أول ملحّنة خليجيّة: ليلى عبد العزيز... أبدعت في الغناء وتفرّغت للتلحين
الفنانة الكويتية المطربة والملحنة ليلى عبدالعزيز أحد أبرز العناصر الفنية النسائية التي ظهرت في الستينيات، فنانة مثقفة لمع نجمها في أكثر من مجال فني خاضت فيه تجارب مختلفة... على خشبة المسرح مثلت ونجحت، ووراء الميكروفون أدت الأغنية الكويتية الحديثة كأول صوت نسائي كويتي شاب يظهر في منتصف الستينيات ضمن مسيرة الأغنية الكويتية، فوفقت في الأداء إلى جانب موهبة أصيلة في التلحين برزت من خلال قدرتها على الخلق الموسيقي، فساهمت بفاعلية في انتشار الأغنية الكويتية المطورة وتعتبر أول ملحنة خليجية.اسمها الكامل ليلى عبدالعزيز علي الحمر من مواليد 1947 في الكويت. عندما كانت طالبة في مدرسة المرقاب الثانوية للبنات برزت لديها ميول موسيقية ومشاعر رقيقة، فتنبأت لها السيدة فاطمة سعيد، ناظرة المدرسة آنذاك، بمستقبل موسيقي مزدهر.
درست العزف على البيانو في المدرسة على يد مدرّستها عزيزة حسن قطب، واحتضنتها المدرّسة نبيلة المهدي فأحرزت ثلاث ميداليات خلال ثلاث سنوات (من 1959إلى 1963) لفوزها بالمرتبة الأولى في العزف، كذلك أحرزت ميدالية في الرقص الإيقاعي وجوائز تقديرية من وزارة التربية.كان والد ليلى عبدالعزيز هو المشجّع الوحيد لها في الأسرة، فاشترى لها آلات موسيقية وخصّص جزءاً من وقته لسماع «الطنطنات» الموسيقية بأنامل ابنته...مسرح الخليجعام 1963 وتحديداً في 1 أغسطس (آب) 1963، أصبحت ليلى عضواً في فرقة «مسرح الخليج العربي» ومارست أكثر من نشاط داخل الفرقة من بينها: عضو في لجنة الخدمات الإنتاجية الفنية، مسؤولة عن الموسيقى في شعبة الديكور والمؤثرات الصوتية والإضاءة المسرحية.في 2 نوفمبر 1963 شاركت في مسرحية «الجوع»، تأليف عبدالعزيز السريع، إخراج صقر الرشود، عرضت على خشبة مسرح كيفان (التحرير حالياً).وتأتي سنة 1964 ويكون لله شأنه في عباده، تقصد والدة ليلى عبدالعزيز الديار المقدسة لأداء فريضة الحج، ويسافر والدها إلى لندن لمتابعة أعماله التجارية. وما هي إلا أيام حتى تحمل الأقدار نبأ وفاة الوالد، فتقرّر البنت الوحيدة المدلّلة، أمام تصميم أفراد الأسرة، أن تتابع دراسات موسيقية.في سنة 1964 تشاء الظروف أن تلتقي ليلى الفنان القدير شادي الخليج، فبذل جهوداً لتيسير دراستها الموسيقية في القاهرة، إذ قدّمها إلى الشيخ المرحوم عبدالله الجابر الصباح، وزير التربية آنذاك، فوافق على إيفادها في بعثة للتخصص في معهد الموسيقى في القاهرة، ولم تكد تمضي أيام حتى تلقت نبأ قبولها في المعهد وكانت فرحتها لا توصف ونمت لديها أسمى أيات التقدير والعرفان لشادي الخليج.تخرّجها في المعهدبعد نجاحها في السنة الثانية ثانوي، بدلاً من أن تتخصص في الدراسات الأدبية أو العلمية، سافرت طالبة الموسيقى وعاشقتها إلى جمهورية مصر العربية...الدراسة في معهد الموسيقى العربية هي خمس سنوات، لكن اختصرتها ليلى عبدالعزيز بثلاث، فتخطت السنة الأولى في المعهد ودرست السنتين الثانية والثالثة في سنة واحدة، والرابعة والخامسة في سنة واحدة.عادت فتاة الكويت الشابة إلى وطنها للإسهام في النهضة الموسيقية والغنائية الحديثة فيه وأعلنت انطلاقتها في عالم الفن مطربة وموسيقية تعزف على: القانون، البيانو، الأكورديون، وبدأت مسيرتها في مجال التلحين لتصبح أول ملحّنة كويتية خليجية.