الكويتية الصينية : الطاقة الخليجية بديل اليابان عن المفاعلات النووية
«قد تلجأ للمستثمرين الأجانب لمساعدتها على إعادة تمويل ديونها»
إذا ما استمرت المفاعلات النووية اليابانية بالإغلاق ودون وجود مصدر بديل للطاقة على المدى القصير، فمن المتوقع أن ترتفع واردات الطاقة أكثر، مما قد يزيد الصادرات النفطية الخليجية لتحاول اليابان أن تلبي حجم الطلب المحلي للطاقة، ما سيؤدي إلى زيادة العجز.قال التقرير الأسبوعي للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية إن اليابان، وبعد 31 عاماً، شهدت عجزاً في ميزانيتها التجارية عام 2011 بسبب أدائها السلبي طوال العام، فقد تعرضت اليابان في مارس الماضي إلى ثلاث كوارث متتالية مدمرة: أولها زلزال قوي ومن ثم كارثة التسونامي ومن بعدها انهيار المفاعل النووي. وكان لهذا أثر كبير على الصادرات إثر التراجع الكبير في الإنتاج الصناعي.وأضاف التقرير أنه وبعد توقف عمل المفاعلات النووية التي كانت تنتج 30 في المئة من الطاقة المستهلكة في اليابان، ازداد الطلب على استيراد الطاقة بشكل كبير. وبنهاية العام، عانت الصادرات مرة أخرى سلسلة من العوائق، وهي تراجع الطلب العالمي وارتفاع قيمة الين والفيضانات العنيفة التي اجتاحت تايلند، ما تسبب في تعطيل سلسلة التوريد الصناعية. كما أثر انخفاض مستوى تنافسية اليابان أمام كوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة حيث أصبح الإنتاج فيها أرخص نسبياً، ونقل مصانع الإنتاج اليابانية إلى الخارج، بشكل سلبي على الميزاني التجاري الياباني. وتتوجه الشركات اليابانية أكثر فأكثر إلى نقل مصانعها إلى الخارج بسبب انخفاض مستوى أرباحها الذي يدفعه المستويات العالية لضرائب الشركات وارتفاع سعر صرف الين.وتتوقع «جي بي مورغان» أن تبلغ نسبة مصانع السيارات اليابانية الكائنة خارج اليابان 76 في المئة بحلول 2014، مقارنة بنسبة 49 في المئة في عام 2003، وإضافة إلى هذه المعطيات، سيواصل الميزان التجاري بالتدهور إذا ما بدأت اليابان باستيراد السيارات من الخارج. وإن عادت الأرباح، فستزيد بالتالي قوة الين مما سيجعل الصادرات اليابانية أكثر كلفة على المستوردين.عجز الميزان التجاري ويقيس الميزان التجاري الفرق بين قيمة الصادرات والواردات للدولة. فعندما تشهد الدولة عجزاً في ميزانها التجاري، فهذا يعني أنها دولة موردة، أي ان قيمة وارداتها تفوق قيمة صادراتها. ومن الممكن أن يكون للعجز في الميزان التجاري الياباني عواقب سلبية كبيرة على قدرتها على إعادة تمويل ديونها العامة المتراكمة، خصوصاً وأن الاقتصاد الياباني يعتمد بشكل شبه تام على الصادرات، فعلى مدى عشر سنوات لغاية عام 2010، كان نصف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان يأتي من صافي الصادرات.ويمثل الميزان التجاري أيضاً أحد مكونات الحساب الجاري الذي يسجل شراء وبيع السلع والخدمات، ويضم الميزان التجاري وصافي الدخل من الخارج (الأرباح المحولة للداخل، وتوزيعات الأرباح، ومدفوعات الفوائد) وصافي التحويلات الجارية (الحوالات، ومعاشات التقاعد، والمنح، والمساعدات الدولية).وخلال عقود، كانت اليابان تتمتع بفائض في حسابها الجاري. وفي حالة استمرار العجز في الميزان التجاري، فسيتحدد مصير الفائض في الحساب الجاري اعتماداً على تدفقات الأرباح من الخارج. ويعد الميزان التجاري الياباني من المؤشرات القائدة (المؤشرات التي تسبق التغير الفعلي) للاقتصاد العالمي، وتأكيداً على هذا، أشار «جولدمان ساكس» مؤخراً إلى أن هنالك ارتباطا نسبته 90 في المئة بين «مؤشره القيادي العالمي» وبين الميزان التجاري الياباني تفرقهما فترة ثلاثة أشهر، بحيث قد يدل تدهور الميزان التجاري الياباني على تراجع في الزخم الاقتصادي العالمي على المدى المتوسط.وإذا ما استمرت المفاعلات النووية بالاغلاق ودون وجود مصدر بديل للطاقة على المدى القصير، فمن المتوقع أن ترتفع واردات الطاقة أكثر، مما قد يزيد الصادرات النفطية من دول مجلس التعاون الخليجي لتحاول اليابان أن تلبي حجم الطلب المحلي للطاقة، وهذا بالتالي سيؤدي إلى زيادة العجز.وإذا ما استمر العجز في الميزان التجاري الياباني خلال 2012 وصاحبه انخفاض مستمر في فائض الحساب الجاري، فيمكن أن تتحول اليابان من مموّل لرؤوس الأموال إلى مقترض لرؤوس الأموال.الديون العامةوكما نظهر في هذا التحليل، يمكن لهذا الوضع أن يجعل اليابان تسعى جاهدة لإيجاد طريقة بديلة تسدد من خلالها ديونها العامة المتزايدة. وبالرغم من أن معدل الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي في اليابان بلغ نسبة 206 في المئة في عام 2011، ما يضع اليابان في المرتبة الثانية بعد اليونان مباشرة، إلا أن اليابان تختلف عن نظرائها الأوروبيين، فعوائد السندات اليابانية هي من الأكثر انخفاضاً في العالم، وذلك نتيجة للفائض التاريخي في حسابها الجاري، إلى جانب تجاوب المستثمرين المحليين الذين يملكون ما يقارب 95 في المئة من الديون السيادية اليابانية.وفي حال استمر فيها الحساب الجاري بالتراجع، فستضطر الحكومة اليابانية إلى اللجوء للمستثمرين الأجانب من أجل المساعدة في إعادة تمويل ديونها. ومن الممكن في هذه الحال أن يطلب المستثمرون الأجانب عوائد أعلى، مما قد يعرض مستويات الديون اليابانية لخطر أكبر.لهذا، إذا ما أرادت اليابان تجنب العجز في الحساب الجاري والذي يبدو قريباً على خلفية تراجع الطلب، فعليها أن تدعم موازنتها عبر تخفيض المصروفات وزيادة مستويات الضرائب الاستهلاكية.