الصانع لـ"الجريدة": الحكومة أهملت القضايا التنموية وانشغلت بترضية الكتل السياسية والطائفية

نشر في 26-08-2011 | 19:30
آخر تحديث 26-08-2011 | 19:30
No Image Caption
اكد الامين العام للحركة الدستورية الاسلامية الدكتور ناصر الصانع ان اداء الحكومة متواضع جدا لا يرقى الى تكون حكومة تنموية، "فهي لا تختار الكفاءات لشغل المناصب القيادية وانما تختار حسب المحاصصة ولترضية الكتل السياسية والطائفية والاجتماعية وانها اهملت الملفات الاقتصادية والتنموية وانشغلت بقضايا بعيدة كل البعد عن التنمية وبناء الانسان، ولعل اقرب مثال لهذا ازمة قبول الطلبة والتأخر في بناء المدينة الجامعية في الشدادية واهمال العديد من المشاريع والقوانين لجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا أسوة ببقية الدول الأخرى".

وأكد الصانع في لقاء خاص بـ"الجريدة" ان الحركة ليس لها أي خلاف شخصي مع الحكومة او رئيسها وانما الخلاف على آلية عمل الحكومة وجديتها في العمل وتأخيرها في تنفيذ المشروعات البناءة للمجتمع. وإلى التفاصيل:

* تعود الحياة السياسية في الكويت الى العمل مع اواخر شهر اكتوبر المقبل مع بداية دور الانعقاد الرابع فكيف ستكون البداية برأيكم وفق القضايا المطروحة على جدول أعمال المجلس وخصوصا الاستجوابات الى رئيس الحكومة؟

- بلا شك الدورة البرلمانية القادمة فيها بوادر ملفات رقابية اثارها عدد من الاعضاء وفيها ايضا استحقاقات تشريعية كبيرة مؤجلة وبالذات التشريعات المرتبطة بمخطط التنمية واظن ان 15 تشريعا على الاقل لها اولوية مثل مكافحة الفساد التي الى الآن تتأخر، لذا اتوقع دور انعقاد حافلا وزاخما، واننا ننتظر حكم المحكمة الدستورية في الاستجواب المقدم لسمو الرئيس وقد اعلن عدد من النواب نيتهم تقديم استجوابات، من هنا فإننا ننتظر دور انعقاد فيه ملفات ساخنة وسيشهد مواجهات.

مسؤولية التأزيم

* من يتحمل مسؤولية التأزيم المستمر الذي تعيشه الكويت؟ وكيف يمكن الخروج من عنق الزجاجة؟

- التأزيم يوجد في الدول التي ليس لديها انجاز وليست مشغولة بعمل جاد لذا تفتعل قضايا لا ترتبط بالمسار الذي اختارته لنفسها، فمثلا الدول حولنا تبني جامعة مثل جامعة الاميرة نورة في السعودية خلال سنتين ونصف السنة لأنه مشروع تنموي ويرتبط بطلبة ينتظرون، والقانون الذي صدر من مجلس الامة بخصوص جامعة الشدادية اعطى الحكومة عشر سنين والآن سننفذها في عشرين سنة لذا التنمية تأخرت والتكلفة زادت والخاسر الدولة.

انظر الى مستشفى جابر والمستشفيات الاخرى لها استحقاقات قديمة وانظر الى الدائري الاول الذي صار اضحوكة اذ استغرق انجاز وصلة فيه ثلاث سنوات وحتى الان لم يتم افتتاحه لذلك لا نلوم النواب عندما يفتحون اي ملف متعثر في البلد لانهم انتظروا الحكومة تفعل شيئا ولم تفعل وقد اضطر النواب في بداية التسعينيات الى تقديم قانون لانشاء مدينة جامعية وهذا ليس عملهم، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل: لماذا يتقدم النواب بالزيادة في الرواتب او الكوادر؟ والجواب لأنهم يشعرون بأن الحكومة لديها جدول اعمال حافل بعشرات القضايا لكنها غير قادرة على الحسم والانجاز وهذا خطر جدا.

