أتباع جونز والانتحار الجماعي

نشر في 04-02-2012
آخر تحديث 04-02-2012 | 00:01
 أحمد العويد ولد جونز في 31 مايو 1931 في مدينة لين بولاية إنديانا الأميركية، ونشأ وحيدا لأب كان في الجيش، وانضم إلى الحرب العالمية الأولى وأمه المتوفاة كانت ذات جذور تعود إلى قبائل الهنود الحمر، وتعمل في وظيفة بسيطة لتأمين حياة أسرتها، وجونز كان طفلا غير عادي، إذ كان يعتكف على الدراسات الإنجيلية. حصل جونز على وظيفة في مستشفى بمدينة ريتشموند للإنفاق على دراسته، وتزوج من امرأة ممرضة تدعى مارسيلين بالروين، وفي العام التالي تم ترسيمه راعياً للكنيسة إنديانا بوليس وتولى مسؤولية تجمع الشباب، وخلال عشر سنوات تخلى عن عمله. "إن أي مجموعة من الأشخاص يمكن اكتساب ولائهم وتوحيد صفوفهم إذا تم إقناعهم بوجود عدو مشترك يهدد حياتهم". بهذا المبدأ عمل به جيم جونز وكان يجمع التبرعات واشترى كنيسة أطلق عليها اسم "معبد الشعب" وبدأ في تقديم مواعظ، داعيا إلى المساواة والتوحد لأنها كانت موضة العصر، وتبنى هو وزوجته سبعة أطفال من السود والآسيويين، وكان يفخر أن أمه من ذوات الجذور الهندية، ويطلق على نفسه لفظ "جونز متعدد الجنسيات" وبعد فترة زاد عدد المترددين على الكنيسة وخاصة السود، وفي عام 1960 كانت حمى الرعب النووي تجتاح العالم وخاصة الولايات المتحدة، وأصاب الذعر كثيرين في ذلك الوقت فقاموا ببناء كهوف ومخابئ للاختفاء في حالة الحرب النووية، وفي خضم ذلك نشرت مجلة شهيرة مقالا عن أكثر عشرة مواقع آمنة في العالم، ومن ضمنها مدينة يوكيا في كاليفورنيا على بعد 120 ميلا عن سان فرانسيسكو شمالا، والتقط جونز الفكرة وسعى إلى استخدامها لأتباعه، وتمكن من إقناعهم بالرحيل معه إلى كاليفورنيا ومنها إلى جويانا التى كانت مستعمرة بريطانية، وأصبحت جمهورية يحكمها نظام يساري يتفق مع ما ينادي به جونز، خاصة من المساواة والعدل الاجتماعي. بدأت شهرة جونز وأتباعه تنتشر في المجتمع الأميركي، وتقرب إليه رجال السياسة والمشاهير، وأصبح عضوا بارزا في المجتمع ومثال احترام الجميع. وكان اتباع الناس له لدرجة بيع ممتلكاتهم ومنازلهم للانتقال والرحيل مع جونز مفاجئاً؛ مما يبين درجة قناعة هؤلاء الأشخاص بتسليم أنفسهم لأفكاره المجنونة دون أدنى تفكير! لدرجة أنهم يعملون صباحا ويضعون أموالهم طواعية بين يدي الساحر جونز، وانتقل بعدها من الضواحي القذرة إلى الضواحي الراقية وأنشأ معبداً من تلك الأموال. وأسس مستعمرة خاصة به، ورغم كل تلك المظاهر الجذابة والبراقة فإن تلك الجرائم التى تمت داخل تلك المستعمرة فظيعة، وكانت تروي قصة مختلفة عما كان يتردد في الخارج. وعندما نجح البعض في الهرب من وكر جونز وأتباعه بدؤوا يروون روايات مفزعة عما كان يحدث في تلك المستعمرة منها:

1 - كان جونز يركز في محاضراته الرئيسة على الأوضاع الجنسية، وكثيرا ما يعمد إلى إرغام المتزوجين حديثا على الطلاق وتزويجهم بأشخاص آخرين يختارهم بنفسه من بين كبار السن.

2 - كما أنه يقول إن من حقه أن يعاشر أي فتاة أو سيدة، بل يرغمهن على الرضوخ لجميع مطالبه الشاذة.

3 - يعذب الأطفال ويصلبهم بألواح خشبية لإجبارهم على إظهار الولاء والاحترام. وعندما كثرت الفظائع التى ترتكب داخل إمبراطورية جونز قرر الهرب في عام 1977 واشترى بالفعل مساحة شاسعة في بورت كانتوما بجوايانا، وأطلق عليها اسم "جونز تاون"، وأقنع أتباعه بالانفصال عن العالم الواقعي، وإقامة عالم خاص بهم، وبعد أن تكشفت الحقائق المروعة التي تحدث داخل المستعمرة جمع جونز أتباعه للمرة الأخيرة، وقال "نحن أفضل البشر على هذا الكوكب ولذلك لا يستحق أن نحيا على أرضه"، وكانت آخر أوامره الموت للجميع؟!

واصطف الأتباع المخدوعون وكان عددهم 918 شخصاً وتجرعوا كأس الموت وسط صخب التراتيل والطقوس الغريبة، في عام 1978، وكان بينهم كثير من الأطفال وكبار السن، والعجيب أن الانتحار كان بتناول مادة السيانيد السامة، ومن امتنع عن تناول السيانيد قتل رمياً بالرصاص. وكان مقر هؤلاء مدينة جوانا بولاية سان فرانسيكو بالولايات المتحدة، وكان أكثر أعضاء الطائفة من الزنوج الساخطين على النظام الاجتماعي، والذين كانوا يعانون التفرقة العنصرية التي يعاملهم بها الأميركيون البيض. قال أحد رجال الكونغرس "لقد سمعت جونز يتحدث كثيرا عن الحب والإخاء والإنسانية وقوة العقيدة، ولكني لم أسمع منه كلمة الله أبدا".

back to top