محمد السعيد: القلق جوهر الاختيار والحرية

نشر في 08-02-2012 | 00:02
آخر تحديث 08-02-2012 | 00:02
No Image Caption
حاضر في مكتبة آفاق عن اللامعنى كقيمة في الإبداع

خلال نشاطها الأسبوعي، ناقشت ورشة السهروردي أفكاراً فلسفية متنوعة، مستعرضة نماذج شهدت جدلاً فكرياً.

أكد الكاتب محمد السعيد أن القلق جوهر الاختيار والحرية، لأنه تعبير عن انزلاق الوجود الواقعي إلى هوة العدم.

جاء ذلك، خلال محاضرة ثقافية نظمتها ورشة السهروردي في مكتبة آفاق الفلسفية تمحورت حول اللامعنى كقيمة في الأدب والتشكيل، حاضر فيها الكاتب محمد السعيد.

وأكد السعيد ضرورة رصد المؤلف الضمني في رواية «عائشة تنزل إلى العالم السفلي» للروائية بثينة العيسى، مركزاً على أهمية البعدين الوجودي والنفسي التحليلي في العمل، مستعرضاً بعض العلوم الفلسفية خلال القرون السابقة، مستشهداً بفلسفة هيغل بشأن بعض المبادئ الوجودية التي شهدت سجالا فكريا، إذ اعترض بعض الفلاسفة ومنهم سورين كيركارد وفريدرك نيتشه.

ثم انتقل إلى الحديث عن بروز جماعة «الفوضويون» الذين تبنوا أفكار هيغل لكن بشكل مقلوب، مشيراً إلى ظهور المدرسة التعبيرية في ألمانيا، مركزة على المشاعر أو العواطف والحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء أو الأحداث في نفس الفنان.

هوة العدم

وشدد السعيد على أن القلق هو التجربة التي تكشف العدم، لأنه تعبير عن انزلاق الوجود الواقعي إلى هوة العدم، معتبراً أن القلق لا هوية له، فهو تجربة فريدة لأنها تدعو الفرد إلى انتشال الوجود من الحشد، وتردنا إلى وجودنا الأصيل.

وبين أن القلق جوهر الاختيار والحرية، لذلك هو ضروري للإنسان حتى ينتبه إلى حقيقة الوجود، لاسيما أن الإنسان يميل إلى الفرار من العدم، والقلق يتكفل بإخراج النفس من خيانتها لنفسها فتكون محاولة الهرب من القلق مجرد عودة إلى الاغتراب، مستعرضا مثالاً على ذلك.

ورأى أن معايشة القلق تقتضي الشجاعة للخروج من حالة النسيان والانفصال والفقدان، وحتما سيتغلب على هذا الوضع والرجل القوي هو الذي يتحمل الصراع، بينما من لا يتحمله سيقبع في الأسفل.

نداء الضمير

واستطرد السعيد متحدثاً عن صوت الضمير، مشيرا الى تعلم الإنسان وممارسته فن الإنصات وفن الحوار، مبيناً أن صوت الضمير ليس قالباً أخلاقياً بل هو العملية التي تستخلص بها الذات ذاتها من الحشد، في الضمير تدع النفس نفسها تتجاوز الوقائعية التي هي عليها إلى شكل غير مغترب.

وذكر أن الضمير هو نداء النفس لنفسها من الخسران إلى الأصالة، وبذلك يكون هو السبيل إلى الخروج من الاغتراب إلى التكامل، وهنا يكون الضمير حدثاً وصراعاً وانتزاعاً، نظراً لأن الوجود الإنساني يفقد الحشد فإنه يجب أن يجد نفسه أولا.

وأضاف: «ان نداء الضمير له خاصية الاستجابة للوجود الإنساني بدعوته إلى إمكانيته القصوى تجاه الوجود ذاته، فإن الضمير وهو يخرج الإنسان من وجوده الجزئي ويعرضه للعدم والموت ويجعله إنسان المصير يعني أن يصبح أيضاً إنسان التاريخ».

ماهية الحقيقة

وفي حديث عن حقيقة الوجود وماهيته، يشير إلى أن التاريخيين هم أصحاب التجاوز والتخطي كاشفين عن حقيقة الوجود، لأن الطبيعة بلا تاريخ، بينما يوجد التاريخ بعد تقرير ماهية الحقيقة بأصالة، فالتاريخ لا يتحقق إلا بعودة الإنسان إلى وطنه وسكنه في بيته الماهية الباطنية القصوى للسكن هي مصير العناية أو التاريخ.

واعتبر التفكير الحق هو الذي يستعيد الجوهري ويدعو الإنسان إلى إنسانيته، فهو صيرورة تخرجنا من التشيؤ ومن الانحباس في قبضة الأشياء لنصل إلى الاكتمال، مبينا أن التفكير نطق بلسان حال الوجود، وليس مجرد تعبير يستدرج الفكرة إلى شبكة اللغة.

وتابع ان الوجود يفكر فينا وبنا أو هو يتعقل ذاته من خلال لغتنا نفسها، والإنسان هو الوجود الأوحد الذي يبدو مكان الوجود العام، مضيفا ان التفكير هو الالتزام بالوجود من أجل الوجود وهو يعلمنا كيف نسكن حقاً في الوجود.

عقب ذلك، استعرض السعيد بعض الأعمال الفنية التشكيلية معلقاً على محتواها، موضحا أن هذه النوعية من الأعمال تركز على الانتقال من سديمية العدم إلى اشراقة الوجود، وأثناء هذا الحوار التشكيلي أثار الحضور مجموعة استفسارات عن محتوى اللوحات، تطرقت إلى مكونات العمل الفني وتساءلت عن الظروف التي واكبت ظهور هذا النتاج البصري.

back to top