هند رستم... آخر عمالقة الجمال والكبرياء

نشر في 19-08-2011
آخر تحديث 19-08-2011 | 22:01
 محمد بدر الدين قدّمت هند رستم عطاءها الفني خلال 30 سنة بين بداية الخمسينيات ونهاية السبعينيات من القرن العشرين، ثم عاشت بعد سنوات «الحياة للفن»، 30 سنة أخرى لـ «الحياة مع الابنة الوحيدة والزوج الحبيب»، فهند التي وُلدت في 22 نوفمبر 1931 رحلت في 8 أغسطس 2011.

الغريب أنه خلال 30 سنة غياب عن الفن، لم يشعر جمهور هند بأنها بعيدة، بل كانت حاضرة دائماً حتى من دون أفلام جديدة ومن دون ظهور كمتحدّثة في حوار لصحيفة أو لبرنامج إلا نادراً (كان آخرها حوار مع الإعلامي محمود سعد في التلفزيون المصري قبل رحيلها بحوالى عام).

بدا ذلك غريباً، إلا أن هذا كان حال بعض أعلام وعلامات جيلها على غرار فاتن  حمامة  وشادية وغيرهما، ربما لأنه جيل في الفن لم يكن ككل الأجيال.

الحقّ أن هؤلاء لم يكونوا مجرد مؤدين وفنانين مبدعين، إنما كانوا في الحياة المصرية بل والعربية الإبداعية والثقافية - ملامح أساسية وقسمات وسمات-  عناوين ورموزاً مضيئة، وجزءاً أصيلاً وأخاذاً من روح هذه البلاد وضميرها، تعرف بهم ويعرفون بها.

ونحسب أنه لذلك كانت تنزعج هند من اختصارها أو حصرها في كلمات من شاكلة: «ملكة» أو «نجمة الإغراء»، فقالت: «تعرّضت لظلم بسبب لقب «نجمة الإغراء»، فقد أديت بطولة ثمانية أفلام قد تنطبق عليها صفة أدوار الإغراء، من بين ثمانين فيلماً»، مشيرة  إلى أن أدوار الإغراء تلك كانت تعتمد أولاً على التعبير بالعين، «فهي أحد أهم أدوات الممثل» برأيها.

عن حق، تنوّعت أدوار هند فأدت في أفلام لمخرجين يتباينون بين ميلودرامات  حسن الإمام من بينها: «الجسد»، «امرأة على الهامش»، «شفيقة القبطية»... مروراً بواقعية صلاح أبو سيف ذات الطابع الخاص، سواء النفس في «لا أنام»، أو التجديدي في «بين السماء والأرض»، وسينما يوسف شاهين بمذاقها المميز، سواء في فيلمه الغنائي الظريف المتقن «أنت حبيبي»، أو من فيلمه الأول «بابا أمين» إلى فيلمه المدهش «باب الحديد»، وسينما عز الدين ذو الفقار في ملحمته الوطنية الشهيرة «رد قلبي»، وسينما عاطف سالم في أحد ألمع أفلامه «صراع في النيل»، وصولاً إلى سينما أحمد بدرخان في فيلمه المرموق «سيد درويش»، وسينما فطين عبد الوهاب سواء بشقّها الكوميدي الذي لم يبارِه فيه أحد في تاريخ السينما المصرية لغاية اليوم: «اعترافات زوج»، «إشاعة حب»، «ابن  حميدو»، أو بشقّها المجرّب أو المغرّد خارج الكوميديا: «الأخ الكبير»... وغير ذلك لهند كثير مع كمّ من المخرجين.

كانت «خامة» أو «قماشة» موهبة هند رستم حافلة، عريضة خصبة، تسمح بتنوّع الأدوار، وتجسيد شخصيات لا تنسى.

نعم، ثمة لمحات أو روح أنوثة، إذا جاز التعبير، ستظل هي الذروة والمثال في السينما المصرية، تتميز بها هند وتتألق كإحدى ملكات أو آلهة الجمال والأنوثة الممزوجة بكبرياء وسموّ، إلا أن هند تظلّ أيضاً الممثلة البارعة القديرة، التي تشعّ موهبة وإقناعاً وحضوراً، وإحساساً داخلياً مرهفاً بأبعاد ما تجسّد من شخصيات.

ثم!... حقاً لماذا نقول: هند رستم «مارلين مونرو» الشرق؟ أو محمود المليجي  «أنطوني كوين» الشرق؟ ولا نقول: مارلين مونرو «هند رستم» الغرب؟ أو أنطوني كوين «محمود المليجي» الغرب؟!

back to top