***

تغير خطاب

* تغير خطاب الحركة الدستورية الإسلامية بعد خروج الوزير الأسبق للنفط د. محمد العليم فأخذت خط المعارضة الدائمة للحكومة، فهل هذا الموقف كان ردا لكرامة حدس؟

- لا يوجد بيننا وبين الحكومة أي ثأر، والكرامة ان شاء الله مصونة فلا يتعرض لها أحد، لكن الحركة كانت في تلك الفترة التي كان الأخ محمد العليم مشاركا في الوزارة تدعم عملية الانجاز في البلد، ودخلنا للوزارة على أساس ان ممثلنا سيدخل وتكون له بصمات واضحة في وزارته، ويكون على الاقل عمل شيئا، والأخ محمد العليم أخذ مشاريع ومشى فيها حسب الاجراءات المتبعة وفوجئ أنه لا يوجد دعم سياسي، وفي الأخير خرج من الحكومة بيد نظيفة وسمعة طيبة. وبالمناسبة فإن خروج العليم من الوزارة لم يكن النقطة الفاصلة في علاقاتنا مع الحكومة، لانه بعد ذلك كان هناك تشكيل وزاري جديد وعرضت الحكومة على الحركة الدستورية المشاركة فيه، الا ان الحركة رفضت العرض، لأنه لا توجد لدى الحكومة جدية ورؤية واضحة، وهذا ما تحدثنا عنه في سنة 2008.

حتى اليوم في 2011 فالأداء الحكومي متواضع جدا، ونحن قدمنا استجوابا شاملا وكان أكثر الاستجوابات شمولية لسمو رئيس الوزراء عن الاداء ولم يكن عن قضية محددة، والآن كل القوى السياسية تتحدث عن أن أداء هذه الحكومة متواضع وما فعلت شيئا على أرض الواقع، أي أنها ليست جادة، وهذا كل ما تحدثنا عنه قبل ثلاث سنوات، واليوم يجري في المشهد السياسي ما اتخذناه سابقا، وهذا يدل على صواب قراءتنا للموقف السياسي الذي يلخص الوضع بأن الحكومة تدير البلاد بطريقة خالية من المسؤولية تماما.

الوضع الاقتصادي فيه علامات كثيرة تحتاج إلى أن نتوقف عندها، لأن هناك روحا ممزوجة باللامبالاة وضعف شديد في القدرات الإدارية على مستوى الدولة، مما يسبب إحباطا في المجتمع، وكثير من الناس يشعر بالظلم الإداري، خاصة في ما يتعلق بقضية التعيينات القيادية، فإذا وجد منصب شاغر تشتغل القوى السياسية والمجاميع الاجتماعية والطائفية التي نسميها قوى الضغط في المجتمع لكي تقدم بعض المرشحين الذين تدعمهم.

نحن في الحركة الدستورية الإسلامية سنة 2006 بعد ما نجحنا في الانتخابات، وكنا ستة نواب قابلنا الرئيس سمو الشيخ ناصر وشرحنا له كممثلي "حدس" اننا نتمنى ان يُقر قانون التنصيب القيادي، أي ان المناصب القيادية لا تكون بالاختيار بالطريقة التي تتم فيها المحاصصة وحسب الواسطة، على أن تكون هناك مقابلات واختبارات ومحاضر اجتماعات يطلع عليها، ورقابة من الجهات الرقابية، ولكن مع الأسف سمو الرئيس رفض القانون، وقال لا أستطيع قبول هذا القانون لأنه يسلب السلطات التنفيذية صلاحيات تعيين القيادات، وحاولنا شرح انه لا يسلب بل يحدد، وانه محوري واساسي يبين جدية الدولة ورغبتها في أن تسير في المسار الصحيح ولا تكون فريسة للضغوط. نحن نتحدث عن تركمات اكثر 20 سنة من التحرير الى اليوم، وانظر إلى كمية التراكمات والاحباطات لدى الشباب الكويتيين، ولو ضربنا لذلك مثلا، فنجد في وزارة ما مديري إدارات يعملون بجد واجتهاد ويتنافسون، ويتمنى كل واحد منهم ان يكون هو الوكيل المساعد، والوكلاء المساعدون يتنافسون ويتمنى كل منهم أن يكون هو الوكيل الأصيل للوزارة ثم يأتي لهم شخص بالبراشوت!