بعد تخرّجها وحصولها على شهادة البكالوريوس في معهد الموسيقى العربية في جمهورية مصر العربية عملت مشرفة فنية في مراقبة الموسيقى في إذاعة الكويت في وزارة الإعلام... وأول عمل فني لها كان حفلة موسيقية عامة (1967)، عزفت فيها على القانون أغنية «هو صحيح الهوى غلاب»، من ثم أدت دور البطولة في تمثيلية «الخطأ أو الفضيحة» مع «فرقة مسرح الخليج العربي»، كذلك مثلت مع الفرقة في مسرحية «رجال وبنات» في 1 فبراير 1971، تأليف هنري بك، إعداد الراحل صقر الرشود، إخراج منصور المنصور.تلحين وغناءبعد تخرجها بدأت ليلى عبدالعزيز تلحّن وتغني أغنيات حديثة ومطوّرة، وإحدى أبرز الأغاني التي قدّمتها في بداية مسيرتها: «الأسمرانية» التي حققت شهرة كبيرة وتقول فيها:واشعــلامـــــك يـــا الاسمـرانـيــــــــــــــة لا إلــــه إلا اللــــــــه تسمـــــح النــيــــه ولـــــــويـامـن سلبـتــه مــن الصغــر قلبـــــــــي قلبـي صـويــب اليـوم أرحــم شـويـة ولــــــوفي أوائل السبعينيات توقفت عن الغناء واكتفت بالتلحين وبررت ذلك بقولها: «انقطعت لإحساسي بأن تكويني الفني هو ملحّنة أكثر مني مطربة».قدمت عبدالعزيز ألحانها إلى مطربين كويتيين، من بينهم: حسين جاسم، عبدالمجيد عبدالقادر، خليفة بدر، راشد سلطان، ناصر المشعل، يحيى أحمد، عبداللطيف المنصور، عباس البدري الذي غنى ألحاناً كثيرة لها من بينها: «مثل ما قلبك يبيني» و{جايك عيد»، غازي العطار الذي غنى لها «دنيا الهوى»، أغنية عاطفية من كلمات الشاعر الغنائي محمد محروس وقد حققت له الانتشار والنجاح، يقول فيها:دنـيــــا الهــــــوى قـلبـــــي هـــــــوىمـن يشـتــري عمـــري الـــدوىدواي حــبــيبــــي مــن يبيــــــــــــــعويشــتـــــــــــــــريأغنية «تعب قلبي»غنى المطرب الراحل عبدالمجيد عبدالقادر أغنية «تعب قلبي» من ألحان ليلى عبدالعزيز وكتب كلماتها بنفسه، يقول مطلعها:تــعــب قلــبـــي ولا حـصــل حبيبــــــــــــه ألا يـــالــيــــــت الــقـــــى مـــــــن يجــيــبـــــــــــــــهأبـــات الليــل وقلـيــبـــــيايــتــــألــــــــــــــم مــن فـــراقــــه وأنـــا بحــالــــه صعـيبـــــــــــــــهمع المطرب يحيى أحمدعام 1973 تحقق أول تعاون بين الشاعر إبن الرشيد والملحنة ليلى عبدالعزيز والمطرب يحيى أحمد في أغنية «دوم تتغلى» وهي عاطفية جميلة، يقول مطلعها:دوم تـــتـــغــــلــــــــــى عــلــيــــــــــــنــــــــــــــــــــا واحـــنــــــــا لحــــظــــــــــــــة مـــا نـســيــنـــــــــــــــــاكـلـمـــا تـقـعــــــــــد مــعـــــــــــانـــــــــــــــــــــــــا مـــــــن عـتـــــــــــابــــــــــــك مـــــــــا نـتـــهـيـــنــــــــــــاشكّلت هذه الأغنية إضافة جديدة إلى مشوار الفنان يحيى أحمد الغنائي ساهمت في إحداث تغيير في الألوان التي قدّمها، وحققت للثلاثي الذي شارك في تقديمها نجاحاً من حيث الكلمة البسيطة المعبرة والأداء الذي تميز به يحيى أحمد في غالبية أعماله واللحن الجميل الذي رافق الأداء والكلمة.وإحدى أبرز الأغاني التي لحنتها ليلى عبدالعزيز عام 1975 وسجلت في ستوديو قسم الموسيقى مع فرقة الإذاعة الموسيقية: «شوف يا دنيا»، عاطفية من كلمات أحمد اليتيم، غناء الفنان القدير غريد الشاطئ، يقول مطلعها:شـــــوف يــــا دنـــيـــــــــــــــا الهــــــــــــوى ضــــــاع قـــلِــبـــي فـــــي الطـــــــــريــــجمـــــا لــقـــيـــــــــــت إلا الــــــنـــــــــــــــــوى والسـهــــر أصـــبـــــــــــح رفــيــــــــــــــــــجأغنيات رياضيّةقدمت ليلى عبدالعزيز