عبدالمحسن جمال لـ "الجريدة": الكويت سبقت "الربيع العربي" ديمقراطياً بنصف قرن
أكد النائب الأسبق في مجلس الأمة د. عبدالمحسن جمال أن "الحراك السياسي في الكويت يعد انعكاساً لمستوى الديمقراطية الموجودة لدينا"، مؤكداً أن "الكويت سبقت الربيع العربي في ممارسة الديمقراطية بنصف قرن" معللاً ذلك بأن "مطالبات الربيع العربي إيجاد دستور مكتوب وبرلمان منتخب بشفافية وحرية، ومشاركة سياسية على جميع الصُّعُد، وهذا والحمد لله موجود لدينا في الكويت، ونمارسه منذ أكثر من خمسين عاماً عبر مجلس الأمة، أو ساحات المجتمع المدني أو في الصحافة الحرة، أو في الدواوين، ما يعكس تأصل الحياة الديمقراطية في الكويت".
وشدد جمال على أنه "من الواجب على النواب وضع مصلحة الكويت فوق اعتبار، والالتفات إلى قضايا التنمية وتشريع القوانين، بدلا من إشغال الشارع بأمور لا تعود على المواطن بخير، من خلافات شخصية ومصالح انتخابية".في هذا السياق المتعلق بالحراك السياسي والممارسات الحكومية والبرلمانية، تأتي قراءة د. عبدالمحسن جمال السياسية، عبر لقاء خص به "الجريدة"، وفيما يلي تفاصيل هذا اللقاء.الأوضاع السياسية* ما هي قراءتكم السياسية للأوضاع الحالية؟ـ الأوضاع الحالية الموجودة في الكويت هي انعكاس لمستوى الديمقراطية الموجود في البلد، وبالتالي فالذي تشاهده سواء في مجلس الأمة أو في ساحات المجتمع المدني على اختلاف أطيافها أو في الصحافة أو في الدواوين، هو في الحقيقة انعكاس لتأصل الديمقراطية في الكويت، وبالتالي فنحن دائما نشكر من وضع الدستور الكويتي، لأن أي خلاف سياسي أو توجهات متباينة أو مختلفة تحسم من خلال هذا الدستور، الذي مضى عليه تقريبا نصف قرن، وهذا معناه أننا سبقنا الربيع العربي بنصف قرن.فالحمد لله، كل تحرك بالشارع العربي يطالب ويحاول أن يقلد الكويت، فهو يطالب على الأقل بما هو في الكويت من دستور مكتوب وبرلمان منتخب حر، له صلاحيات بدرجة كبيرة، وكل ذلك موجود في الكويت، إضافة إلى الصحافة الحرة والدواوين المفتوحة، كما أنه حتى المراقبون الأجانب لديهم انطباع إيجابي بأن هناك ممارسة سياسية راقية في الكويت، وتجاوباً وتفاعلاً مع العمل السياسي.من ناحية أخرى، فرغم ما لدينا من دستور وبرلمان منتخب حر فإننا نشعر أن القضايا المهمة لم تعد تحسم تحت قبته، مع أنها في كل برلمانات العالم تحسم بالأغلبية البرلمانية التي تحترم الأقلية، لكن السياسة المتبعة لدينا إما أن تفرض رأيك أو أن تهدم المعبد على من فيه، وأتصور أن الذي يقرأ رأي المحكمة الدستورية الأخير في الاستجواب المقدم لرئيس الوزراء من النائب أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري، يرى أنه استشرف المستقبل.وأرى أن هذا الصراع عن طريق هذا "السيل الجارف من الاستجوابات" أو "اللا تعاون بين السلطتين" يعني الصدام، ما يؤدي إلى نتائج سلبية كبيرة.صراع التيارات السياسية* من المعروف أن لديك حكمة دائما ترددها بأن فشل التيارات السياسية يعود إلى الصراع فيما بينها، فهل تلقي لنا الضوء على خلفية هذا الصراع بين التيارات السياسية؟