صندوق زجاجي ... مخطوط قديم يكسر تقاليد النوع الأدبي

نشر في 26-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 26-01-2012 | 00:01
No Image Caption
ناقش ملتقى الثلاثاء في جلسته الأسبوعية بجمعية الخريجين رواية «صندوق زجاجي» للكاتب كريم الهزاع، بحضور عدد من أهل الأدب والمهتمين.

قّدم الكاتبان شريف صالح وأشرف عبدالمنعم ورقتين نقديتين، تتناولان زوايا مختلفة للعمل الروائي «صندوق زجاجي».

القاص أشرف عبدالمنعم اختار لورقته عنواناً هو «تداخلات الأجناس داخل صندوق من زجاج»، تحدث جملة عن الآراء التي تدعو إلى إلغاء الحدود بين الأجناس السردية، مشيرا في الوقت ذاته إلى رأي يرى أن الاشتراك بين الأجناس الأدبية لا يجب أن يقود بالضرورة إلى الإقرار بتداخلها خشية الوصول إلى حد الفوضى.

وأوضح أن تداخل الأجناس لم يعد واقعاً فحسب بل تجاوز ذلك ليصبح فعلا مقصودا واتجاها فنيا إلى درجة تشكل منحى يرفض التقليد ويتطلع إلى التجديد، وعن رواية «صندوق زجاجي» رأى أن كريم الهزاع في روايته يقدم لنا شكلا يخلط فيه بين ما هو من تقنيات المسرح وما هو من تعريف الرواية، حتى انه يمكن أن نسمي هذا الجنس «المسرواية»، حتى إذا كان ذلك على مستوى الشخوص، وقال: «إن اعتماد الكاتب آلية الحوار كمحرك للأحداث وواصف للشخصيات يجعلها تميل أكثر نحو المسرح، ولعل هذا هو ما دفعني إلى سؤال كريم بعد القراءة الأولى للعمل: لماذا لم تكتبها مسرحية؟».

ملاحظات سردية

وفي ما يخص البنية السردية للرواية، رأى أشرف عبدالمنعم أن السرد يصل في بعض الأحيان إلى الحواديت أو قصص الأطفال، وأشار إلى أن السرد يتداخل بشكل مرهق لذهن المتلقي ويجعل من رغبته لإتمام القراءة تحدياً حقيقياً لها، رغم قلة عدد الشخوص، واعتبر اعتماد كريم الهزاع للمونولوج الداخلي لتقديم الحدث زاد عما يجب أن يكون عليه، مبيناً أن تلك إحدى محاولات التجديد التي ربما سعى إليها كريم، وهو قد نجح أحيانا حينما استطاع أن يخلص هذا المونولوج مما يثقله من استطرادات أو حشو للأسماء التي مثلت أحيانا رغبة من الكاتب في إعلان معرفته بهذه الأسماء. وأوضح أن الشاعر كريم الهزاع عندما كتب الرواية عطلت لغته الشعرية السرد القصصي وأحدثت له اضطرابا لكنها تبعث على الإعجاب بمجازاتها وتداخل صورها وترميزها وتتضمن لغة حالمة وإضافات إنسانية وفلسفية.

وختم عبدالمنعم بقوله: «إن العمل الذي قام به كريم الهزاع في هذه الرواية كان كسراً لتقاليد النوع الجامدة، إلا أنه في حاجة إلى مزيد من الجهد وإعادة النظر، وإلا كانت هذه المحاولات نفسها صندوقا زجاجيا لا يلبث أن ينكسر».

قصة لا رواية

وفي ورقته التي قدمها عن رواية «صندوق زجاجي»، رأى القاص والناقد شريف صالح أن استعمال مصطلح «رواية» المثبت على الغلاف يأتي من قبيل التجاوز، لأن العمل يقع في حوالي ثمانين صفحة فقط من القطع الصغيرة، وكُتب بحجم ضعف ما هو معتاد، وأضاف «رغم أن شرط الحجم يبدو شكليا ولا يعتد به، لكنه يبقى مؤشرا أوليا عند تصنيف أي نص».

ورأى أن العدد الضئيل لشخصيات الرواية وحجم العمل يجعلنا نقف أمام قصة متوسطة الحجم قد يصنفها البعض «برواية قصيرة» مع التحفظ على هذا التصنيف، وفي ما يخص خط الرواية الرومانسي والخط السياسي أشار صالح إلى أنهما غير واضحين بما يكفي، مما يزيد الظن بأن «صندوق زجاجي» مخطوط قديم استدعاه الكاتب من مخبئه السري، أو مشروع مبدئي لرواية لم تأخد حقها من التنضيج والاكتمال.

وأوضح صالح أن هناك صورا شعرية حالمة، ولحظات حسية فاتنة، وعشرات الأسماء المستدعاة من التاريخ الثقافي مثل السياب ونيرودا ورامبو وفينوس وزيوس، ورأى أن الاستدعاء الكاشف عن افتتان بهذه الأسماء من قبل المؤلف أو السارد أو حتى الشخصيات داخل النص، لا يعني أن تنتقل إلى المتلقي عدوى الافتتان، لأن حضور تلك الرموز ظل هامشيا وفقيرا في دلالته، وفي اندماجه مع المتن الحكائي. وأضاف أن اندماج كل أشياء الصندوق في نسيح سردي متماسك، لم يتم على أكمل وجه في عمل روائي لم يكتمل.

الفهد يقسو

على الهزاع

دون قصد

في مداخلة له بعد الانتهاء من الأوراق المقدمة حول رواية «صندوق زجاجي» قال الروائي إسماعيل فهد إسماعيل: «ارتكبت خطأ دون أن أقصد عندما قسوت على كريم الهزاع، لأنه كان قد عرض عليّ روايته «صندوق زجاجي» أكثر من مرة، وكانت أكبر من هذا الحجم وتوازي 200 ورقة مخطوطة بحجم كبير، وبعد أن قرأتها طلبت منه أن يعيد العمل بها، وبعد أسبوعين رجع إلي ومعه الرواية فأبديت ملاحظاتي، وفي المرة الثالثة عاد وأبديت ملاحظات أخرى، وبعدها غاب كريم ولم يعد وفوجئت به بمعرض الكتاب وهو يخبرني أنه نشر روايته، وقد أكون أخطأت بقسوتي عليه في الملاحظات، ولا أعرف كيف اختصر الرواية وإعادة إنتاجها، وأتمنى ألا تحبطه هذه الجلسة».

back to top