والطريف في الأمر ان هناك تعيينات لأشخاص لا يملكون مؤهلا إلا ان والده كان "خوش رجال" الله يرحمه، هذه المواقف وغيرها تعطي يوميا رسائل احباط للشباب، تخيل أن يشعر الموظف أن رئيسه ليس من أصحاب الكفاءة. لقد اقترحت "الحركة" انشاء لجنة للتطوير الاداري في مجلس الامة، وأنشئت لجنة برلمانية للتوظيف والتطوير الاداري وكلفوني برئاستها، وكنا بصدد وضع آلية للتطوير الاداري، ونظرنا في موضوع قانون للقيادات، وعملنا مشاريع قانون وأحضرنا تجارب كثيرة من دول العالم المختلفة ووضعنا مقترحا وكوّنا فريقا استشاريا باللجنة، التي ضمت د. موضي الحمود قبل أن تتولى الوزارة، وسلمان المطوع الذي كان وزيرا سابقا للتخطيط، وعلي الموسوي الذي كان نائب محافظ البنك المركزي، وشخصيات من الجامعة نذكر منها عميد العلوم الادارية د. راشد العجمي، وقبل ان ننتهي من دراسة الموضوع انحل المجلس وشُكلت حكومة جديدة، جاءت د. موضي وزيرة التنمية، وتسلمت الموضوع كاملا في الحكومة لكنها لم تستطع فعل شيء.

ولا تزال الحكومة تتبع هذه الأسس الخاطئة في التعيينات القيادية. ورغم أن مجلس الوزراء عنده اجتماع والناس يتحدثون عن بعض الشواغر في المناصب القيادية، وأنه سيبت فيها فإن هناك تسريبات أن تلك المناصب حصص موزعة على مجموعات سياسية، وان الحكومة وعدتهم، هذا كلام مؤلم. أما أن ينشئ الوزير تحالفا من القوى الفائزة في البرلمان وتشكل الحكومة على هذا الأساس فهذا شيء طبيعي أن يكون التحالف على أساس سياسي ولا يكون على أساس طائفي او قبلي، لأن التحالف السياسي أمر راق موجود في الدول الديمقراطية في العالم.

شروط الإصلاح

* هل ترون الإصلاح برحيل الشيخ ناصر فقط؟ وما هي رويتكم للإصلاح؟

- أعتقد أن كلمة الرحيل تختزل كثيرا مما نتطلع اليه، فالبلد يحتاج الى نهج جديد، يتكلم عن قيادة جديدة ورؤية جديدة وأسلوب إدارة جديد، يعني نحن مع الشيخ ناصر إذا استطاع ان يغير النهج الحالي ويوجد إدارة جديدة. وسمو الرئيس أعلن انه بصدد اتخاذه هذه الخطوة، لكن إلى الآن لم يحدث شيء. ومع الأسف لم تستطع الحكومة أن تعطي اشارة جدية واضحة للتغيير، والامور في تراجع مستمر، والدليل ملف ضرب النواب في ديوان الحربش الذي لم تباشر وزارة الداخلية إجراءات إحالة المسؤولين عنه إلى النيابة رغم انه هز الكويت وتجربتها البرلمانية، وإن شئت دليلا آخر فهو اللجنة التي شُكلت للموضوع الاقتصادي قبل فترة بسيطة، فقد ذكرت جريدة القبس في تقرير لها قبل ايام أن هذه ثالث لجنة تشكل في شهر واحد لنفس الموضوع، أي إن الملف برمته يحتاج الى ادارة تعمل بجد لتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري جديد، ولكن كيف تكون مركزا ماليا ولا يوجد مشاريع تنموية تعمل لتحويل البلد الى مركز مالي؟ وأين تلك المشاريع التي تجعل الكويت مركزا تجاريا؟. فإذا ذهبت إلى وزارة التجارة لطلب ترخيص لأي نشاط تجاري عليك أن تنتظر قائمة الطلبات والشروط المعقدة، فلنفرض ان مستثمرا أجنبيا له استثمارات او شركة عالمية ويريد أن يفتح لها عملا في الكويت ما هي المميزات التي تقدم له عندنا؟ وما هي مميزات العمل بالكويت التي يشجعها مكتب الاستثمار الاجنبي الذي صدر بقانون وأصبح له أكثر من عشر سنوات ماذا فعل؟ وما الاستثمارات الأجنبية التي جلبها إلى البلاد؟

عندما تقرأ الأرقام تضحك، فقبل عدة سنوات كانت السعودية حققت مكاسب استثمارية بعشرات المليارات من الاستثمار الاجنبي، والكويت كانت قد حققت 250 مليونا فقط عن الفترة ذاتها، ما يعني أن عندنا تقصيرا واضحا يجب الوقوف عنده.