ـ لا أتذكر أين قلت ذلك وفي أي سياق، لكنني لم أقل فشل التيارات السياسية بهذا المفهوم الشامل، فالتيارات السياسية في الكويت كانت تحاول بشتى الطرق أن تتحول إلى أحزاب، وقاد هذا المسعى الوزير الحالي علي الراشد منذ فترة طويلة وطرحه في برنامجه الانتخابي، وكنت حينئذ ضد هذا الرأي ودخلنا في نقاشات طويلة، منها ما نشر في "القبس" ومنها ما نشر أيضاً في التلفزيون.ففي الكويت، بالنسبة للأحزاب السياسية التي هي إفراز من إفرازات الديمقراطية، لم يعطنا الدستور الكويتي رأياً فيها، بل سكت، فبالتالي فإن العمل الديمقراطي عمل فردي.وبعد التحرير بدأ الكويتيون يكتبون رؤاهم السياسية، فكان هناك رأيان، أحدهما بأن يتم التوقيع بالأسماء، والآخر بالتوجهات الدينية والاجتماعية، لكن ما تم الأخذ به هو الانتقال إلى مرحلة جديدة، بإنشاء تكتلات وتنظيمات.فدخلت التكتلات السياسية بعد التحرير في تفاوض مع السلطة التنفيذية، التي كان على رأسها الشيخ سعد العبدالله رحمه الله، وأنا أذكر بوضوح اجتماعنا أكثر من مرة في بيت جاسم العون وفي بيت مشاري العنجري وبيت ناصر الصانع وعباس مناور، وكان هدفنا هو أن تكون الوزارة شعبية.كان مفهوم "الشعبية" قد أظهرته التكتلات السياسية في ذلك اليوم، وكان مقترحا أن يوجد تسعة نواب في الوزارة، بمعنى أن الأغلبية البرلمانية هي التي تمسك بالوزارة، ودار جدل وحوار، لقي سعة صدر من الشيخ سعد رحمه الله، فأخذ معنا وأعطى، إلى أن وصل العدد إلى ستة، وبالفعل دخل ستة نواب وزارة ما بعد التحرير.غير أن هؤلاء بعد دخولهم الوزارة من خلال تكتلاتهم السياسية اكتشفوا أن العمل الوزاري يختلف عن العمل البرلماني، إذ إن التضامن الوزاري موجود، بينما يغيب التضامن البرلماني، كما أن النائب في داخل البرلمان أكثر حرية، لذا لم يستطع كثير منهم التأقلم، فلم يكمل سنتين وانسحب، لكن غيره أكمل ولكن بدون مسمى التكتل السياسي، وبذلك فإن التكتل السياسي لم ينجح في جعل الوزارة "شعبية".النقطة الثانية أننا في حكومة الشيخ سعد الله، رحمه الله، وبعد ذلك حكومة الشيخ صباح ـ أطال الله عمره ـ جرى العرف أن يدخل وزراء من تكتلات سياسية مختلفة، لكن بعضهم بعد دخوله الوزارة باسم التكتل السياسي كانوا ينفصلون عن هذه التكتلات.وهناك أكثر من تكتل سياسي يدعي أن من يمثله في البرلمان، حتى لو كان في المكتب السياسي للتكتل، لم يعد يمثله اليوم، وأكثر من طرح هذا الرأي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، ما يعد لافتا للنظر فحدس حركة عريقة لها تواجدها الضخم الشعبي، فلماذا تدخل بعض الوزراء، ثم تتخلى عنهم بعد ذلك، وإلى الآن فإن "حدس" لا تمثل إلا بوزير واحد.هناك نقطة أخرى تتمثل في أن الذين يدخلون البرلمان باسم التكتلات السياسية نشاهد أن تكتلهم السياسي يحركهم، وهذا أيضاً غريب، وخاصة التوجه الليبرالي الذي حارب الوزراء المحسوبين عليه.غير أن تكتلاتنا السياسية لم تعد لها القوة التي كانت، فاليوم الشارع سحب القوة منها، والنائب المستقل هو الذي لديه صوت أقوى الآن في الشارع.