عام الشباب في الوطن والسينما

نشر في 30-12-2011
آخر تحديث 30-12-2011 | 00:01
 محمد بدر الدين ربما لا يعبّر عام عن قيمة الشباب مثلما فعل 2011، سواء في ما يتعلّق بشؤون الوطن أم السينما أم الفنون، فهو في الشأن الوطني عام الربيع العربي الذي فجره الشباب وكانوا في طليعة ثوراته ووقع من بينهم شهداء وجرحى قبل سواهم، وما زال العطاء والفداء مستمرين، فثمة دم وألم وأمل في كل يوم أيضاً.

إنه عام الشباب بامتياز وليس عام الربيع العربي فحسب، وحتى «الربيع» ذاته هو الشباب بين الفصول.

وإذا قصرنا حديثنا، بحكم طبيعة هذه الزاوية، على السينما وفي النظر إلى مجمل العام السينمائي المصري وحصاده، لوجدنا أن أهم الأفلام بل أحسنها لسينمائيين شباب.

بدأ العام السينمائي بـ «ميكروفون»، الفيلم الثاني لمؤلفه ومخرجه أحمد عبد الله السيد، بطولة خالد أبو النجا الذي شارك في إنتاجه، ويسرا اللوزي... جميعهم من الفنانين الشباب. يتناول صيحة الجيل الجديد لأجل الحقّ في التعبير من دون وصاية أو قمع السلطات التي شاخت فوق مقاعدها، من خلال قضية فرقة غنائية شابة في مدينة الإسكندرية.

مروراً بـ «حاوي»، الفيلم الثاني لمؤلفه ومخرجه الشاب إبراهيم البطوط، ويندرج، على غرار «ميكروفون»، ضمن السينما المستقلّة الصاعدة، التي تملك حريتها (تنتزعها)، عبر الديجيتال والتقنيات الحديثة التي لا تعتمد على شركات الإنتاج الكبيرة والكلفة الإنتاجية الباهظة، ولا تخضع لشروط السوق السينمائي أو غيرها من قيود. إنه التمرّد المحمود للأجيال الشابة، للتعبير عن رؤية خاصة للمجتمع والحياة، ولتكون الفنون لنهوض المجتمع وحقوق الحياة الإنسانية.

«المسافر» هو الفيلم الأول لكاتبه ومخرجه الشاب أحمد ماهر، الذي أكد موهبته وقدراته في التفكير والتعبير، ويدخل الفيلم مع «حاوي» مناطق جديدة في الفكر، ففي كلا الفيلمين تأمل فلسفي جاد، وهذه النوعية من «السينما الفلسفية» نادرة في العالم، وأقطابها، على غرار الفنان السويدي العالمي العبقري إنغمار برغمان، هم قلة في تاريخ السينما، وجمهورها طليعة مثقفة وقليلة بحكم طبيعة الانشغال بقضايا الفكر، التي تتأمل وضع الإنسان في الكون وليس موقعه في المجتمع فحسب. مثل ذلك لا يضير هذه النوعية السينمائية، كما لا يعيب الجمهور العريض الذي يعرض عنها، فلا بد في الفنون كما في الحياة أن تتفتح الزهور كافة.

في «حاوي» و{المسافر»، نحن أمام رحلة صعبة متعمقة لنماذج من النفوس. في الأول يتمّ ذلك من خلال مراجعة البطل (عمر الشريف) في شيخوخته لمجمل رحلة عمره، بدءاً من الشباب (خالد النبوي) إلى الكهولة وحتى اللحظة الراهنة، وهو بطل ونفس بشرية في منتهى التعقيد، مع ذلك لم يأت الفيلم متحذلقاً أو مرتبكاً درامياً، وإن جاء مركّباً وثرياً بالأبعاد.

لم ينته العام حتى عرض «أسماء»، الفيلم الثاني لكاتبه ومخرجه عمرو سلامة، بطولة هند صبري وماجد الكدواني، وهو تحية حارة وصادقة إلى بطلته أسماء، المستلهمة من شخصية حقيقية لامرأة عانت وواجهت بشجاعة مرض نقص المناعة الذي ألم بها، وتحية إلى صلابتها الروحية وإلى الإرادة الإنسانية القادرة على المواجهة.

شارك عمرو سلامة وتامر عزت وآيتن أمين في إخراج «التحرير 2011 الطيب والشرس والسياسي»، أول فيلم تسجيلي طويل يعرض في دور السينما للجمهور المصري (يجب أن يعرض للجمهور العربي كله)، ويتناول ثورة يناير 2011 المصرية الشعبية بدرجة واضحة من النضج الفني والفكري، مع أنه أنجز وأنتج بسرعة ويعرض في عام الثورة نفسها.

الشباب هم أبطال2011 بلا منازع في الفنون والحياة، ولا نستغرب إذا لاحظنا أن معظم صانعي تلك الأفلام من الشباب الثائر في ميدان التحرير، فكانوا بحق يداً تقاوم ويداً تبدع.

back to top