الطريق نحو حكومة شعبية

نشر في 28-07-2011
آخر تحديث 28-07-2011 | 22:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي يقول الصينيون «إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة»، فهل بدأت الخطوة الأولى نحو الحكومة الشعبية التي نادى بها البعض بحسن نية أو بسوئها، ولعل المراقب للأحداث في الكويت لا يحتاج إلى الكثير من التحليل ليدرك أن هناك استهدافا بشكل خاص للوزراء من أبناء الأسرة الحاكمة.

 بدأ هذا الاستهداف بتكثيف الهجوم والاستجوابات المتتالية لوزير الداخلية السابق الشيخ جابر الخالد ثم استقالته، ثم تنحي الشيخ أحمد العبدالله الأحمد الجابر الصباح وزير النفط ووزير الإعلام السابق، وصولا إلى استجواب الشيخ أحمد الفهد نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الاقتصادية ووزير الإسكان والتنمية الذي أدى بالضرورة إلى استقالته، وأخيرا تنحي الشيخ عذبي الفهد رئيس جهاز أمن الدولة، هذا وقد بدأت السهام تتجه صوب الشيخ الدكتور محمد الصباح السالم الصباح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، بالإضافة إلى عدد من التصريحات التي تطالب سمو الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح رئيس مجلس الوزراء بالتنحي.

وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن الهدف الثاني لهذه الخطوات المتتالية: أهو الخطوة الأولى نحو ما يسمى بالحكومة الشعبية التي أشك أن يكون أحد ما يستطيع أن يصفها أو يصنفها؟ وإلى أي تيار أو كتلة أو حزب ينتمي رئيسها ووزراؤها؟ أم ستكون المحاصصة صفتها الأساسية مع معرفة الجميع بما فعلته لعنة المحاصصة في الكثير من الدول المحيطة بنا من كوارث وحروب أهلية، مع قناعتي بأن هناك إجماعا من أهل الكويت حكاما ومحكومين على أن الشعارات التي يتردد صداها في الساحات والميادين في المدن العربية ليس لها مكان في الكويت؟

هذا ومن ناحية أخرى فإن السلطة التشريعية ليست بعيدة عن الاستهداف، فلا شك أن مجلس الأمة قد وصل إلى أسوأ حالاته على الرغم من أن أغلب أعضائه من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالحرص على الوطن ومصالحه، ولكن للأسف وصل العمل في المجلس إلى مرحلة تجاوزت كل المحاذير وتدني الحوار، حتى وصل إلى الشتم والسب والشجار والتنابز بالألقاب والأصل والفصل الدماء الزرقاء والصفراء والبنفسجية؛ وصولا إلى دعوى الجاهلية والفرز بين أفراد المجتمع الكويتي الذي نعف عن ترديده، كما تدنى الإنتاج إلى ما يقارب الصفر، حتى أداة الاستجواب الرابعة أصبحت لا معنى لها وفقدت قيمتها.

وهل الاقتصاد بعيد عن هذا الاستهداف بعد أن وصلت الحال إلى الجمود؟ وحتى البورصة التي تعد المعبر عن حالة الشركات المتداولة، فقد تم إيقاف ما يقارب نصف هذه الشركات، وطفت الخسائر على الكثير منها، وأرباح بعضها إن كان هناك أرباح فإنها لا تتجاوز أرباح بقالة أو سوبر ماركت، ما عدا بعض الشركات والمؤسسات التي لا تزال متماسكة ولكن إلى متى؟

أما خطة التنمية التي أقرت بالمليارات فقد كتب على صفحتها الأولى عبارة «رجاء عدم الإزعاج» مع كل تقديري واحترامي للأخ العزيز عبدالوهاب الهارون وزير التنمية، الذي لا يشك أحد في مقدرته؛ نظرا لما يتميز به من رقي في التعامل ودماثة الخلق.

 ومع كل ذلك فلا يعني هذا نظرة تشاؤم، فالكويت- ولله الحمد- بألف خير، فبعد خبرة متواضعة في العمل الدبلوماسي استمرت أكثر من سبعة وثلاثين عاما قمت فيها بزيارات إلى العديد من دول العالم فإني لم أجد نظاما يماثل نظامنا السياسي الذي أساسه التواصل والترابط بين الحاكم والمحكوم، وعلى مدى أكثر من ثلاثة قرون من الزمن، وسيستمر بإذن الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء.

back to top