وقد بدأ الشارع اليوم يعي أنه حتى النواب حين ينزلون الشارع، فإنهم لا ينزلون لدعم التنمية أو برامج سياسية مثلا أو تطوير العمل النيابي أو تطوير العمل الديمقراطي، بل غدا التحرك فرديا، وقد انعكست الفردية حين تولى صاحب السمو الإمارة وتولى سمو ولي العهد ولاية العهد، جرى أيضاً نفس السياق لدى فصل ولاية العهد عن رئاسة الحكومة، وهذا موقف من صاحب السمو يقدر، كما أنه "شعبياً" مرغوب فيه، فتلك خطوة من النظام لابد أن تقابل باحترام أكثر وبتقدير أكثر.وحين تم تعيين الشيخ ناصر المحمد رئيسا للوزراء، كان لدينا في هذه الفترة أكثر من توجه سياسي، يقول إن هذا رجل الإصلاح مدة سنتين مثل التكتل الشعبي والتكتل الليبرالي إضافة إلى التكتلات الأخرى، وأنا أتصور أن هذا الكلام كان يقال لمواقف سياسية سابقة، وحين أصبح المحمد رئيسا للحكومة بدأت الحركة البرلمانية والوزارية تتخذ مواقف من قوانين صادرة، فلم تعجب هذه المواقف بعض من كان يمدحه في السابق، فاتخذ منها موقفا.والشيخ ناصر يمتاز بسعة صدره وصبره على أي كلام يطرح عليه، وأنا أتصور أنه لم يطرأ على الكويت شخصية سياسية طعن فيها بالحق والباطل مثل الشيخ ناصر المحمد، وهذا يسجل له سياسياً، باستطاعته أن يتحمل مثل هذا النوع من الضغط النادر.ثم تطورت الأمور إلى استجوابات وزرائه، إلى أن وصلت إلى استجوابه هو، فدار صراع على المناطق الخمس والتي كانت مدخلاً للانطلاق الكبير بين بعض الشخصيات السياسية وبينه، وتم حل البرلمان وأعيد انتخاب برلمان آخر، وشاهد النظام أن الإعادة رغبة شعبية بإرادة وجود "الخمس" وعندما أعطيت "الخمس" كان المفروض أن تهدأ الأوضاع السياسية، لكنها مع الأسف لم تهدأ، وأعيد الطعن في شخصية الشيخ ناصر، وأنه يجب ألا يتولى رئاسة الحكومة، ويجب أن يصعد المنصة، فتم حل البرلمان على هذا الأساس، لكنه في المرة الثانية تصدى، وقال إنه على استعداد لصعود المنصة، مع أن هناك رأيا في ذلك الوقت كان يري تحويل الاستجواب إلى المحكمة الدستورية، لأن الاستجواب لا ينص على أن رئيس الوزراء بصفته راسم السياسات العامة للحكومة.إذ يتم تقديم الاستجواب لرئيس الوزراء على أعمال تنفيذية خاصة بالوزراء، وكان الرأي الدستوري موجودا منذ ذلك اليوم، لكن الشيخ ناصر قال لا، وهذا موقف يسجل له، فصعد في جلسة سرية، وعندما تم التمادي في هذه القضية حولت الحكومة الاستجواب الرابع إلى "الدستورية"، وهذا معناه أن الشيخ ناصر صبر على ثلاثة استجوابات وذهب رابعها إلى المحكمة.وفوجئنا في هذا الاستجواب الرابع بأن الذي اخطأ الخطأ السياسي أو الدستوري هو تقريبا قائد "المقاومة الدستورية"، فعندما يختار أحمد السعدون أن يواجه بهذه الطريقة، فهذا معناه أن الشخصانية وصلت للأسف الشديد إلى حد أنني ليس لي رأي في هذه القضية إلا اسقاط الشيخ ناصر المحمد، وهذه قيلت بشكل واضح، مرتين علنياً.