أما على مستوى التعليم عندنا فمستوى تحصيل الطلبة منخفض، والاختبارات العالمية أظهرت أن نتائج اختبار طلبتنا التحصيلي متراجع جدا، والسؤال هنا من يضع النقاط فوق الحروف ويبدأ يعالج هذه المعضلة. أما على المستوى الاجتماعي فإن الشباب عندهم طاقة ولديهم رغبة في المساهمة في بناء بلدهم، وعندما تركت لهم فرصة يعبرون سياسيا عما يريدون ظهروا بكل نشاط في تجمعاتهم بساحة الإرادة والصفاة، فعند الشباب طاقة لابد أن تستغل لبناء المجتمع، فهل من المعقول ان نترك هذه الطاقات ولا نستوعبها في اعمال اقتصادية؟.

وبشأن المشروعات الصغيرة في الكويت تجد الحكومة وضعت لها 100 مليون محفظة، وإن سألت كم صرفنا منها خلال السنوات الماضية ربما لا تجد خمس المبلغ فقط قد صرف، وذلك لعدم وجود رؤية، إضافة إلى التشكيك والخوف من الفشل، والأصل في المشاريع الصغيرة أنها تعتمد على المغامرة والتشجيع.

في زيارة الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا في منتصف التسعينيات أثناء انعقاد مؤتمر اقتصادي مدته يوم واحد على متن باخرة بريطانية، كنا وقتها في المجلس باللجنة المالية مشاركين في ادارة بعض الجلسات، ودارت بيننا الكثير من الاحاديث وذكر أن لديه تجربة رائعة في المشروعات الصغيرة، وانه يرأس هيئة غير حكومية هدفها دعم المشروعات الصغيرة، ومولت الهيئة 30 ألف مشروع، كلها مستمرة وناجحة، وللمشاريع كلمة سر، وكلمة السر أنك اذا اعطيت قرضا لمشروع صغير لا تكتفي بذلك لأنه يحتاج إلى المشورة والرعاية حتى ينجح ويعتمد على نفسه، فالمشاريع الصغيرة تحتاج إلى رعاية ابوية دائمة، إذ ان الآباء يشجعون ابناءهم ويحرصون على توضيح الرؤى الاقتصادية أمامهم.

ونحن في الحركة الدستورية تشرفنا بمقابلة صاحب السمو أمير البلاد قبل فترة في الصيف، وبحثنا مع سموه الفرصة المتاحة للشباب بالكويت، وكان عند سموه اهتمام كبير جدا بالموضوع، وقال لابد أن تقدموا تصورا في هذا الموضوع، وفعلا نحن عاكفون على اعداد تصور بالتنسيق مع الأخ وزير المالية وسنقدمه كاجتهاد، خصوصا ان صاحب السمو مهتم به.

أحمد الفهد

* كيف ترون أداء الوزير السابق أحمد الفهد؟ وكيف تقرأون استقالته وما يقال عن خلافه مع رئيس الوزراء وهل ترون فيه حاكما للمستقبل؟

- بالنسبة لقصة حاكم مستقبل وغيرها هذا شيء داخل الأسرة وما يرتبونه يصعب التكهن به، أما بالنسبة لمسألة الخلاف فيوجد خلاف في الاسرة بين الشيخ احمد الفهد وغيره من الشيوخ، حتى في التركيبة الحالية للحكومة حساسيات، ونحن دائما نتمنى ان تنتهي خلافات الاسرة في ما بينهم ولا تنعكس على الحياة السياسية وعلى أدائنا.

