كيف تستعيد عافيتك بعد التخدير؟
في الماضي، كان المريض يخشى عدم الاستيقاظ بعد التخدير العام. أما اليوم، فهو يخشى الشعور بالانزعاج بعد استيقاظه. لكن من خلال الاستعداد الجيد لهذه المرحلة، يمكن تجنب المشاكل الصغيرة.تتعلق الخطوة الأساسية في مواجهة الانزعاج باستشارة الطبيب قبل الخضوع للجراحة والتخدير. خلال هذا النوع من الاستشارات، قد يستغل المريض الفرصة للتحدث عن المشاكل التي واجهته خلال الجراحات السابقة: توتر، غثيان، صعوبة في التنفس... تتيح هذه المعلومات برمجة الجرعات أو العلاجات بدقة أكبر لتجنب هذه المشاكل.
يمكن أن يتناول المريض الذي يشعر بالغثيان مثلاً أدوية لمكافحة الغثيان عند الاستيقاظ من الجراحة. خلال هذه الاستشارة الطبية التي تسبق الجراحة، يجب أن يذكر المريض أيضاً أنواع الحساسية التي يعانيها إذا وُجدت، فضلاً عن العلاجات الطبية السابقة والراهنة. ويجب ألا يتردد المريض في طرح الأسئلة التي تخطر على باله والتحدث عن مخاوفه.راحة قصوى يوم الجراحةلا بد من إقامة رابط من الثقة بين الطبيب والمريض. يساهم ذلك في تقليص حجم الضغط النفسي قبل الجراحة وبعدها، بالتالي تتراجع نسبة الإرهاق العاطفي. تتعدد الخطوات المفيدة التي يمكن اتباعها قبل بضعة أيام من التخدير للشعور بالراحة والاسترخاء، منها أخذ قيلولة طويلة يومياً، والنوم السليم، وممارسة المشي، وجلسات اليوغا والتدليك... كذلك يجب اتباع إرشادات الطبيب كافة، أبرزها عدم تناول عشاء دسم قبل الجراحة بيوم والامتناع عن التدخين قبل 24 ساعة على الأقل من الجراحة، ذلك للحد من الإفرازات في مجرى التنفس وتجنب السعال عند الاستيقاظ. لكن من الأفضل الامتناع عن التدخين قبل أربعة أو ستة أسابيع من الجراحة.مصادر الانزعاج في غرفة الإنعاش لا شك في أن المريض يخضع لمراقبة طبية شديدة، لكن لا يمنعه ذلك من ذكر ما يزعجه أو يقلقه بعد أن يستيقظ من التخدير. هل يشعر بالتوتر أو بالألم؟ سابقاً، كانت المشاكل تتعلق برد فعل الجسم تجاه المنتجات المستعملة. اليوم، تعود هذه الحالات عموماً إلى الضغط النفسي الناجم عن الصعوبة في التنفس أو عدم تلقي علاج كافٍ لتسكين الألم أو الشعور بالبرد. لكن لا داعي للقلق، إذ يراقب الأطباء إيقاع التنفس عن كثب. لكن إذا شعر المريض بالألم أو بدأ يرتجف، يجب إبلاغ الطبيب بذلك كي يزيد جرعة المسكنات أو يغطّيه ليشعر بالدفء.على صعيد آخر، أصبحت حالة الغثيان أقل شيوعاً اليوم. لكن إذا حصل ذلك، يتناول المريض دواء ضد التقيؤ. بعد التخدير، قد يتفوه المريض بأمور غريبة بسبب بعض أنواع المواد المخدِّرة. لا داعي للذعر، إذ لا يعني ذلك أنه بدأ يفقد صوابه. سرعان ما تعود الأمور إلى نصابها بعد تخلص الجسم من تلك المواد خلال الدقائق أو الساعات التالية.استعادة الحياة الطبيعيةما إن يشعر المريض بالتحسن، يوصي الأطباء بأن يعود إلى حياته الطبيعية في أسرع وقت ممكن. لكن لا يمكن تحقيق ذلك في جميع الحالات، لا سيما بعد الخضوع لجلسة تخدير طويلة. يستلزم النوم والاستيقاظ بطريقة اصطناعية جهداً كبيراً من الجسم، ويعود ذلك إلى الضغط النفسي الذي يصيبه وإلى إفراز الهرمونات الناجمة عن تلك الحالة. لذا قد يعاني المريض من الأرق خلال فترة معينة بعد الجراحة لأن مواد التخدير تؤدي إلى إضعاف الدفاعات المناعية، ويتعب الجسم وهو يحارب الاعتداءات الخارجية. أضف إلى ذلك أن الجراحة نفسها تسبب صدمة جسدية ونفسية مرهِقة، ولا ننسى تأثير سببها الأصلي (مرض، حادث...) على المريض. أخيراً، يتوقف كل شيء على حالة المريض العامة، فقد يُصاب المرضى المتشائمون بالاكتئاب بعد الجراحة. باختصار، يجب منح الجسم الوقت الكافي لاستعادة نمط حياته الطبيعية.ربما يشعر البعض بصداع نصفي حاد، لكن لا علاقة لذلك بالتخدير، بل بالإرهاق أو الحرمان من الكافيين إذا كان الجسم معتاداً على استهلاك هذه المادة. يكفي تناول بعض المسكنات في الحالات العادية.غالباً، تختفي هذه المشاكل العابرة خلال شهر. لكن عند الأشخاص فوق الستين عاماً، تدوم هذه العوارض لفترة أطول وتكون أكثر شيوعاً، لكنها لا تتجاوز مدة السنة عموماً إلا في حال الخضوع لجراحة في الدماغ أو القلب لساعات طويلة. أفضل ما يمكن فعله هو تحفيز الدماغ عبر القراءة مثلاً لتجنب فقدان الذاكرة أو أي خلل دماغي آخر.