في مشوارها الغنائي أغنيات متنوعة وشاركت زملاءها الفنانين في تقديم ألحان غنائية للرياضة بعدما احتلت هذه الأخيرة حيزاً واسعاً من اهتمام الوسائل الإعلامية من بينها: لحن أغنية «منتخبنا» (1975) غناها المطرب مبارك المعتوق، من كلمات الشاعر الغنائي سلطان عبدالله السلطان، يقول مطلعها: منتخبنـــــا في المــلاعـــب ينعتـــــــــونــــــه والنـصـــر دايـــم حلـيفــــه مـا يخـــونــــهشفنـــا تكـتيكـــــه وفـنــه في المــلاعـــب منتخــبـنــا لا حشــى ما يغلبــونــــــــــــــــهبعد انقطاع سنوات عادت ليلى عبدالعزيز إلى الغناء عبر تلفزيون الكويت بتسجيل أغنية شعبية بعنوان «آه يايمه الهوى» ضمن فقرات البرنامج الغنائي الساهر لعيد الفطر (1984)، إعداد الفنانة القديرة سعاد عبدالله وتقديمها، إخراج بدر المضف، وشاركت في السهرة المطربة الراحلة عايشة المرطة وفرقة أم زايد الشعبية. يقول مطلع أغنية «آه يا يمه الهوى»:آه يــــايـــــــمــــــــه الــــــهـــــــــوى دق بـــــابـــــــــــــــيوأنــــــا مـــــــــــدري بالـــهــــــــــوى كــذابـــــــــــــــيقـــال أنـــا بطـــبــعــــي الوفـا لأهــل الــوفــاءحـطــي وردات الأمـــــــــل بكــتــــــابــــــــــــــــــــــيمع الفنانين العربليلى عبدالعزيز من أكثر الملحنين تعاوناً مع المطربين العرب سواء الذين يعيشون في الكويت أمثال: مرسي الحريري، الذي تعتبره عبدالعزيز أستاذها الذي تعلمت منه الكثير، حورية سامي التي عملت في كورال فرقة الإذاعة الكويتية... أو الذين يعيشون في أنحاء العالم العربي من بينهم: محرم فؤاد الذي غنى لها أغنية «أيش علينا»، عايدة الشاعر أغنية «لابسه الفستان»، نجاح سلام أغنية «دواي حبيبي»، عماد عبدالحليم، غيتا المغربية أغنية «انساني وانساك»، فرسان خليفة من اليمن، سماهر من لبنان، والمطرب العراقي جاسم الخياط.مع شاديةخلال وجودها في القاهرة (1973) لحّنت لشادية أغنية عاطفية رائعة بعنوان «آه يا طيري» وسجّلتها مع فرقة النيل بقيادة الفنان عبدالعظيم حليم وأشرف على التسجيل الفنان زكريا عامر وامتدت مدّة اللحن إلى 18 دقيقة... تمّ التسجيل والمونتاج في ستوديو 46 الذي يعتبر أحد أفضل الاستديوهات في مصر، شارك في العزف على الأورغ الفنان المبدع مجدي الحسيني وعلى الغيتار الفنان الموسيقار هاني مهنى... وكتب كلمات الأغنية الشاعر محمود الماص.كذلك سجل الفنان هاني شاكر أغنية «يا غصين الحنه» (صيف 1973) من ألحان ليلى عبد العزيز وكلمات الشاعر الغنائي الكويتي القدير يوسف ناصر، في المناسبة صرّحت عبدالعزيز بأن هذا التعاون المثمر سيمتد مع الفنانين كلّهم في الدول العربية لنشر الأغنية الكويتية وإبراز قدرات الفنان الكويتي.تطرّقت الصحف المصرية إلى التعاون الفني بين عبدالعزيز وهاني شاكر، فكتب الصحافي الكبير إبراهيم الورداني حول هذا الموضوع، وقدمت نادية توفيق، مذيعة في إذاعة «صوت العرب»، نبذة عن حياة ليلى وآخر ألحانها الكويتية التي قُدمت بصوت المطرب محرم فؤاد... وفي خلال زيارتها لمصر سجلت عبدالعزيز مقطوعة موسيقية جميلة بعنوان «الحب الخالد».مع الراحل د. يوسف دوخيعام 1973 لحّن الفنان القدير الدكتور يوسف دوخي ست أغنيات عاطفية جميلة من بينها «يا شوق» للمطربة ليلى عبدالعزيز، وفي عام 1975 طلبت منه وزارة الإعلام ضمن توجهات معينة إعادة تلحين هذه الأغنية وغناها المطرب الإماراتي الراحل جابر جاسم ثم اختارتها الفنانة المغربية عزيزة جلال وغنّتها.