والشيخ أحمد الفهد استطاع ان يأخذ انتباه الناس تجاه التنمية، واستطاع أن يمرر قانون التنمية، وهذا يعتبر بصمة كبيرة جدا للفترة التي كان فيها الشيخ احمد، وأيضا للحكومة والمجلس، لكن وجه إليه استجواب شمل اتهامات كثيرة بتجاوزات، ومع الاسف لم نتمكن من الاستماع إلى رده عليها في الاستجواب حتى تتضح للشعب الحقائق، وكان ذلك أيضا سببا رئيسيا للخلاف مع رئيس الحكومة وتعامل الحكومة مع بعض النواب للتأثير على مواقفهم.

أما وزير التنمية الحالي فهو أخ فاضل وكان رئيسا للجنة المالية وكان زميلنا في مجلس الأمة، وله رؤية للأحداث الاقتصادية، لكن هل سيحصل على نفس الزخم والدعم اللذين حصل عليهما الشيخ أحمد الفهد؟ فالشيخ أحمد الفهد رجل يستحق التقدير، ولكن له أخطاء ولنا على أدائه ملاحظات، لكنه بلا شك نجح في أن يسلط الأضواء على موضوع التنمية، وأعد قانونا يراقب فيه الأداء حتى تكون هناك محاسبة، والقياديون الذين لا يعملون تتم محاسبتهم، أنا أعتقد أن هذه الخطوة مستحقة، وهنا تجدر الإشارة إلى ما جاء في كلمة الوزير الهارون عندما قال: سأبدأ من حيث انتهى الشيخ أحمد الفهد وسأتبنى القانون، الذي درس في أيامه، الخاص بموضوع القياديين ومحاسبتهم ومكافأة المجيد منهم.

تراجع نيابي

* تراجع التمثيل النيابي للحركة في المجلس خلال الفصول التشريعية الماضية، فبعد أن كانت في يوم ما تملك 6 نواب أصبحت تملك نائبا واحداً، فهل يعني ذلك انحسار الدور السياسي للحركة؟

- بلا شك هناك أخطاء كثيرة وقعنا فيها من الضروري الاعترف بها، وقد تعرضنا لحملة قوية من أطراف كثيرة، وهذا ثمن لمواقفنا ويجب أن نتحمله، وانخفاض العدد لا يعني انحسار الرأي الشعبي في رأينا، فنحن نعتبر ذلك جولة من الجولات "مرة تغلب ومرة تنغلب"، لكن الفريق يظل موجودا بقوته، والدليل على هذا أن آخر انتخابات 2009 شهدت وجود دراسة كلفنا بها مكتبا استشاريا وحاولنا من خلالها أن نقارن بين نسبة الأصوات التي حصل عليها مرشحونا في كل الدوائر وبين نسبة من صوتوا في الكويت، لنرى موقعنا بين القوى السياسية الأخرى كم حصلنا على نسبة، وقد أظهرت الدراسة أن لدينا قاعدة شعبية طيبة بالأرقام لا يُستهان بها، لكننا أنشأنا فريقا يقيم أسباب إخفاقنا في آخر انتخابات 2009 وقدم دراسة أظهرت عددا من الأسباب، جزء منها عدم اختيارنا مرشحين اختيارا جيدا في بعض الدوائر، وجزء منها عدم نجاحنا في إقامة تحالفات سياسية في الانتخابات، ومنها يتعلق بالجانب الإعلامي وهو ضعف وجودنا في الإعلام، ورغم ذلك لدينا قاعدة شعبية، وهذا ما يسمى دائما بمقياس التمثيل أو التمثيل الشعبي، وأعتقد أننا أخفقنا فيه لأن عندنا نائبا واحدا، أما من جهة الشعبية فمثلما قلت أجرينا دراسة بضبط الأصوات التي أعطيت لمرشحينا واستفدنا من التجربة، فالمكتب السياسي قدم استقالته فور النتائج، وهذا أيضا عرف طيب ونشكر فيه الأمين العام السابق د. بدر الناشي الذي أخذ على عاتقه المسؤولية، وهذا كله بلاشك رغم النتيجة العامة يعني في البرلمان تمثيلا ضعيفا، لكن نعتقد أن تيارنا يعني مثلما قلنا مرة لك ومرة عليك.

