الولايات المتحدة دولة يائسة.. تبدل جذريّ في غضون أربع سنوات!

نشر في 05-01-2012 | 00:01
آخر تحديث 05-01-2012 | 00:01
No Image Caption
نحن على يقين من أنه بحلول 6 نوفمبر المقبل، اليوم الذي يختار فيه الأميركيون رئيسهم التالي، سيكون معظمهم قد سئم الحملات الانتخابية. لا شك في أنها ستكون الأكثر كلفة على الإطلاق، بما أن كل حملة رئاسية جديدة تفوق سابقاتها بأشواط. كذلك لا شك في أنها ستبدو واهية ومملة، نظراً إلى ضعف الرئيس باراك أوباما والمرشحين الجمهوريين الأبرز.  من المؤسف، بحسب «الإيكونوميست»، أن النتيجة لن تنهي حالة الجمود السياسي الراهنة في العاصمة واشنطن.

في مطلع عام 2011، بدا أن الرئيس باراك أوباما يشق طريقه نحو الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض. فمع أن الاقتصاد كان لا يزال ضعيفاً، بدأ يتعافى وتراجعت البطالة. عندما يترشح الرئيس الحالي لولاية أخرى، يميل الناخبون عادة إلى اعتبار الانتخابات الرئاسية أقرب إلى استفتاء بشأن أدائه، وغالباً ما يعبّرون له عن رضاهم وقبولهم. فلم يخفق في الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض سوى ثلاثة رؤساء (جيرالد فورد، جيمي كارتر، وجورج بوش الأب) منذ الحرب العالمية الثانية.

لكن الاقتصاد ما لبث أن انتكس، وعاودت نسبة البطالة الارتفاع. يتوقع البيت الأبيض بحد ذاته أن تصل إلى 9% في عام 2012، النسبة الأعلى في سنة انتخابية منذ عام 1940. في ظل ظروف مماثلة، سيُضطر أوباما إلى مغادرة البيت الأبيض، إن افترضنا أن الناخبين يعتبرون فعلاً الانتخابات أشبه باستفتاء.

لذلك، سيمضي أوباما السنة التالية محاولاً تصوير الانتخابات على اعتبار أنها خيار بينه وبين منافسه الجمهوري. سيبدو خطابه أشبه بمن يقول: «صحيح أنني أخفقت في تصويب الأوضاع، إلا أن منافسي سيزيد الطين بلة». إذاً، ستتخذ حملته

طابعاً سلبياً مختلفاً تماماً عن خطابه الإيجابي الداعي إلى الأمل والتجديد الذي نادى به أوباما قبل أربع سنوات.

ستكون مهمة تشويه صورة المرشح الجمهوري سهلة في حال فاز ريك بيري، حاكم تكساس وأحد أبرز الجمهوريين، بترشيح الحزب الجمهوري. سيُنتقد بيري على أمور شتى، من عدد سكان تكساس الكبير الذي لا يملك تأميناً صحياً إلى الكرم الكبير الذي تلقاه من أناس يتعاملون مع حكومة الولاية. لكن فوز بيري بترشيح الحزب الجمهوري ليس مؤكداً: فقد يفوز مرشح مختلف في الولايات الثلاث الأولى التي تعقد الانتخابات الأولوية، ما يؤدي إلى حملة انتخابية طويلة وغير متوقعة. في هذه الحال، يكون ميت رومني منافس أوباما، علماً أن رومني يتمتع بالأفضلية على أوباما من ناحية التمويل والتنظيم.

سيؤدي المال دوراً أكبر من المعتاد في هذه الانتخابات، ولن يكون المنفق الأكبر المرشحين أو الأحزاب، بل «التكتلات الكبرى»، نوع جديد من مجموعات الضعظ تشكّل نتيجة قرار

المحكمة العليا إلغاء الكثير من الضوابط التي تفرضها الولايات المتحدة على التبرعات السياسية، علماً أن هذه الضوابط لم تكن صارمة. بخلاف الماكينات الانتخابية في الماضي، تستطيع «التكتلات الكبرى» جمع كميات غير محدودة من المال من واهبين مجهولين وإنفاقها على

تلميع صورة مرشحين محددين. سيتفوق الجمهوريون على الديمقراطيين في هذا المجال، على رغم الجهود الحثيثة التي ستبذلها الاتحادات العمالية. لكن الديمقراطيين سيحاولون تخفيف وقع ذلك بتصوير الجمهوريين كما لو أنهم كائنات من صنع شركات غامضة تسعى إلى تحقيق مصالحها.

جمع التبرعات

لا شك في أن أوباما يتقن فن جمع التبرعات وتنظيم الحملات الانتخابية، وسينجح في إدارة حملته بسلاسة تماماً كما في عام 2008. علاوة على ذلك، سيقلص

الجمهوريون حظوظهم بالفوز بسبب عدائهم للمهاجرين. لذلك، سيحتفظ الرئيس بغالبية أصوات المجموعات المتنامية المتحدة من أصول لاتينية.

كذلك، سيخيف الجمهوريون المسنون بطرحهم خططاً شاملة لتغيير أنظمة الضمان الاجتماعي (رواتب التقاعد) وبرنامج الرعاية الصحية. هكذا، لن تحسم النتيجة في عدد من الولايات المهمة، مثل فلوريدا وكولورادو، اللتين بدأتا تسأمان مناورات الرئيس

الحالي. لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن فرص الجمهوريين للفوز تبدو كبيرة جداً، ولن يخفقوا في الاستفادة من حالة الاستهجان والغضب الواضحة والمتنامية التي أثارها تردي الاقتصاد، إلا إذا اختاروا مرشحاً كثير العيوب.

ستتجلى حالة الاستهجان هذه في انتخابات الكونغرس أيضاً. فسيحرم الناخبون الغاضبون الديمقراطيين من الأكثرية في مجلس الشيوخ، مع أن الهوامش لن تكون كبيرة إلى حد منح الجمهوريين الستين صوتاً التي يحتاجون إليها لتخطي أي مماطلة سياسية في سن القوانين. فقد يحقق الديمقراطيون بعض التقدم في مجلس النواب، إلا أنه لن يكون كافياً لإعادة نانسي بيلوزي إلى منصبها. وبما أن الهوامش بين الحزبين ستكون ضئيلة، سيبقى الكونغرس مقيداً وممزقاً بين سياسيين يتقاتلون ويعجزون عن الاتفاق حتى على أبسط التدابير والتفاصيل.

بكلمات أخرى، رغم كل المعمعة التي ستولدها الانتخابات، لن تبدّل انتخابات عام 2012 الوضع في الولايات المتحدة. فستبقى عالقة في مستنقع اقتصادي، مقسمة

سياسياً، وقلقة حيال تراجع مكانتها (وإن نسبياً) حول العالم. لن تتوافر للرئيس الجديد أدوات عدة لتصحيح هذا الوضع المتردي، فضلاً عن أنه قد لا يتمكن من الاستفادة من الوسائل المتاحة له لأنه يفتقر إلى دعم الكونغرس. لذلك، لا يسعك إلا أن تتساءل عن السبب الذي يدفع العالم إلى الانشغال طوال الجزء الأكبر من 2012 في هوية مَن سيفوز بهذا المنصب. 

back to top