أغنيات وطنيّةبدأت علاقة ليلى عبدالعزيز بالأغنية الوطنية في أوائل السبعينيات، فلحّنت مجموعة لا بأس بها لمطربين في الكويت من بينهم: غازي العطار الذي غنى لها أكثر من أغنية في هذا المجال على غرار «يا كويتنا يا أم العربان» من كلمات الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي، راشد سلطان أغنية «يا جيش العرب» من كلمات الشاعر الغنائي سلطان عبدالله السلطان، يقول مطلعها:يــا جيـــــش الـعـــــــــــرب الـجـبـــــــــــــــار يـــا مـتـقــــــــــــــدم يــــــا مـــــغــــــــــــــــــوارأضــرب لا تتـــراجـــع عــنــهـــــــــــــــــــــم هــــــذا يـــومــــــك يــــــوم الــثــــــــــــــــــــــارمع المطرب مبارك المعتوقتعاون المطرب مبارك المعتوق مع ليلى عبدالعزيز في ألحان عاطفية ورياضية ووطنية وإحدى أبرز الأغنيات: «جسر النور» من كلمات الشاعر الغنائي فايق عبدالجليل ويقول فيها:مــديـنـتــي جـســـــر الــنــــــــــــــــور مــــن هــالـبــحــــــــــر والســــــــــورعـبــرتــي جـيــــــــــل وجــيــــــــــــــل بــــر الأمــــــــــل مــنــصــــــــــــــــــــوريــا بـــــلادي صـنـتــي النهـضــــة وعـليـتــــــــي أسمــك عـــالــــــــــيمع المطرب عباس البدرييعتبر عباس البدري أحد أكثر المطربين الذين غنوا من ألحان ليلى عبدالعزيز العاطفية والوطنية وإحدى أبرز الأغنيات: «نصر الحرية» كتب كلماتها الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي ويقول في مطلعها :أرضــي أرضــــك يــا فلسـطيــــــــن عــربيـــــــة ودايـــــــم عــربيـــــــــــــــةمـلاييـــن وألـــــــــوف متحــديــــــــــــن تحـقــق نـــصـــر الـحــــريــــــــــــــــــةعام 1993 قالت الفنانة ليلى عبدالعزيز: في إحدى الصحف الكويتية «أهديت إلى التلفزيون الجزء الأول من ملحمة «للكويت الغالية» ويضم الشريط أغنيات خاصة بالأحداث الدامية التي شهدتها البلاد خلال الغزو الغاشم وأخرى تواكب التحرير وفرحته ومرحلة الإعمار وإعادة البناء..شاركت مجموعة من الشعراء في كتابة الأغنيات من بينها: «أواه يا كويت» من ألحان يوسف المهنا، بالإضافة إلى ألحان أخرى من كلمات دعيج الخليفة وبدر بورسلي وعبداللطيف البناي مع ألحان لجاسم الغريب وأخرى لي».من أقوالها- مما لا شكّ فيه أن الأغنية تأخذ أهم عناصر نجاحها من كلماتها خصوصاً إذا كانت فولكلورية ومتبوعة برقصات إيقاعية مستوحاة من التراث.- الكلمة الجيدة تخلق بالضرورة لحناً جيداً جميلاً إذا استطاع الملحن أن يعبر عنها بأسلوب تناغمي منسجم رقيق يرتقي بمستوى المشاعر ويرتفع به إلى درجة النبل.- تتميز الأغنية الكويتية خصوصاً والخليجية عموماً بلهجتها التي تنفرد بها عن غيرها من أنماط الأغنية العربية، فهي سلسة لا تعتمد على الكلمات الرنانة الطنانة بقدر اعتمادها على البساطة والوضوح وتتناول غالباً كلمات مأخوذة من واقع البيئة المحلية سواء في البر أو البحر، لذا تجدها سريعة التداول والتناول.- ثمة عناصر فنية من الفتيات تنقصها الإرادة والقوة والحزم وتفتقر إلى روح التضحية... لذلك على الجهات المختصة أن تقدم لها يد العون لتساهم في بناء الوطن والمواطن الصالح.- أذوب في الألحان الموسيقية الشعبية.كلمة أخيرة...قدّمت الفنانة والملحنة الكويتية حوالى 300 لحن غنّت مجموعة منها، وغنّت أصوات غنائية كويتية وعربية من ألحانها وشاركت في تقديم موسيقى تصويرية ومقطوعات موسيقية.