ارتباط تنظيمي

* أنتم متهمون دائما بالانتماء إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وتمثلون فرع الكويت، فهل أنتم تمثلون التنظيم في الكويت أم كنتم ممثلين له؟

- الحركة الدستورية حركة كويتية وطنية مستقلة سياسيا، وليس لديها أي ارتباط تنظيمي خارج الكويت، بل علاقات تحدث خلالها خلافات مع كل التيارات سواء كانوا من الإخوان المسلمين، أو من التيارات القومية، أو السلفية، أو اليسارية، أو الوسطية، أو حتى التيارات التي في الغرب المتبعة للديمقراطية في الشرق، فالحركة الدستورية الإسلامية تشارك في مؤتمر الأحزاب الآسيوية، وهو مؤتمر ضخم يعقد كل فترة، تشرفنا بحضور آخر مؤتمر له في كمبوديا، وعندنا علاقات خارجية كثيرة، وأنا أقول لك ان الحركة الإسلامية في الخارج لها سمعة طيبة جدا بالذات في أوساط التيارات الإسلامية، والحركة الدستورية الإسلامية تيار رئيسي، وفي ما يخص المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين فنحن من أسس هذا المنتدى ونشغل منصب نائب الرئيس فيه، وليس لدينا أي ارتباط تنظيمي حركي في تنظيم الإخوان المسلمين، وتنظيم الاخوان المسلمين تنظيم موجود والجميع يحترمه، والجميع عندهم تحفظات على مواقفهم، ونحن عندنا بعض التحفظات على بعض المواقف السابقة، لكن أيضا عندنا علاقات لا انتماءات.

* لماذا لا نشاهد حراكاً حقيقياً من قبل القوى السياسية والكتل البرلمانية لإقرار قانون الأحزاب السياسية رغم اتفاق الكل على هذا القانون وتأكيد أنه إحدى أدوات الإصلاح؟

- نحن، الحركة الدستورية الإسلامية، قدمنا اقتراح مبادرة لإقرار قانون الأحزاب السياسية وكان عندنا مناسبة مرور 20 سنة على إنشاء الحركة الدستورية ونظمنا احتفالا وقدمنا الدعوة إلى كل القوى السياسية للمشاركة معنا في لقاء للتوافق حول قانون الأحزاب، وقدمنا مبادرتنا فكان التفاعل ضعيفا ومازلنا نطرح موضوع قانون الأحزاب السياسية وشاركنا في تقديم أكثر من مشروع قانون للأحزاب السياسية، وأنا أعتقد أن هذا أمر مستحق، وأتمنى من الصحافة أن تناقش كل التيارات السياسية لعدم تحمسها إزاء حق قانون الأحزاب السياسية. والأحزاب السياسية تنظم العمل السياسي، وإذا كان مجلس الأمة فيه 50 عضوا مثلما يقول الأخ جاسم الخرافي فعندنا 50 حزبا، فلابد أن يصير على الأقل خمسة أحزاب، مثلا إذا طرح الموضوع ما يتحدث 50 عضوا يتحدث خمسة. وبشأن تكليف حكومة فإنها تحاسب فترة ولايتها أربع أو خمس سنوات وفي حال أخفقت لا نجدد لها، وإذا نجحت يتم التجديد وتكمل المسيرة.

* ما أسباب ابتعادك عن الانتخابات البرلمانية؟ وهل سيعود الصانع إلى الانتخابات المقبلة؟

- أجريت مؤتمرا صحافيا حينما قررت خوض الانتخابات وبينت أني أسير في المسيرة المستمرة 17 سنة، والحمدلله ما نزلت انتخابات الا نجحت، هذا فضل من الله عز وجل، وثقة أهل الكويت برقبتي، يعني ما أنساها لهم لأن هذا السجل لم تجده كثيرا، تجده في المسيرة النيابية، وهذا وسام على صدري أتشرف به.

ولكن أنا كنت في 2008 أرغب في التوقف وبعد ضغط منهم نزلت وحينئذ كانت بداية تطبيق نظام الدوائر فقلت لهم هذه آخر مرة أنزل فيها ثم حل المجلس عقبها بسنة صار انتخابات 2009، وكنت معتذرا، وبالتالي لست محتاجا إلى مشاورات وأجريت مؤتمرا. ولعل أحد أهم أسباب اعتذاري أنني أردت إعطاء فرصة لغيري من إخواني في الحركة لتجديد الدماء واعطاء فرصة للشباب، وأنا أستطيع أن أخدم البلد من أي موقع آخر ليس بالضرورة من الموقع البرلماني فقط، لذلك ابتعدت عن الانتخابات ودعمت إخوانا لنا من الشباب الذين هم حديثو عهد بالحياة النيابية.

