وجهة نظر: فتش عن التنمية في برامج المرشحين!

نشر في 08-01-2012
آخر تحديث 08-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. عباس المجرن يحدد المخطط الهيكلي للدولة المناطق الحضرية والمناطق التي يمكن التوسع في استغلالها عمرانياً وتنموياً خلال مدة زمنية تمتد إلى فترات تصل عادة إلى 20 أو 30 سنة. ونظراً للطبيعة الديناميكية للتطور والنمو يجري تحديث وتطوير هذا المخطط كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

ويعود أول مخطط هيكلي للكويت إلى العام 1952، حيث تم فيه تبني فكرة المناطق السكنية المتجاورة وفكرة الطرق الدائرية التي تحيط بالعاصمة والطرق العمودية التي تتقاطع معها وتكون نقطة انطلاقها من العاصمة أيضاً. وفي عام 1970، وضع المخطط الهيكلي الثاني الذي اهتم برفع كفاءة شبكة الطرق وتحديد التوسعات العمرانية الجديدة ضمن نطاق المخطط الأول. وفي سنة 1977 أدخل تعديل على ذلك المخطط حيث تمت إضافة مشروعي مدينتي الصبية والخيران. وقد نتج عن التوسعات العمرانية تلك مشكلات تعاني منها المناطق الحضرية أهمها الاختناقات المرورية في ساعات الذروة وتداخل المناطق السكنية مع المناطق الصناعية والمراكز التجارية.

تباطؤ آلية القرار

ومنذ مطلع الثمانينيات صارت الحاجة ملحة لتعديل المخطط الهيكلي الثاني أو وضع مخطط جديد. وقد أدى تباطؤ آلية القرار الحكومي، وسلسلة الأزمات التي تعرضت لها الكويت على مدى عقد الثمانينيات، ثم الغزو العراقي الغاشم، الى تأخر عملية وضع المخطط الثالث الى عام 1997، حيث أوصى المخطط حينها بتوزيع فائض الزيادة في السكان على مدينتي الصبية والخيران، كما اقترح عددا من مدن التوابع الغربية.

وفي سنة 2003 بدأت عملية مراجعة وتحديث وتطوير المخطط الهيكلي الثالث، حيث تم تحديد التوجهات الأساسية والخطوط العريضة للتنمية والتطوير بالدولة حتى عام 2030. وفي سنة 2007 اعتمد المجلس البلدي مشروع تطوير وتحديث المخطط الهيكلي الثالث للدولة، وفي سنة 2008 صدر المخطط الهيكلي الثالث بالمرسوم الأميري رقم 255. وهو أول مخطط هيكلي للدولة يصدر بمرسوم أميري ما أضفى على مكوناته ورؤيته أهمية لم تحظ بها المخططات السابقة. ورغم هذه الأهمية، أعد المجلس الأعلى للتخطيط وثيقة اعداد خطة التنمية التي صدرت بمرسوم أميري أيضا وتضمنت رؤية دولة الكويت في‮ ‬عام ‮‬2035، دون الرجوع الى المخطط الهيكلي الثالث ما أدى الى وجود تعارضات بين الوثيقتين.

برامج المرشحين

ويشكل ما تضمنته هاتان الوثيقتان منهجيات ورؤى طموحة متكاملة، من شأن الالتزام بفحواها وتنفيذها على نحو جاد ومتسق أن يمكن الدولة من الوصول الى حلول متكاملة وعملية للمشكلات الراهنة والمتفاقمة التي تعاني منها البلاد، وأهمها عدم القدرة على ايجاد وظائف حقيقية ومنتجة لهذه الأعداد المتزايدة من الخريجين، وعدم القدرة على استيعاب هذا العدد المتزايد من السكان في مناطق سكنية جديدة دون مدد انتظار تتجاوز السنوات العشر، وتردي مستويات التعليم العام والرعاية الصحية، وتهالك شبكة الطرق والجسور وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة من وسائط النقل، ونقص الأراضي المتاحة للتوسع الحضري المطلوب، وتضخم أسعار السكن الخاص والسكن الاستثماري والمباني التجارية، والضغط على شبكة المرافق العامة من مياه وكهرباء وصرف صحي، ونقص خدمات التثقيف والترفيه الاجتماعي، وغير ذلك من مشكلات.

واذا ما استثنينا العدد اليسير من المرشحين في الانتخابات الحالية من ذوي الاهتمام بالشأن العام والرؤية الواضحة لمستقبل البلاد، فان ابتعاد معظم المرشحين عن تناول هذه القضايا المحورية، وخلو برامجهم الانتخابية من الرؤى التنموية الواضحة، يدل على خلل واضح في تلمس الأولويات، وقد يعني أن المجلس الجديد لن يختلف عن مجالس سابقة، كانت التنمية في آخر سلم اهتماماتها، بل وربما لم تكن قد وصلت أصلا الى ذلك السلم.

* أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت

back to top