وهذا معناه أنك لا تحترم الأغلبية، فبات مستقرا عندنا أن الذي يسير مع الأغلبية انبطاحي، وهذا من المصطلحات التي لم نسمع بها طوال عمرنا في الشارع السياسي، (فعين الرضا عن كل عيب كليلة، لكن عين السخط تبدى المساويا)الآن رأي المحكمة الدستورية أن الإخوة السياسيين تخطوا كل الخطوط الحمراء السابقة سياسياً، ومع ذلك للأسف الشديد نسمع بأن بعض النواب سيتوجهون إلى الوزراء باستجوابات، بعد أن قالت "الدستورية" رأيها.لكن اللافت للنظر هو لماذا يُختار أبناء الأسرة الحاكمة في هذا السياق، وهذا سؤال للنواب الاعزاء "لماذا تتجهون إلى أبناء الأسرة الحاكمة؟وفي ظل ما يشهده المواطن الكويتي البسيط من أوضاع في العالم العربي، لم تعد القضية كم يساوي الدينار، ولا كم تكلف لقمة العيش، بل باتت ألا أكون في خطر، هذا الآن هو ما يريده المواطن البسيط، فيا نواب الأمة إلى أين انتم ذاهبون؟! وإذا كانت المحكمة الدستورية أوجبت ضرورة التعاون بين السلطتين وفق المادة 50، فإن الأوجب هو عدم الصدام.حين أقرأ هذه القراءة السياسية للسلطة القضائية بأرفع أجهزتها ليأتي من يقول "لا يهمني هذا، ولا يهمني رأي القيادات في النظام" اذن من يهمك الآن؟ولو فرضنا جدلاً تغير الشيخ ناصر المحمد فأين الضمان وسط هذا الهرج والمرج بألا يتكرر هذا السيناريو مع من سيأتي محله، فالمشكلة أننا مع الأسف تخطينا الخطوط الحمراء.وبذا لم يعد أمامنا إلا أن نرجع إلى أصالتنا الكويتية، ورحم الله خليفة الجري حين تقدم باستجواب في 1981 لوزير الصحة عبدالرحمن العوضي وردت المحكمة الدستورية عليه بأن الوزير "لا يستطيع أن يعطيك أسماء" فتراجع، وقال سأسحب الاستجواب، وكذلك مع حدث مع محمد الرشيد، رحمه الله، حين قال انه سيستجوب وزير العدل سلمان الدعي، فتأتي مجموعة من النواب تقول له "ليس من مصلحة في استجوابه بينما الحرب العراقية الإيرانية دائرة" فامتثل قائلاً "نظرا إلى مصلحة الكويت سأسحب الاستجواب"نحن نريد هؤلاء الرجال بأسلوبهم الراقي في العمل السياسي، لا نريد مبدأ "يا انا يا الطوفان" أو "هدم المعبد على الجميع" لا يا اخي، فالمعبد الكويتي من بناه هم الكويتيون، وأنت ومن معك على العين والرأس ونقدركم، لكن الديمقراطية تعني رأي الأكثرية، وإذا لم تستطع أن تحقق ما تريد في هذا المجلس فعليك أن تنتظر المجلس المقبل، وعلى النائب أن يوعي الشعب، ولديه قنوات فضائية وصحافة، ولديه وعي شبابي.تقييم* ما تقييمكم لمجلس الأمة الحالي قياساً بالمجالس السابقة؟- لا جدال أن المجلس الحالي جاء شرعيا عن طريق إرادة شعبية، وانتخابات نزيهة نفتخر بها، لكن الخلاف قد يكون على بعض الأساليب المتبعة فقط، فلدينا في كل لجنة انتخابية قاض يعينه وزير العدل، وعضو آخر يعينه وزير الداخلية، لذا جاءت جميع مجالسنا نزيهة (عدا المجلس الثاني).كما أن كل التيارات السياسية تقريبا ممثلة في هذا البرلمان، ولا ينقصنا ميزانية أو قدرة على التنفيذ، لكن هناك تحويلا لكل اطروحاتنا التنموية داخل المجلس إلى شحنات سياسية، فمثلا حين نطرح مشروعات تنمية آبار الشمال أو الخصخصة أو قانون الـ BOT كلها تتحول إلى قوانين سياسية.