تقرير محلي البطالة الجامعية... مقرر أزمة في الفصل الدراسي الثاني
تحولت أزمة القبول في جامعة الكويت الى مشروع أزمة سياسية مقبلة بعد تعذر قبول جميع المتقدمين في الفصل الدراسي الأول، وتجد الحكومة نفسها أمام خيار قبول الجميع أو الحفاظ على جودة التعليم..
دقت أرقام الطلبة والطالبات المتقدمين للالتحاق بكليات جامعة الكويت في الفصل الدراسي الأول المقبل ناقوس أزمة "بطالة جامعية"، إذ بات في حكم المؤكد وفق أرقام المتقدمين والقدرة الاستيعابية للجامعة وجود ثلاثة آلاف طالب وطالبة "مقبولين مع وقف التنفيذ" على قائمة الانتظار للحصول على مقعد دراسي في إحدى الكليات الجامعية.الأزمة التعليمية التي تعيشها الجامعة اليوم بدأت التحول الى أزمة سياسية بين أعضاء مجلس الأمة والحكومة بشكل عام، ووزارة التعليم العالي بشكل خاص، والتي بدأ وزيرها أحمد المليفي البحث عن حلول "وقتية" لتفادي الاصطدام النيابي من جهة، ومن جهة أخرى لتجاوز الأزمة التي تمس شريحة كبيرة من الأسر الكويتية، خصوصاً أن الفصل التشريعي الحالي انتصف في عمره، وبدأت المكائن الانتخابية تستعد للانتخابات المقبلة.«الليبرالي» و«الديني»وتباينت الحلول المطروحة على الساحة لمواجهة أزمة القبول؛ إذ رآت التنظيمات السياسية الليبرالية (التحالف الوطني الديمقراطي والمنبر الديمقراطي) في الكويت في إلغاء قانون منع التعليم المشترك حلاً يمكِّن الجامعة من الاستفادة من مواردها في زيادة الطاقة الاستيعابية. وأشارت هذه التنظيمات إلى أن القانون المذكور بدأت تظهر سلبياته مع ازدياد عدد خريجي الثانوية العامة.وفي حين رفض التيار الديني الدعوة "الليبرالية" إلى إلغاء القانون، وجدت الحكومة نفسها أمام مشروع أزمة مع ممثلي ذلك التيار في مجلس الأمة، إذ هدد أكثر من نائب باستجواب رئيس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد إذا ما أقدمت الحكومة على إلغاء القانون، معتبرين أن المساس بالقانون بمثابة المساس بالثوابت الشرعية، الأمر الذي دفع وزير التعليم العالي، وفي أكثر من مناسبة، إلى التأكيد أن منع الإختلاط سار في الجامعة ولن يتم إلغاؤه.ويرى مراقبون أن أزمة القبول في الجامعة لم تكن وليدة الفصل الدراسي الحالي، لافتين إلى أن أعداد المتقدمين في الجامعة في ازدياد سنوياً، وبأرقام قياسية في ظل غياب رؤية حكومية واضحة في كيفية التعامل مع الزيادة المطردة، وتقاعس النواب عن أداء دور رقابي حقيقي، لا سيما أن مشروع الجامعة الجديدة "الشدادية" أقر في عام 2004 ولم يتم الانتهاء منه، رغم مرور سبع سنوات. التكسُّب الانتخابيويضيف المراقبون أن العملية التعليمية لا تحتمل التكسب الانتخابي الذي بدأت بوادره تظهر من خلال بعض المقترحات النيابية العشوائية، وعمليات الضغط على الجامعة لزيادة أعداد المقبولين والتي يؤيدها الوزير المليفي، مذكِّرين بأن زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعة ارتفعت من 6500 طالب إلى 8000 في أقل من أسبوع نتيجة ضغط مورس على مجلس الجامعة، دون النظر إلى القدرة الحقيقية للجامعة وتأثير تلك الزيادة على مستوى التعليم ومخرجاته وأداء الهيئة التدريسية.وبحسب الأرقام الرسمية لأعداد المقبولين في الجامعة في الفصلين الدراسيين الأول والثاني للسنوات الدراسية الثلاث الماضية، فإن معدل التقديم والقبول حوالي 8000 طالب، موزعين على الفصلين الدراسيين مع أغلبية للفصل الدراسي الأول. (جدول مرفق بأعداد المقبولين)، وكانت الجامعة تقبل جميع المتقدمين والمستوفين الشروط، إلا أن الفصل الدراسي الأول المقبل شهد تقدم 11000 طالب وطالبة بزيادة 3300 عن العام الماضي.ومع إعلان الوزير المليفي أن الجامعة ستقبل 8000 طالب في الفصل الأول، على أن يتم قبول المتبقي من المتقدمين في الفصل الثاني، يطرح السؤال نفسه؛ هل انفرجت الأزمة فعلا؟وبالعودة إلى جدول قبول الطلبة في الفصل الدراسي الثاني في السنوات الثلاث الماضية، فإن معدل عدد المنضمين الجدد لا يتجاوز الخمسمئة طالب، بينما "فُرض" على الجامعة "سياسيا" قبول 3000 طالب في الفصل الدراسي الثاني المقبل، أي بزيادة قدرها 600 بالمئة، وهو ما يفوق طاقتها الاستيعابية أساساً.ليست أرقاماًهنا يرى المراقبون أن الأزمة الحقيقية ليست أزمة أرقام، بل قدرة الجامعة المحدودة على استعياب تلك الأرقام، ويضيفون أن الدستور الكويتي كفل حق التعليم وفق المادة 40 من الدستور "التعليم حق للكويتيين، تكفله الدولة وفقاً للقانون وفي حدودالنظام العام والآداب..."، إلا أن هذا الحق لا يعني إغراق المؤسسات التعليمية بأعداد تفوق قدرتها الاستيعابية، مما سينعكس على الجانب الأكاديمي وجودة المخرجات الجامعية. وقالوا أيضاً: "كما أن للطلبة الحق في استكمال تعليمهم، فإن لهم الحق كذلك في الحصول على تعليم أكاديمي عال المستوى".ويوضح المراقبون أن أزمة القبول لها وجهان، فإمّا قبول الجميع على حساب الجودة، أو رفض ما يفوق الطاقة الاستيعابية لصالح المستوى الأكاديمي، والحلول يجب أن تضع في عين الاعتبار تلك المسألة. وإن كانت أزمة "البطالة التعليمية" أخذت حيزاً من الحراك النيابي، إلا إنها مازالت دون حلول واقعية، سواء على مستوى السلطة التنفيذية أو التشريعية، وستجد الحكومة نفسها في مواجهة ملف جديد مع النواب عنوانه "البطالة الجامعية".