هل يتحول الربيع إلى خريف؟!

نشر في 09-09-2011
آخر تحديث 09-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي يقال إن الثورة الفرنسية التي حدثت عام 1789 واستمرت طوال عشر سنوات هي أم الثورات في العالم، ويقال عنها أيضا إنها الثورة التي أكلت أبناءها، فعلى مدى السنوات العشر من عمر الثوره كانت الأفواج تسير بشكل مستمر إلى المقاصل التي نصبت في كل مكان.

بل الأكثر مأساوية أن هذه الثورة التي قامت ضد القهر والظلم والفساد والجوع والحرمان، وأنهت الحكم السلطوي الدكتاتوري المتمثل بحكم الإمبراطور لويس السادس عشر وعائلته والبطانة المحيطة به من النبلاء والتجار ورجال الكنيسة وأعلنت الجمهورية، هي عينها التي مهدت لحكم دكتاتوري توسعي آخر متمثل بالجنرال نابليون بونابرت.

والآن وقد بدأت لعبة الدومينو في الوطن العربي بثورات شعبية متوالية أطلق عليها الربيع العربي، بدأت من تونس، وليبيا، ومصر، واليمن، وسورية، والبحرين، وسلطنة عمان، وعلى الرغم من أني لست من مناصري نظرية المؤامرة، فإن هناك بعض التساؤلات المشروعة: هل يمكن أن يكون الشاب التونسي "بوعزيزي" هو من حرك مئات الملايين من البشر "المقهورين" على مساحة الوطن العربي؟ وهل يستمر هذا الربيع أم سيتحول إلى خريف تتساقط فيه الأوراق وتتكشف فيه الكثير من الحقائق؟

وفي ظل ما تشهده الساحة من خلافات واختلافات بين حلفاء الأمس من الأحزاب والتكتلات، فالكل يسعى إلى إنهاء الكل، فلا مكان للرأي والرأي الآخر، فإلى أي مدى سيتطور هذا الخلاف والاختلاف، علم ذلك في الغيب الداكن السواد، ونتمنى ألا يكون هذا بداية للعودة إلى الحكم المطلق المرتكز على القوة الأمنية.

لا أحد يشك في أن ذلك سيستغرق بعض الوقت، وربما سنين حتى تبدأ الأوضاع بالاستقرار، ولكن ألا يمكن أن نأخذ الدروس والعبر مما حدث في تلك البلاد، ونتجاوز تلك المراحل لنحفظ بلادنا؟ وهل تحتاج هذه الثورات العربية إلى عشر سنوات من القتل والفوضى وتراكم الفقر والتخلف حتى تستقر الأوضاع؟

من المؤكد أنه لا يوجد من يؤيد الأساليب التي اتخذتها الأنظمة في بلاد الثورات سوى المستفيدين منها... ولسنا ممن يدافع عن أنظمة حكمت البلاد والعباد وألغت الشعوب وحولتها إلى أصفار تعيش على الهامش، واقتصر دورها على التهليل والتطبيل والهتافات للزعيم وتمجيد أعماله.

ويبقى السؤال الكبير: وماذا استفادت هذه الشعوب من إزاحة هؤلاء الزعماء؟ ويتبادر إلى الأذهان الخوف والجزع من أن يكون البديل عن الأنظمة التي أزيحت أنظمة عسكرية، بفلسفة وعقلية عسكرية كما حدث في الثورات العربية السابقة ابتداء من ثورة 23 يوليو 1952، ومرورا بثورة الفاتح من سبتمر في ليبيا، وانتهاء بثورة العراق عام 1958، وما نتج عن تلك الثورات من دكتاتوريات تجاوز استبدادها وفسادها ما يقال إن الأنظمة الملكية السابقة قد مارسته.

فقامت هذه الثورات بإنشاء نظام أمني بوليسي قمعي بحجة المحافظة على مكتسبات الثورة، وتحولت هذه الأجهزة مع مرور الوقت إلى أجهزة مهمتها المحافظة على مكتسبات الزعيم وأعوانه وعائلته، وتراكمت المليارات في حساباتهم في حين تراجعت التنمية والتطور وزاد الفقر والجهل لدرجة لم يعد الشعب يتقبلها فنزل إلى الشارع لا ليبحث عن البسكويت بل ليبحث عن الخبز.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء.

back to top