ومع أننا نرى في كل برلمانات العالم شحنات سياسية كذلك فهناك شحنات اقتصادية واجتماعية وتنموية، وحلولا لقضايا تهم المجتمع، وذوي الاحتياجات الخاصة، ولا شك أن كل هذه الجوانب لدينا مهضومة في ظل طغيان الشحنات السياسية على أجواء البرلمان.ومع أننا برلمانيا وديمقراطيا من أوائل الدول العربية وأقدمها ممارسة ديمقراطية، إلا أننا تأخرنا عن معظمها في القضايا التنموية الأخرى، ومع أن أغلب لجان المجلس كلجنة حماية المال العام، واللجنة الاقتصادية، ولجنة الميزانية، الآن بيد المعارضة، فإن كثيرا من قضاياها لم تنجز بسبب الصراع السياسي بين هذه الأطراف وبين الحكومة، ولذلك أدعو البرلمان أن ينتبه "إلى أين نحن ذاهبون".أيهما السبب؟* هناك حالة من الإحباط لدى كل أطياف المجتمع... في رأيك من سبب هذا الإحباط المجلس أم الحكومة؟- هناك مجموعة كبيرة من المواطنين لا يهتمون بالجانب السياسي، وحتى من خبرتنا الآن بالجامعات، هناك مجموعة كبيرة من الشباب لا يهتمون بالبعد السياسي، فالذي يهتم بالبعد السياسي لا يتجاوز 30 في المئة من الشعب الكويتي، مع أننا للأسف الشديد لا قياس لدينا للرأي العام، وأتمنى أن تقوم الجامعات بدورها في هذا الصدد، فمثلا لدى جامعة الخليج عندنا فكرة لإنشاء مركز للدراسات نتمنى له النجاح، كما أن جامعة الكويت عندها فكرة كذلك.وينبغي ملاحظة أننا حينما نتحدث عن نسبة الإحباط بين شباب الكويت فإننا لا نستند في ذلك إلى رقم دقيق، لأننا لا نملك استبياناً أو ما شابه، غير أنني أتصور أن اغلب شبابنا حين نتحدث عن السياسة لا يهتمون، لذا يبحث الشباب عن شيء آخر يهتم به، فينشغل بالسفر مثلا لأنه يشاهد في الدول الأخرى ما لا يشاهده هنا، حتى إن قراءة الكتب والقصص والروايات باتت تشغله أكثر من البعد السياسي.حتى من يكتب من شباب الكويت فإنه يبتعد عن السياسة ليكتب روايات وقصصا اجتماعية وتكنولوجية وما أشبه ذلك، فضلاً عمن يتخصص في الجامعات بالتكنولوجيا والمحاسبة والاقتصاد، وعلينا ألا نتصور أن حدثا سياسيا حديث يندفعون إليه كل المجتمع الكويتي، فذلك ناشئ من وهم حياتنا السياسية وانشغالنا نحن بها.وقد وصلت الكويت إلى ترف اقتصادي كبير، إذ إننا أكثر دول المنطقة راتبا، حتى الراتب التقاعدي من ارفع مستويات في العالم، والتعليم مجاني والصحة مجانية فضلاً عن التموين المجاني، ولعل هذا الترف هو الذي جعل بعض السياسيين يتجهون إلى الصراع السياسي، لأن ما من شيء عنده يقوله للناس "فالسكن والدراسة والرواتب، والتقاعد كلها أمور مؤمَّنة، فلم لا تذهب بعدئذ إلى الصراع السياسي؟!".مجلس الأمة* ما هي رؤيتكم المستقبلية لمجلس الأمة؟ - استمرار الحال من المحال، دائماً نأمل التغير، والتغير هو منعطف خطير، فإما أن يعقبه لا سمح الله انحدار، وإما نمو، وهذا الأخير هو ما نأمله، ولعل ذلك راجع إلى قناعة الناخب الكويتي بأن من يشكل البرلمان هم الناخبون الكويتيون، فلذلك نحن نلوم الحكومة بنسبة، ونلوم البرلمان بنسبة، ونلوم السياسيين بنسبة ثالثة.