الممثلون السوريون بين سندان الثورة ومطرقة النظام
هجرة قسرية، مواقف متناقضة من الثورة، تعرض للاعتداء والتهديد، مقاطعة، اعتقال، لوائح عار ولوائح شرف ... هكذا يمكن وصف حال الفنان السوري في ظل الثورة التي تعصف بهذا البلد، ما أثر بشكل سلبي على الدراما السورية التي تعاني أزمة حقيقية في ظل توقف عجلة التصوير، بعدما نجحت في وقت من الأوقات في فرض نفسها رقماً صعباً في الدراما العربية. يقيم الفنان جمال سليمان في القاهرة ويصوّر مسلسلاً سيعرض على شاشة رمضان المقبل، بدوره يتوجه الممثل عابد فهد إلى القاهرة حيث تنتظره أعمال فنية، وانتقل الأخوان محمد وأحمد ملص إلى بيروت فور إطلاق السلطات السورية سراحهما بعد اعتقالهما أياماً عدة ومنها سافرا إلى القاهرة.
بدوره يصوّر الفنان تيم حسن مسلسل «الصقر شاهين» في مصر على أن يعرض على شاشة رمضان 2012، وتتنقل الفنانة سوزان نجم الدين بين سورية والولايات المتحدة الأميركية، مقر عمل زوجها الذي انتقل إليها أخيراً. ثمة إشاعات تتحدث عن طلاق سوزان نجم الدين من زوجها بسبب موقفها المساند للنظام السوري فيما يؤيد زوجها الثورة الأمر الذي دفعه إلى الهجرة، لكن سوزان نفت ذلك جملة وتفصيلا. أما الممثلة مي سكاف فسافرت إلى موسكو، فور إطلاق السلطات السورية سراحها بعد ملاحقتها واحتجازها.مقاطعة وتهديديواجه الفنان خالد تاجا، الذي شارك في مسيرة منددة بالنظام، مقاطعة فنية، كذلك الأمر بالنسبة إلى الممثلة كنده علوش التي مُنعت من المشاركة في الدراما السورية، بعد تصريحاتها بأنها ضد آلة القتل من دون أن تذكر صراحة أنها ضد النظام، لكنها، على عكس تاجا، انطلقت بسرعة الصاروخ في مصر وتشارك في أعمال فنية، فيما لن يستطيع تاجا إيجاد فرصة عمل إلا بعد معرفة مصير الثورة.بدورهما يتعرّض الفنانان دريد لحام ورغدة لحرب شعواء من الثوار الذين وضعوهما في رأس قائمة العار السورية لأنهما ساندا النظام بقوة، بخاصة رغدة التي تتهم الفضائيات العربية بفبركة مشاهد مريعة للقمع في سورية وبثّها، وتؤكد أن تقنية الغرافيك تخوّل المرء تركيب صور كما يحلو له، كذلك الحال بالنسبة إلى الفنانة سلاف فواخرجي التي اعلنت مراراً تأييدها للنظام، مع ذلك تبحث الممثلتان عن عمل خارج سورية، فرغدة، التي تعيش في مصر في شبه اعتزال منذ فترة طويلة، تحاول العودة إلى الساحة الفنية، وتسعى الممثلة سلاف فواخرجي بدورها إلى الحصول على دور في الدراما المصرية.ذاقت الفنانة أصالة الأمرين من ملاحقة أنصار النظام لها وتلقيها تهديدات يومية على هاتفها المحمول، على الرغم من وجودها في القاهرة، فاضطرت إلى التراجع بعض الشيء عن تأييدها للثوار وعن تقديم أغنية مهداة إليهم.في المقابل تؤيد الفنانة شهد برمدا النظام بخاصة أن الشركة المنتجة لأعمالها هي «نينار للانتاج الفني» التي يملكها رامي مخلوف، رجل الاعمال الأغنى والأشهر في سورية وإبن خال الرئيس بشار الأسد. شارك الفنان عباس النوري في جلستي الحوار الوحيدتين اللتين عقدتا بين النظام والمعارضة، ووقف في الوسط إلا أنه عاد وأيد النظام بشكل مطلق، وأكد أن ما يجري في سورية هو مؤامرة ولا يتجاوز عدد المتظاهرين المئات.ترفض الممثلتان نسرين طافش وجومانة مراد الإدلاء بأي تصريح صحافي يتعلق بما يدور في سورية بحجة أنهما لا تفهمان في السياسة.أما الممثلة تولاي هارون فترجمت تأييدها للنظام السوري عندما شاركت في الاعتصام أمام السفارة الأميركية احتجاجاً على زيارة السفير الأميركي إلى حماة ورشقت السفارة بالطماطم.في المقابل ساندت الفنانة الكبيرة منى واصف الثوار، على الرغم من منحها وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة من الرئيس السوري الذي استقبلها في قصر المهاجرين وقلدها الوسام بنفسه، وعلى أثر موقفها هذا طالبت شركات إنتاج سورية بسحب الوسام منها بحجة أنها ناكرة للجميل، في طليعتها: شركة «نجدت أنزور للانتاج الفني»، شركة «عاج للانتاج الفني»، شركة «غزال للانتاج الفني»، شركة «سورية الدولية للانتاج الفني» التي تعتبر من أكبر الشركات والأكثر تأثيراً على عجلة الإنتاج في سورية.مستقبل غامضلا شك في أن مواقف الفنانين السوريين المختلفة قد تؤثر على مستقبلهم الفني، ففي حال استطاع الرئيس حافظ الأسد كبح جماح الثورة يكون قد حكم على الفنانين الذين ساندوا الثورة بالإعدام، بخاصة أن المقاطعة هي الطريقة التي يتبعها النظام ضد من أيد الثورة في بدايتها في وقت لم تكن عجلة الإنتاج قد تعثرت بعد.أما في حال انتصار الثورة، فيكون أمام دريد لحام، الذي اطلق عليه الثوار لقب بوق السلطة، ورشيد عساف وغيرهما من الفنانين الذين ساندوا النظام، خيارين لا ثالث لهما، إما اعتزال الفن أو الاعتذار إلى الثوار أو الاعلان أنهم غرر بهم، مثل فنانين مصريين سارعوا، بعد انتصار الثورة، إلى الاعتذار من الثوار والادعاء أنهم وقعوا ضحية الإعلام الذي صور الثوار بأنهم قلة مندسّة، وهي اللعبة نفسها التي يلعبها الإعلام الرسمي السوري الذي يصوّر الثوار أنهم مجموعة من الإرهابيين.الفنانون السوريون هم الوحيدون من بين زملائهم في العالم العربي الذين تعرضوا للبطش من السلطة. صحيح أن ثمة فنانين في مصر تعرضوا للاعتداء في ميدان التحرير ولكن السلطة نفسها لم تتعرض لأي فنان أيّد الثورة، فيما تعرّض الفنان السوري سلوم حداد إلى إطلاق النار على سيارته على طريق دمشق –حلب، من ثم تعرّض إلى اعتداء بالضرب خلال وجوده في أحد المقاهي في دمشق التي يتردد عليها الفنانون السوريون.