* كيف تقيم "حدس" تجربتها بخوض الانتخابات تحت مظلة قوائم حزبية؟

- الشعب الكويتي من خلال تجربتي نظرته للتيارات السياسية ليست ثابتة، يعني لا يكرهها مطلقا ولا يحبها مطلقا، فتجربتي توكد أنه راعي الفزعة.

أحيانا يكون الجو العام فتوجد رغبة للتيارات وينطلق الناس دعما لها، على سبيل المثال لما كانت "نبيها خمس" 2006 تيارات سياسية كانت لها شعبية واسعة جدا، وأنا أقول لك السبب الرئيسي ان بعض الناس يحبون رؤية التيارات السياسية مجتمعة على أجندة وطنية واحدة، ونحن من بين التيارات الإسلامية اذا رأوا بيننا نحن والإخوان والتيار السلفي شيئا يتضايقون ويقولون "أنتم اتفقوا ولكم علينا أن ندعمكم بس لا تختلفوا".

فمثلا في 2006 و2008، و2009 الناس نفرت من التيارات السياسية، و2009 شهدت أكثر انحسارا لنتائج المرشحين الذين نزلوا باسم التيارات.

أنا قرأت تقريرا أجرته جامعة في الولايات المتحدة ان كل التيارات انحسرت، فالمواجهة ما كانت مواجهة تيارات وبعض الناس نزلوا ولم يقولوا إننا نتبع تيارات الانتخابات. عندنا لا يوجد شيء ثابت بل موجة تكون مرة قوية ومرة تنحسر. اليوم يوجد انحسار وأنا متأكد أنه في حال وجود موضوع وطني يجمع كل التيارات سيكون هناك تفاعل شعبي ترتفع خلاله أسهم التيارات من جديد.

* كيف ترى أداء البرلمان اليوم مقارنة بفترة عضويتك؟

لاشك أن الناس متذمرة من البرلمان الحالي بشكل كبير، ونتمنى أن تقيم البرلمانات من جهات مستقلة متخصصة توضح الجوانب الإيجابية والسلبية، ونحن لسنا راضين عنه، بسبب تصرفات فردية لأعضاء فيه ووجود مواقف صارت داخل القبة كالهوشات بين الأعضاء، والأخبار التي سُربت عن سلوكيات الأعضاء المتعلقة بالذمة المالية وغيرها، لكن لو سألنا في هذا البرلمان كم تشريعا طلع؟ أحضر ورقة وقلماً تجد قوانين كثيرة طلعها وهذا من الضروري تسجيله، ولابد أن تتم الدعوة إلى أن وجود جهات مستقلة محايدة تقيم الأداء مثل جمعيات النفع العام لإظهار حضور النواب وغيابهم، هذه آليات جيدة تحتاج إلى تطوير، وأتمنى أن ينشأ معهد مجلس الأمة في أسرع وقت، فالديمقراطية الكويتية تعتبر أهم صورة لمنظر الكويت في الخارج، وهذا شيء حضاري نفتخر به، أما آن الأوان أن يوجد عندنا معهد للدراسات الديمقراطية، ومن الممكن أن يكون مرتبطا بمجلس الأمة، وهذا موجود في دولة مثل سريلانكا.

* هل تؤيد تعديل المادة الثانية من الدستور؟ ولماذا لم تتحرك "حدس" بصورة جدية لتعديلها إذا كانت مؤمنة بها؟

- نحن نتمنى تعديل المادة الثانية من الدستور. ولو ترى تاريخ المجالس الماضية في كل مجلس تعرف أننا نطالب بذلك، وهذا التعديل يحتاج إلى توافق بين سمو الأمير والمجلس من حيث المبدأ قبل الدخول في التفاصيل، فالتجارب البرلمانية بينت أنه لا يوجد توافق، لذلك فإن الأعضاء دائمو التحولات لإيجاد التوافق. وبلاشك عندما تصبح الشريعة مصدرا للتشريع فإن ذلك يعد مفخرة، أي أننا نرجع إلى رب العالمين في تشريعنا، لأنها لا تظلم أحد، وما يشاع عنها أنها تقلّص حقوق الأقليات وتضيّق على غير المسلمين فهذا غير صحيح، فاليوم أعظم حضارة في العالم هي الحضارة الإسلامية.

