الإسلاميون... وعطش السلطة

نشر في 14-01-2012
آخر تحديث 14-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 يحيى علامو العطش مهلك واستمراره موت محقق، وقد يدفع بصاحبه إلى فعل أي شيء ليروي ظمأه بغض النظر عن الطريقة والأسلوب حفاظاً على الحياة، والمكتوون بلظاه هم الأشد حرصاً على فراقه مهما كان التجاوز خطراً.

السلطة... سلطان وسطوة وامتحان لكل الإيديولوجيات ولأي تنظير فكري كان، وذلك لقدرتها العالية على الكشف والتعرية لكل الدعاة والمبشرين ومدّعي التغيير مهما تقدست نصوصهم، وعلت همة ثوراتهم البيضاء منها والحمراء وما بينهما، فالسلطة في النهاية الفيصل بين الفكر والممارسة.

ثمة توق إلى السلطة عند التيارات الفكرية والأحزاب عموما؛ لما لها من سلطان في تطبيق البرامج وتحقيق الطموح، لكن لا أجد مبرراً لهذا العطش السلطوي عند التيار الديني، وذلك لاتساع رقعة الدعوة لديه، والتي تتعارض في معظمها مع أدبيات السلطة ومثالبها، والتي لا تملك مقدسا أو ممنوعاً من الصرف والذي بدأ بالدعوة أصولاً، وامتد ليشمل الاغتيال والتكفير والإقصاء وحمل السلاح، ووصولاً إلى الصراع الطائفي، وأخيراً وليس آخراً إلى القبول بالصندوق الانتخابي وتابعة الدولة المدنية. وهذا التنوع بالتكتيك مبرر سلطوياً، ولا أظنه مقبولاً شرعاً بدعوة الضرورة الاستراتيجية، والقبول الأخير ما كان ليتم لولا مقدرته على إصباغهم اللون الحضاري للوصول إلى الهدف.

الربيع العربي أضحى بلا شك ربيع الإسلاميين لأنه أوصلهم إلى عالم لم تنفع فيه كل نضالاتهم السابقة للوصول إليه- رغم أهميتها- فكانوا من الملتحقين به والممسكين بقيادته بسبب بساطة الصناع وقلة خبرتهم، والتي أخرجتهم من «المولد بلا حمص» ولسان حالهم يقول «عزاؤنا أن الوطن خيارنا»، ولكن هذا الإمساك مع قوة التنظيم والذي أفضى إلى اجتياح الصناديق وربما الوصول إلى هرم السلطة له ثمن.

فالمواءمة ما بين «نص السلطة وسلطة النص»، تمثل تحدياً لهذا التيار مهما تعددت الاجتهادات، والتي ستشكل في النهاية أزمة قد تنعكس سلباً على البناء والتنمية، وربما إلى تقويض الحريات العامة... ناهيك عن اهتزاز ثقة الناخب الذي أيقن باختياره هذا بأن الجنة مأواه.

الامتحان صعب وامتحان السلطة أصعب، خصوصاً في ظل عالم ليبرالي النزعة ويعتبر الإسلام دين الإرهاب- حصاد ثقافة التكفير- وقبول الغرب بالإسلاميين سلطويا ليس قناعة واحتراما لإرادة الناخبين- تجربة الجزائر و»حماس»ـ ولا للأمر الواقع، إنما عن دراية ودراسة لإيقاعهم في فخ السلطة، كما وقعت «حماس» والتي تتطلب انفتاحاً يفوق انفتاح النص، وتكتيكاً غير محدود للتأقلم معها.

وهذا ما يتعارض بتفاصيله مع منهج وأدبيات التيار مما سيفقده الغطاء الشرعي؛ إضافة إلى الإفشال والتقويض في حالة الانحياز إلى «النص»... والمراوحة بالمكان إذا التزم الحياد.

كما أن المقارنة مع «العدالة والتنمية» التركي خطأ لوجود هوّة في ثقافة المنشأ وجغرافية المكان وتطلعات المستقبل.

ليس تنظيراً إذا قلنا إن السلطة امتحان الإرادة والقدرة، والديمقراطية الكاشف الحقيقي لكل ما هو مرفوع، ولكل ما هو معلن... والعبرة بالنتائج.

back to top