كما لا نعفي المواطن نفسه من اللوم، لأنه هو الذي أوصلنا إلى هذا الأمر باختياراته، وإذا وصل الجيل ما بعد التحرير إلى البرلمان فأنا متأكد أن النظرة ستتغير، لأن هناك دراسات سيكولوجية تقول إنه بعد كل 30 سنة بالكويت قد تتغير التوجهات التي توصل المرشحين إلى البرلمان.عبدالمحسن جمال نائباً* يقال إن د. عبدالمحسن لم يوفق في الدخول إلى مجلس الأمة لوجود انقسام في دائرته الانتخابية... فما تعليقكم؟- عبدالمحسن جمال وصل إلى البرلمان ثلاث مرات وخسر ثلاثا أخرى، وبالتالي أتصور أن تجربتي الانتخابية تكفي بعد أن وصلت إلى هذا العمر.ولا أعتقد أنني اختلفت مع القاعدة الانتخابية، إذ حصلت على المركز الثالث في آخر مرة، بينما كنت دائما اما الأول أو الثاني، فوجدت عندئذ أنني أديت دوري، وعلينا أن نترك مجالا لغيرنا بعيدا عن الانقسام في القاعدة الانتخابية.الجمعية الثقافية* هل لك أن تحدثنا عن الجمعية الثقافية الكويتية؟- الجمعية الثقافية الكويتية هي جمعية من جمعيات النفع العام القديمة، ومن مؤسسات المجتمع المدني الأولى في الكويت وكثير من الشباب الكويتيين فيها، ولها كثير من الأنشطة، وبسبب الحرب الإيرانية- العراقية أغلقت الجمعية لأجواء التوتر الطائفي، إلا أنه بعد التحرير جاءت مطالبات بعودتها هي وجمعية الاستقلال، نظراً إلى نشاطهما، والطريف أنه منذ إغلاقها إلى اليوم كانت وزارة الشؤون تعطيها المنحة السنوية التي جمعت إلى اليوم.وكان أول قرار لوزارة الشؤون أن من يرغب من أعضائها القدامى أن يأتي، فأتوا وسلمت الأموال للمجلس الجديد بعد الانتخابات، والآن مجلسها الثاني وعادت إلى أنشطتها، فقامت بتكريم ذكرى وفاة ناصر الخرافي رحمه الله، وكان الحضور حاشدا، حضرة رئيس مجلس الأمة، وتشرفت الجمعية وأعضاؤها بتتويج صاحب السمو في رمضان مع سمو ولي العهد، وهي جمعية تعد من مفاخر العمل السياسي في الكويت.إشهار الأحزاب* هل تؤيد إشهار الأحزاب؟- لا أؤيد اشهار الأحزاب، لأن لدينا في الكويت حتى الآن نظرة للأحزاب العربية التي وقفت ضدنا إبان فترة الغزو، ففي قناعة المواطن الكويتي أن الأحزاب لا تؤدي إلى نتيجة إيجابية في الكويت، وحتى الآن ليس عندنا أغلبية برلمانية تؤيد الأحزاب، والدليل على هذا أن المجلس ليس متفاعلا حتى مع التكتلات السياسية.دائرة واحدة* هل تؤيد أن تكون الكويت دائرة واحدة؟- الدائرة الواحدة تحتاج إلى دراسة، ورغم أن هناك رغبة في العودة إلى الدوائر العشر، فهناك طرح بأن تكون الكويت دائرة واحدة.والدائرة الواحدة موجودة الآن بالعراق وفي بعض الدول، وتقضي بأن تنزل كقائمة، وتنزل قوائم التكتلات الحزبية بكل أعضائها بعدد أعضاء المجلس، وحسب نسبة النجاح تعطى مقاعد في المجلس.لكن الفكرة المطروحة في الكويت غير ذلك، بمعنى أنك إذا نزلت في الدائرة الواحدة تنزل منفردا، لكن السؤال هو مرشحا ينتخب المواطن، إذا كان ينتخب 2 فسنرجع إلى 25 منطقة، وإذا كان ينتخب أربعة فسنرجع إلى خمس مناطق، إذا كان ينتخب خمسة فمعناه عشر مناطق، فحتى الآن الفكرة غير مدروسة بالكامل.