد، فأنا بطبيعتي محارب، وأحب المغامرة ولا أحب الكسل والجلوس من غير عمل.- الفن فيه كثير من الورود والاخضرار والجمال، وهو ليس صراعات فحسب، وحينما تنجح تنسى الهموم والمشاكل والحاقدين.- الرقابة أحد أكبر المعوقات التي تواجهنا.