تحويلات مالية

* بصفتك رئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد، هل لديكم تعليق عما يثار حاليا بشأن تحويلات مالية في حسابات بعض النواب؟

- تأسست هذه المنظمة في كندا سنة 2002

وشارك في التأسيس عبدالله النيباري، ووليد الطبطبائي، وناصر الصانع من الكويت، لكن كنا نعول على أن نشارك ككويتيين كي تكون الكويت سباقة في جهود مكافحة الفساد، وما يؤلمنا الآن هو استشراء كبير للفساد في الكويت، وهذه تقارير المنظمات الدولية لمكافحة الفساد التي لا تصنف على أنها أجندة سياسية ضد الحكومة، فتلك المؤشرات التي تخص منظمة الشفافية العالمية تتحدث عن تراجع الكويت في هذا المجال، أي أن الفساد يزداد، وهذا شيء يؤلمنا... وخلال لقاء صاحب السمو مع قيادة المنظمة من كندا ورئيس فرع الكويت صالح الفضالة، أوضح الفضالة لصاحب السمو أن المنظمة جهزت اقتراحا لدولة الكويت في كيفية محاصرة الفساد، ما يعني استراتيجية محددة، وما الذي أنجزته من مشاريع؟ وكم أخذت من الوقت؟ وقد أعجبت هذه الاستراتيجية صاحب السمو وقال "عطوني الاستراتيجية"، وفعلا أعطينا سموه إياها، وقبل أسبوع فقط رد علينا صاحب السمو الأمير برسالة وقال إنه تسلمها، وإن شاء الله تأخذ طريقها للتنفيذ، وقد أحيلت إلى جهات الاختصاص.

نحن سعداء ان صاحب السمو مهتم بهذا الموضوع، وهذا ليس بغريب على سموه، لأنه رأس السلطات الذي يحارب الفساد بكل أشكاله، فأنا أتمنى أن نشهد عهداً مختلفاً مع ملفات الفساد، رغم أننا مصدومون في هذه الأيام من موضوع شيكات النواب التي يقولون عنها تحويلات وإيداعات نقدية، وهذا يعني أن أخباراً كثيرة خرجت، فنتمنى أن تصير فزعة يقودها صاحب السمو لمكافحة الفساد، ونكون مثالاً تحتذي به كل الدول، ونتمنى إصدار التشريعات المطلوبة من كشف للذمة المالية والتنصيب القيادي وغير ذلك من التشريعات المهمة التي تأخرت الكويت في إصدارها.

كوتات

* البرلمان قدم مشروع المدينة الجامعية لأن الحكومة تجاهلت مشاريع التعليم العالي

* ليس لدينا أي ثأر مع الحكومة وخلافنا سببه عدم جديتها في الإنجازات

* في عام 2008 قدمنا رؤيتنا بشأن أداء الحكومة المتواضع وإلى الآن لم يتغير شيء

* الوضع الاقتصادي يعاني إخفاقات كثيرة وبه دلالات تحتاج إلى التوقف عندها وإصلاح الخلل فيها

* من الظلم استبعاد الكفاءات واعتماد المحاصصة بين القوى السياسية والمجاميع الاجتماعية والطائفية

* لصاحب السمو رؤية واهتمام كبير بالشباب والفرص المتاحة للمشاركة في التنمية وتشرفنا بتكليف سموه لنا بوضع تصور خاص بهذا الشأن

* أهم أسباب إخفاقنا في الانتخابات عدم الدقة في اختيار مرشحين في بعض الدوائر وعدم إقامة تحالفات سياسية وضعف الوجود الإعلامي

* لدينا نسبة ناخبين في جميع الدوائر لا يستهان بها والإخفاق كان في مقياس التمثيل البرلماني

* "حدس" حركة كويتية وطنية مستقلة سياسياً ليس لها أي ارتباط تنظيمي خارج الكويت

back to top