هناك رأي أن تعطيهم سبعة أو عشرة نواب، فالتوجهات الاجتماعية الأقوى هي التي ستمثل في المجلس، أما التوجهات القليلة فلن تمثل، وهذا ظلم للبقية، ولا شك أن ذلك يحتاج إلى دراسة.الإيداعات المليونية* ما هو رأيكم في قضية الإيداعات المليونية؟- الإيداعات المليونية الآن أصبحت في النيابة العامة، وأول من طرحها البنوك، وفي ذلك اتهام للفئات السياسية التي تتبناها الآن، ونقول لهم أين كنتم طوال هذه المدة أيها السياسيون؟ كنا في السابق نسمع عن دفع أموال في الانتخابات أو ما يسمى المال السياسي والآن فوجئنا بهذه الإيداعات. كنا زملاء في البرلمان فنجد واحدا يتهم الآخر لكن لم تطرح قضية عامة، والذي طرح القضية الآن البنوك والبنك الوطني بالذات هو الذي طرح القضية والبنك الوطني سكت، لأنها أحيلت إلى النيابة العامة وهو يعرف الوضع الدستوري، لماذا يتحركون هل يطعنون في النيابة العامة؟ هذا مخالف للقسم الذي أقسموا عليه، أما التجمعات في ساحة الإرادة وفي مقابلة مع قناة الصباح قلت لهم لا تطرحوا أي اسم، والنواب أذكياء يعرفون أنهم لو طرحوا اسما فستستدعيهم النيابة، ولذلك استغلوا القضية لإثارة غبار، وقلت إذا كان عندك أسماء بأرقام اطرح الاسم وكن شجاعا ولديك حصانة برلمانية، لذا أتصور أنه ما دامت القضية أمام النيابة الآن فلابد من الوضوح لأن النيابة امام مفترق طرق، إما أن تحفظ القضية لعدم وجود أدلة كافية وواضحة وتنتهي القضية سياسيا، وإما أن تكون هناك أدلة واضحة فتحول القضية إلى المحكمة وإلى القضاء، وأي قضية تنظر امام القضاء لابد أن نسكت عنها إلى أن يحكم فيها بالمرحلة الأولى والاستئناف والتمييز. لذلك الصراخ الآن غير دستوري وغير قانوني.الإضرابات والاعتصامات* انتشرت في الآونة الأخيرة الإضرابات والاعتصامات هل أنت مع هذه الظاهرة؟- من حيث المبدأ لابد أن يكون لدينا قانون ينظم الإضرابات كالدول الديمقراطية، ولا ينبغي أن تكون الاضرابات عشوائية، وإذا كنا نستطيع أن نحل مشاكلنا ونحقق مطالبنا بدونها فهذا أولى، أما إذا لم نستطع أن نحقق ما نريد إلا بالإضراب فلابد أن ننظر إلى المصلحة العامة فنضرب في وقت لا تتضرر بسببه مصلحة المواطنين. فالاخوة في الخطوط الجوية الكويتية يضربون ويقولون تحملوا أنتم مسؤولية الحجاج، هل هذا أمر شرعي؟ وأين القضية الشرعية وأنت تمنع حاجا من الوصول إلى بيت الله الحرام؟. ففي بريطانيا مثلا اذا أرادوا أن يضربوا أعطوا الحكومة مهلة ثم يضربون فتحدد لهم مسارا معينا وتحرسهم بالشرطة، ولا يصح بعد ذلك أن يحدث تصرف عشوائي... فالمطالبة بأي حق يجب أن تكون وفق القانون وتراعي المصلحة العامة للدولة.اللجوء إلى الشارع* هناك نواب يعتقدون أن اللجوء إلى الشارع هو الحل الأمثل للقضايا فما رأيك في هذا الاعتقاد؟- ما أظن أن أي نائب يؤيد هذا الأمر، أو يرى أن اللجوء إلى الشارع هو الحل الامثل، لأننا في دولة دستورية والنواب يعرفون أن اللجوء إلى الشارع "ولو نزل الـ50 نائبا إلى الشارع" لا يغني عن اتخاذ القرار داخل مبنى البرلمان فهذا محسوم دستوريا، والمشكلة أن النواب خارج البرلمان يريدون كسب الأصوات، وبعضهم يريد أن يطلق عليه لقب بطل سياسي، ثم ينتهي الاجتماع ولا يتحقق شيء لأن القرار لابد أن يُتخذ في البرلمان.