غطاء روسي صيني لنظام الأسد!

نشر في 06-02-2012 | 00:01
آخر تحديث 06-02-2012 | 00:01
No Image Caption
لا شك أن روسيا والصين ستستعملان- دعماً للنظام السوري- حق النقض في مجلس الأمن ضد أي قرار يدعو إلى التدخل المسلح وتشديد العقوبات الاقتصادية، فيظن البلدان أن الجهات الغربية وقوات حلف الأطلسي خدعتهما في السنة الماضية في ما يخص تنفيذ القرار رقم 1973 الذي كان يهدف إلى الدفاع عن المدنيين الليبيين.

صعّدت الدول العربية الخليجية، بقيادة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، انتقاداتها بحق النظام السوري وعلّقت مهمّة المراقبين التابعين لجامعة الدول العربية في سورية، ويبدو أن هذه الدول تفضل صدور قرار من الأمم المتحدة للدفاع عن خيار التدخل العسكري، لكن من المستبعد أن يتحقق أي تقدم في هذا الصدد.

تزامناً مع ارتفاع حصيلة القتلى وتجاوزها عتبة الستة آلاف سوري، حان الوقت كي يتقبّل الجميع فكرة استمرار المراوحة لفترة مطوّلة. على عكس عمليات إسقاط أنظمة عربية أخرى بوتيرة سريعة وجذرية، ستستمر الأزمة السورية؛ لأن الشكوك والانقسامات السائدة بين القوى العالمية ستعزز جمود الوضع لفترة من الزمن. لا شك أن روسيا والصين ستستعملان- دعماً للنظام السوري- حق النقض في مجلس الأمن ضد أي قرار يدعو إلى التدخل المسلح وتشديد العقوبات الاقتصادية، فيظن البلدان أن الجهات الغربية وقوات حلف الأطلسي خدعتهما في السنة الماضية في ما يخص تنفيذ القرار رقم 1973 الذي كان يهدف إلى الدفاع عن المدنيين الليبيين لكنه أدى في نهاية المطاف إلى إسقاط نظام القذافي، فترفض القوتان الاقتصاديتان الناشئتان تمكين الدول الغربية من تأدية دورها التقليدي، وهما ترفضان استعمال الأمم المتحدة كأداة لتشريع مصالح السياسة الخارجية الأميركية والأوروبية.

من المعروف أن القرار المتعلق بالشأن السوري يرتبط بالملف الإيراني أيضاً، فتصر الحكومات الغربية على تشديد عقوبات الأمم المتحدة لإعاقة برنامج إيران النووي المزعوم، لكن سيرفض الروس والصينيون حتماً الموافقة على هذه المقاربة لأنها تهدد روابطهم العسكرية والاقتصادية مع إيران.

فضلاً عن ذلك، تعتبر هاتان الدولتان أن قرارات الأمم المتحدة المقترحة بشأن سورية وإيران هي مناورة لها هدف غربي مشترك: تغيير الأنظمة في أنحاء المنطقة.

في الوقت نفسه، يتماشى الدعم الروسي والصيني للسوريين مع خطابهم الغريب الذي يفسر السبب الرئيسي لنشوء المعارضة المحلية في شوارع موسكو والتيبت: "القوى الغربية تروّج لهذه الأفكار وتوزع الأموال لحركات التمرد، ما يؤدي إلى نشوء ظاهرة إرهابية واحتجاجات مدعومة من الخارج".

لا يتوانى الرئيس السوري بشار الأسد عن تكرار هذه العبارة المألوفة، إذ يُعتبر دعم حق المحتجين بالتظاهر بمنزلة تدخل خارجي يمسّ سيادة هذه الدول. بسبب الأزمة الاقتصادية تراجع نفوذ القوى الغربية، ويدرك الروس والصينيون هذا الواقع جيداً، فلا شك أن الرغبة في شن حرب جديدة ستتضاءل بسبب الضغوط المالية التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك، يواجه باراك أوباما ونيكولا ساركوزي (هما من أبرز المساهمين في قوات حلف الأطلسي) استحقاقاً انتخابياً صعباً في عام 2012، ولم تنجح ادعاءاتهما التي تؤكد فاعلية السياسة الخارجية في تخفيف حدة الانتقادات المحلية لسياساتهما الاقتصادية.

كذلك، ستشهد روسيا والصين تغييرات في قيادتهما هذه السنة، ومن المعروف أن الرئيسين المرتقبين (فلاديمير بوتين وشي جين بينغ) متشددان في مواقفهما وسيرفضان حتماً أي تسوية تخدم المصالح الغربية في الأمم المتحدة. تصر الدول الخليجية على معارضة الأسد في الأمم المتحدة، لكن من المعروف أن بعض تلك الدول الصغيرة لا تملك أي جيوش مهمة. يتألف الجيش القطري مثلاً من 11 ألف عنصر لكن ينشط 70% منهم بقيادة أشخاص غير قطريين، وعندما قمعت البحرين انتفاضتها المحلية في السنة الماضية، احتاجت الدول الخليجية إلى الاستعانة بالمرتزقة لتدعيم القوات السعودية وإنجاز المهمة، أما البلدان العربية التي تملك أضخم الجيوش (مصر والعراق وليبيا)، فهي لا تبدي أي اهتمام بمساعدة المعارضة السورية لأنها لم تحصد بعد ثمار نجاحها في تغيير أنظمتها.

تتزايد أصوات المعارضين السوريين الذين يدعون المجتمع الدولي إلى التدخل. ربما تتعاطف الدول الخليجية والحكومات الغربية مع الأزمة السورية، لكن لسوء الحظ ستستمر المأساة السورية في ظل الجمود السياسي والعسكري الذي يسيطر على الوضع، وبسبب هذه المواقف، سيشعر سكان حماة ودرعا وحمص وإدلب بأنهم متروكون، إذ لا يمكن أن يفهموا أن الوضع الراهن يشير إلى حصول تحول في الكفة الاقتصادية والسياسية العالمية التي بدأت تميل إلى دول أخرى بعد أن كان الغرب يهيمن على الساحة الدولية.

back to top