أمن دولت... أفلام المطربين إلى أين؟!

نشر في 25-11-2011
آخر تحديث 25-11-2011 | 00:01
 محمد بدر الدين حمادة هلال الذي يعرض له حالياً فيلم «أمن دولت» أحد المطربين المعاصرين القلائل الذين حرصوا على الحضور الدائم في السينما، ويقفون أمام الكاميرا ليمثلوا، وأمام الميكرفون ليغنوا ويتابعوا ما كان يقوم به أسلافهم من المطربين، في أكثر من رعيل وأكثر من جيل، منذ استهلت السينما المصرية رحلتها وحتى أوائل سبعينيات القرن العشرين، إذ صار من النادر أن نرى أفلاماً غنائية، بعد عبد الحليم حافظ في آخر أفلامه «أبي فوق الشجرة»، عفاف راضي في فيلمها الوحيد «مولد يا دنيا»، ماجدة الرومي في فيلمها الوحيد «عودة الابن الضال».

بعد ذلك نضب معين السينما المصرية أو كاد في هذا المجال، وقُدمت حجج من نوع الكلفة العالية التي تتطلبها الأفلام الغنائية أو الاستعراضية التي لم يعد يحتملها الإنتاج الحالي أو لم يعد المطربون يحرصون على ذلك.

رأينا للمطربين الشباب أفلاماً قليلةً للغاية، من بينهم: علي الحجار، محمد منير، مدحت صالح، سيمون، منى عبد الغني، عمرو دياب، شيرين في فيلم واحد، حكيم في فيلم واحد، لطيفة في فيلم واحد، ولم نر أفلاماً على الإطلاق لسميرة سعيد أو أصالة أو إيهاب توفيق و{أهل المغنى» من الأجيال المعاصرة.

لذلك يحسب لحمادة هلال، إلى جانب تامر حسني ومصطفى قمر، وفي مرحلة سابقة محمد فؤاد، حرصهم على متابعة  تقديم اللون الذي عرفت به السينما في حقباتها المختلفة، بل كان أكثر ألوانها ازدهاراً: أفلام المطربين.

لكن للأسف، هؤلاء بقدر ما تحسب لهم المحاولة يُحسب عليهم عدم حرصهم، بالقدر نفسه، على تقديم أفلام يتوافر فيها الحد الواجب من القيمة الفنية، إلا في القليل أو النادر على غرار «أمريكا شيكا بيكا» لمحمد فؤاد، «أيس كريم في جليم» لعمرو دياب وسيمون، «الباشا» لمنى عبد الغني، بل نادراً ما يقدمون أفلاماً خفيفة ذات طابع جماهيري وتجاري وتحقق تسلية من دون مضمون حقيقي مثل «حريم كريم» لمصطفى قمر.

معظم أفلام هؤلاء من نوع فيلم حمادة هلال الجديد «أمن دولت» الذي أخرجه أكرم فريد وكتبه نادر صلاح الدين، وهو مقتبس من الفيلم الأميركي The Paciher، الذي يعدّ أصلاً محدود الأهمية أدى بطولته فين ديزيل.

كالعادة، لا يُذكر الأصل الذي اقتبس منه الفيلم، والحق أن أصحاب «أمن دولت» اقتبسوا بغير اقتدار أو حرفية، أكثر مما اقتبسوا أو «مصَّروا» على النحو المفهوم للاقتباس أو التمصير.

ظهر البطل في الفيلم المصري ضابط أمن دولة، بدلاً من ضابط بحرية كما في الفيلم الأميركي، وأطلق عليه «حسام الفرطوشي». الغريب أن حمادة هلال جسَّد شخصية يمتزج فيها التشنج والعصبية والصخب بالذعر والسذاجة إلى حد البلاهة.

لا يوجد سبب مفهوم لهذه الطريقة في الأداء، أو لذلك الفهم للشخصية، كذلك الصورة غير المحببة التي رأينا عليها الأطفال في الفيلم البعيدة عن البراءة والعفوية، ويتحمل ذلك المخرج بطبيعة الحال.

يقدم هلال في فيلمه أغنيتين جديدتين، إحداهما في عيد ميلاد والأخرى في أحد الأفراح، لكنهما جاءتا، مثل الفيلم تماماً، بعيدتين عن أي إمتاع فني ولا يطرب لهما الجمهور أو ينجذب.

في الأفلام القديمة لم يكن الجمهور ينتظر من المطرب الممثل أن يبرع في تمثيله، إنما أن يقدم أداء تمثيلياً في حدود معقولة فحسب، لكن ينتظر منه براعة وإمتاعاً حقيقياً في الأداء الغنائي. أما في «أمن دولت» فالجمهور لا يجد هذا أو ذاك، مثل الحال في معظم أفلام الجيل الجديد مع الأسف الشديد.

لا يكتفي هلال وصناع الفيلم، بذلك، إنما يلجأون في الخاتمة إلى محاولة، لا تقلّ سذاجة عن شخصية البطل، لاستثمار ثورة 25 يناير الشعبية في مصر، ويقدمون في خلط شديد المهاجمين لمقار أمن الدولة، وحرق ضباط أو فرمهم لملفات، مع دروس وعبارات في الوطنية والتقرب إلى الثورة ومغازلة الجماهير.

يقول الفيلم إن الأطفال علموا بطله، الضابط حسام الفرطوشي، ألا يسمع كلام أي مستبد، ابتداء من والده الذي أجبره على دخول كلية الشرطة من دون رغبة منه، بلوغاً إلى الحاكم المستبد المتجبر.

ليس جديداً على السينما التجارية الساذجة، أن تفعل ذلك، وها هي في فيلم محمد سعد «تك تاك بوم» تقدم خلطاً وتشويشاً مزعجاً، في الرؤية إلى الثورة واللجان الشعبية التي حمت البيوت في أثنائها، بل يعود طلعت زكريا، الذي هاجم الثورة عند قيامها بأكثر العبارات ابتذالاً وسفهاً، لينافق الجماهير ويتزلف للثورة في فيلم «الفيل في المنديل» بأن يضرب «تعظيم سلام» لشهداء الثورة في لقطة النهاية.

لا يضيف «أمن دولت» إلى الفيلم الغنائي وأفلام المطربين، ولا يضيف إلى بطله المغني بل يسيء إليه. لكنه فيلم لا يسيء إلى الثورة، لأن الثورة أكبر من أن تسيء إليها مثل هذه الشرائط المسكينة.

back to top