الذين يذهبون إلى ساحة الإرادة إذا أتوا إلى البرلمان وهم أقلية فلن يستطيعوا أن يأخذوا قرارا لذا فهم يضربون، هذا ما يحدث.والقرارات تؤخذ برأي الأغلبية لذا فهم يحاولون أن يبرئوا أنفسهم.هناك رأي ورأي آخر، إما أن تتماذج الآراء وتصبح رأيا واحدا، أو أن نقبل ما يتم التوصل إليه في النهاية، لابد أن يتم قبول قضية التصويت، لأن الدستور اتاح فترة للنقاش في أي موضوع ولابد من السماع، على الأقل، لاثنين معارضين واثنين مؤيدين ثم يفتح المجال للنقاش ساعة أو ساعتين أو ثلاثة، وبعد ذلك يغلق النقاش ويتم التصويت، إذن هناك آلية محددة لابد أن تتبع.والتصويت إذا ما قُبِل انتهى الأمر، حتى الأغلبية إذا وافقت على أمر فلابد أن يذهب القرار إلى صاحب السمو وإذا رفضه سموه يرجع القرار إلى البرلمان... إذن هناك آليات لابد أن تُتبع، وينبغي توعية المواطنين بآليات العمل في البرلمان وآليات العمل الديمقراطي، ولا نحجب عنهم الرؤية ونقول لهم ما يقال في ساحة الإرادة فيتوهم البعض أنه في اليوم التالي سيصدر القانون أو القرار وهو ما لا يحدث.• الدستور الكويتي مثال يحتذى في جميع الأوساط السياسية والاقتصادية العربية وتدرس مواده في أغلب الجامعات العربية• الشيخ ناصر المحمد سياسي يمتاز بسعة صدره وصبره على جميع الانتقادات التي توجه إليه• النواب تخطوا جميع المحاذير والخطوط الحمراء بما فيها الخط الأحمر القضائي بعدما هددوا باستجواب وزراء الأسرة* الحراك السياسي أثر في عمل البرلمان فلم يعد يحسم القضايا تحت قبته* الدستور الكويتي لم يعط رأيه في إشهار الأحزاب من عدمه* هناك اختلاف بين العملين الوزاري والبرلماني جعل بعض النواب لا يستطيع الاستمرار في العمل الوزاري* من الملاحظ أن التكتلات السياسية فقدت كثيراً من بريقها السياسي لمصلحة الشارع* خلاف النواب مع الشيخ ناصر شخصي ولم يكن خلافاً سياسياً ذا طابع عملي* ماذا يقصد النواب بتقديمهم الاستجواب تلو الآخر لوزراء الأسرة؟* ليس من المصلحة العامة أن يأتي نائب ويقول إن لدينا سيلاً من الاستجوابات توزع حسب الوقت والأشخاص* للأسف تعدى بعض النواب جميع الخطوط الحمراء بما في ذلك الخط الأحمر القضائي بعد أن قالت المحكمة الدستورية رأيها* المواطن الكويتي البسيط ضحية مَن يتاجر في قضاياه من كوادر وتحسين ظروف معيشية لمكاسب انتخابية* حتى لو تغير الشيخ ناصر فمن يضمن عدم عودة الهرج والمرج السياسي مرة أخرى مع رئيس الوزراء الجديد* أين نواب الكويت السابقون الذين يؤثرون مصلحة الكويت على مصالحها الشخصية والانتخابية* جميع أطروحات مشروعات التنمية كل تتحول إلى قوانين سياسية* هناك مجموعة كبيرة من المواطنين لا تهتم بالجانب السياسي* لا توجد لدينا مراكز متخصصة لقياس الرأي العام* لابد من قانون ينظم الإضرابات والاعتصامات كما في الدول المتقدمة